يتابع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ببالغ القلق ما يحدث في ليبيا من استعمال الأسلحة الحية بل والأسلحة المتطورة التي تستعمل ضد المتظاهرين، وتوجه إلى صدورهم العارية، حيث نتج عنها استشهاد المئات، وجرح الآلاف من المسالمين العزل.
والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين برئيسه ومجلس أمنائه، وأمانته العامة وأعضائه يرى ما يأتي :
1- يؤيد الاتحاد العالمي مطالب الشعب الليبي ويقف معها، منددًا بالأعمال الإجرامية التي وجهت ضد المتظاهرين الذين سقط منهم مئات الشهداء وآلاف الجرحى بالأسلحة الحية، والمتطورة وعن طريق المرتزقة، مترحمًا على الشهداء بأن يكتب لهم أجر الشهادة، وللجرحى بأن يشفيهم.
2- ويحذر الاتحاد أشد التحذير من إراقة الدماء البريئة التي تراق بكل بساطة ودون أي اعتبار لحرمتها وخطورتها، مذكرًا المجرمين بالعواقب التي بينها الله تعالى، لهؤلاء المجرمين، وسجلها التاريخ الإنساني فقال تعالى: {أنه من قتل نفسًا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعًا} [المائدة: 32]. وقال تعالى: {ومن يقتل مؤمنًا متعمدًا فجزاؤه جهنم خالدًا فيها وغضب الله عليه ولعنه، وأعد له عذابًا عظيمًا} [النساء: 93]. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “لن يزال المؤمن في فُسحة من دينه ما لم يُصب دمًا حرامًا”. وقال ابن عمر: “إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حلّه” (رواه البخاري وغيره).
بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: “لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم” (رواه مسلم وغيره). وقد بين الله تعالى أن مصير الظلمة والقتلة إلى الهلكة والزوال، فقال تعالى: {ألم تر كيف فعل ربك بعاد، إرم ذات العماد، التي لم يخلق مثلها في البلاد، وثمود الذين جابوا الصخر بالواد، وفرعون ذي الأوتاد، الذين طغوا في البلاد، فأكثروا فيها الفساد، فصب عليهم ربك سوط عذاب، إن ربك لبالمرصاد…} [الفجر: 6-14]. وأن التاريخ الإنساني شاهد على أن للظلم وإن كانت له صولات ولكنها إلى الزوال والهلاك وأنه {ما للظالمين من نصير} [الحج: 71].
3- يدعو الاتحاد الجيش الليبي وقوات الأمن الشرفاء إلى وقف هذه المظالم، وحقن إراقة الدماء، وإلى حماية الشعب من الظلم والطغيان، فهم من الشعب ولأمن الشعب، وأن من حق الشعب عليهم حمايتهم من الظلم والاعتداء.
4- يدعو الاتحاد النظام الليبي إلى أن يتقي الله تعالى في هذا الشعب الذي يحكمه منذ أكثر من أربعة عقود، ويترك لهم المجال لاختيار تقرير مصيرهم بأنفسهم، والقيام بالإصلاحات الجذرية المطلوبة، ويدعو الاتحاد أيضًا إلى إطلاق سراح المعتقلين وبخاصة سماحة العلامة الشيخ صادق الغرياني فورًا، ويُحمِّل النظام مسئولية الحفاظ على حياته وأمنه.
5- يدعو الاتحاد الجماهير المحتجة إلى الصبر والثبات على المبادئ، وعلى الحفاظ على سلمية التظاهر، وعلى الأموال العامة والخاصة، والابتعاد كليًا عن إراقة الدماء البريئة، وأن يُظهروا للعالم القيم الإسلامية والحضارية كما كان عليها إخوانهم بمصر، وأن تكونوا على يقين بأن الله معكم وينصركم ما دمتم مع الله تعالى {إن ينصركم الله فلا غالب لكم}.
6- يدعو الاتحاد الدول العربية والإسلامية ودول العالم الحر، ومؤسسات المجتمع المدني وجميع الشرفاء بالعالم للوقوف مع حق الشعب الليبي في التظاهر السلمي والمطالبة بحقوقه، وإلى حمايتهم بكل الوسائل المشروعة، فما يُرى من استعمال العنف المفرط والأسلحة المتطورة ضد هؤلاء المتظاهرين المسالمين متناقض مع كل القيم السماوية، والقوانين والأعراف الدولية والإنسانية بل هو داخل في جرائم الحرب المحظورة.
7- يدعو الاتحاد الشعب الليبي إلى الوحدة الوطنية الجامعة، والاعتصام بحبل الله المتين ويحذر أشد التحذير من أي دعوة قبلية، أو حزبية، تفرِّق ولا تجمع وتؤثر في لحمة الشعب وسداه، حتى يُفوّت ما يُخوّف البعض من حرب أهلية وقبلية.
والله نسأل أن يحفظ الشعب الليبي من جميع الفتن ويحقق لهم ما يريدونه من خير وصلاح.
والله المستعان.
الأمين العام: أ.د. علي القره داغي.
رئيس الاتحاد: أ.د. يوسف القرضاوي.