الإعجاز وهو مصدر أعجز ، يقال أعجزه فلان أي جعله عاجزاً غير قادر عليه ، أو على مواجهته ، ومنه المعجزة التي هي : أمر خارق للعادة يظهره الله تعالى على يد نبي تأييداً لنبوته ، وعبّر جمع عنها بأنها : أمر خارق للعادة مقرون بالتحدي مع عدم المعارضة .
والمقصود بالإعجاز الاقتصادي هو أن يتضمن القرآن الكريم أو السنة المشرفة ( منفردين أو مجتمعين) حقائق اقتصادية في المال والأنشطة الاقتصادية والتخطيط الاقتصادي يعجز العقل البشري أن يصل إليها في عصر الرسالة ، أو أن يتضمن القرآن الكريم أو السنة المشرفة (منفردين أو مجتمعين) حقائق اقتصادية في المال والأنشطة الاقتصادية، والتخطيط الاقتصادي يعجز العقل البشري أن يصل إليها في عصر الرسالة ، أو أن يتضمنا أخباراً غيبية في عصر الرسالة تحققت في عصرنا الحاضر ، مثل الاخبار عن الربا بأنه محق ، وعن الصدقات بأنها زيادة .
كيفية شمول الإعجاز القرآني للإعجاز الاقتصادي
حينما تتدبر الآيات التي وردت في الإعجاز ، والتحدي بالقرآن العظيم نجد ان هذا التحدي ليس موجهاً إلى العرب فحسب ، ولا إلى الإنسان فقط بل إلى الجن والانس ، مما يشعرنا بأن هذا التحدي بوجوه تعجز هؤلاء جميعاً فقال تعالى : (قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً ) كما خاطب جميع المخاطبين به أيضاً فقال تعالى : (وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ) فهذه الآية جاءت مباشرة بعد قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) مما يدل على أن المخاطب به هو جميع الناس ، ثم تضمنت الآية نفسها أن يدعوا شهداءهم من الجن ليأتوا بسورة واحدة مثل القرآن الكريم .
إذن فالإعجاز والتحدي بالقرآن الكريم لجميع من طولبوا بالإيمان به ، وهم جميع الإنس والجان ، ففي ضوء ذلك تكون وجوه الإعجاز والتحدي شاملة لهم جميعاً ومحققة ذلك على علم وبصيرة .
والمقصود بالتحدي والاعجاز هو أن يتضمن القرآن الكريم من وجوه الإعجاز ما تعجز عنه العرب وغير العرب من الشعوب والأقوام ، وكذلك ما يعجز عنه العلماء وعامة الناس.
ومن جانب آخر فإن القرآن الكريم استعمل في جميع آيات الإعجاز والتحدي لفظ ( المثل ) دون تحديده بالإعجاز البياني والبلاغي فقال تعالى : (أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لَّا يُؤْمِنُونَ فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ ) حيث تحداهم بحديث مثل القرآن الكريم في البيان والفصاحة والبلاغة ، وفي بيان الغيبيات السابقة واللاحقة ، وفي التشريع والأخلاق والمعاني وفي الإعجاز العلمي والاقتصادي ، إلى آخر ما تتحمله هذه الكلمة من معان ومفاهيم ودلالات ومبادئ وقواعد لرسم الحياة الطيبة وسعادة الدنيا والآخرة .
وقد ذكر الله الله ذلك في بقية الآيات الخاصة بالتحدي بالقرآن كله أو بعضه ، فقال تعالى : (قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً ) وقال تعالى : ( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أُنزِلِ بِعِلْمِ اللّهِ وَأَن لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ) وقال تعالى : (وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) وقال تعالى : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) .
فقد رأينا أن التحدي بمثل القرآن كله ، أو بعشر سور من مثله ، أو بسورة واحدة من مثله ، وذلك دون تحديد ولا تقييد ولا تخصيص حتى يشمل كلّ ما في القرآن الكريم : لفظه ومعناه وأسلوبه ومبْناه …الخ .
كيفية الإعجاز الاقتصادي :
يتحقق الإعجاز الاقتصادي من خلال إبراز الجوانب الآتية :
الجانب الأول : الجانب العلمي والتنظيري ، بحيث أثبت القرآن الكريم أو السنة المطهرة مجموعة من المبادئ والقواعد العامة والمعلومات الدقيقة حول إدارة الثروة إدارة رشيدة لم يُسبق بها ، ولم تصل إليها النظريات الحديثة .
الجانب الثاني : الجانب الغيبي المتعلق بالاقتصاد ومحق الربا .
الجانب الثالث : التخطيط الإداري الاقتصادي كما في قصة يوسف عليه السلام .
الجانب الرابع : ما يتعلق بالتطبيقات العملية والتطبيقية من خلال العقود المنظمة للأنشطة الاقتصادية ، أو النظريات العملية الناجحة، ومن أهمها على الاطلاق فريضة الزكاة التي استهدفت تحقيق التكافل .
هذه هي النظرة الشمولية للإعجاز الاقتصادي ، ولكن طبيعة البحث لا تسمح بهذا التوسع ، ولذلك سنقتصر على بعض النقاط الجوهرية .
الحل المعجز في النظام الاقتصادي الاسلامي :
أمام فشل النظامين الدوليين – كما يراه العالم – نجد أن النظام الاقتصادي الاسلامي قد تفادى كل هذه العيوب الجوهرية والعملية ، وأعتقد أن الصيغة المناسبة في هذه المسألة هي ( الشفاء ) الذي يدل على أن علاجه منضبط متوازن ، ومتواز ، لا تترتب عليه آثار جانبية على عكس ( العلاج ) الذي قد يترتب عليه بعض الآثار الجانبية التي تظهر مخاطرها فيما ، وقد تكون أكثر ضرراً وخطراً من أصل المرض السابق ، وهذا ما حدث فعلاً حيث إن الرأسمالية الحرة حينما طغت ترتب عليها رد فعل عنيف أكثر ضرراً ، وهو الفكر الشيوعي الذي طبق على أشلاء الدكتاتورية الظالمة وهكذا .