السؤال الأول :
نود التحدث عن (حقوق) المخنثين في المجتمع الإسلامي، ماذا تقولون عن
حقوقهم – وواجباتهم- بالمفهوم الشرعي؟
الجواب :
قبل أن أخوض في الجواب أود أن أوضح أن هناك فرقاًَ في العرف والشرع بين الخنثى ،
والمخنث .
فالخنثى هو الذي لا يخلص لذكر ولا أنثى ، أو الذي له ما للرجال والنساء معاً ،
وفي الاصطلاح الفقهي : من ليست ذكورته واضحة محددة ، ولا أنوثته .
وأما المخنث في العرف والشرع : فهو الذي يشبه المرأة في اللين والكلام والنظر
والحركة ، ونحو ذلك .
والمخنث ضربان :
أحدهما : من كان ذلك خلقه دون محاولة منه للتغيير ، أي هكذا خلقه الله
تعالى ، فصوته ناعم وهكذا حركاته .
فهذا النوع إن لم يكن فيه تصنع منه وتميع ، وإنما كان ذلك خلقته مع محاولة
التغيير بقدر إمكانه ، فلا حرج فيه ، وإلاّ فيكون آثماً .
الثاني : من لم يكن خلقه هكذا ، ولكن يحاول التشبه بالنساء لأي سبب من
الأسباب ، فهذا آثم ، بل ملعون بنص الحديث الشريف ، كما أن المتشبهة من النساء
بالرجال ملعونة ، فقد ورد في حديث صحيح ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : ( لعن رسول
الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء ، والمتشبهات من النساء
بالرجال ) رواه البخاري وغيره ، بل إن الحديث الصحيح ينص على لعن المخنثين ، فقال
ابن عباس : (لعن رسول الله المخنثين من الرجال ، والمترجلات من النساء ) رواه
البخاري وغيره ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( لعن رسول الله صلى الله عليه
وسلم : الرجل يلبس لبسة المرأة ، والمرأة تلبس لبسة الرجال ) رواه ابو داود باسناد
صحيح .
وعلى ضوء ذلك فإن المخنث في عرف الشرع هو الذي يتشبه بالنساء ، كما أن المترجلة
عكس ذلك ، وهما مما تأباه الفطرة الصحيحة ، والعقول السليمة ، وهو تغيير متعمد
للفطرة السلمية ، وبذلك يكون من عمل الشيطان الذي وعد بأنه يغير خلق الله وفطرته ،
وأن الفجار يطيعونه حيث قال تعالى حكاية عنه : (…..فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ
اللَّهِ.…) .
ويطلق المخنث على من يعمل عمل قوم لوط ، فيكون أكثر إثماً وفاحشة ، ويستحق لعناً
أكبر ، وكذلك يطلق المخنث على من يسوق الفاحشة من الزنا واللواط ، فيكون دليلاً
وسيطاً بين الفاعل والمفعول ، والزاني والزانية ، وهذا قد لعن في أكثر من حديث ،
واثمه أكبر عند الله تعالى .
السؤال الثاني :
هل توجد أحكام فقهية تتعلق بالخنوثة ؟ و ما حق الجنس الثالث في الميراث؟ ، وما
هو الحكم الشرعي من عمليات تحويل الجنس .
الجواب :
الخنثى وأحكامه في الشريعة الغراء :
فالخنثى بالمعني الذي ذكرناه ، معذور مبتلى ، ولذلك فله الأجر والثواب على
ابتلائه ان صبر ، وله الحق شرعاً أن يحول نفسه إلى الجنس الأقرب من حيث الصفات
الأكثر شبهاً به ، فإن كانت ذكورته أكثر وأقوى فله الحق في إجراء عملية ليصبح ذكراً
، وإن كانت انوثته أكثر ، وأقوى فله الحق في إجراء عملية جراحية لتتحول إلى أنثى
خالصة .
والمرجع في ذلك هو أهل الخبرة من الأطباء ، وإن كان الأمران في نفس المستوى فيرجع
أيضاً إلى أهل الطب والخبرة ، ويمكن استعمال الهرمونات المناسبة في رأي هؤلاء
لتغليب جانب على جانب ، ثم إجراء العملية .
والدليل على ذلك أن الله تعالى يذكر في القرآن النوعين فقط : الذكر والأنثى ، فيقول
الله : ( وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى) مما فهم المفسرون وصرحوا بأن مرجع
الانسان إلى أحد النوعين ، وأن الخنثى في حقيقته واحد منهما .
أقسام الخنثى :
فقد تطرق الفقهاء إلى أحكام الخنثى على ضوء قسمين ، حيث قالوا : انه نوعان:
النوع الأول : الخنثى غير المشكل ، وهو الذي تظهر فيه علامات الذكورة ،
فيعتبر رجلاً ، أو تظهر فيه علامات الأنوثة فتعتبر إلى امرأة ، ولكن له خلقة زائدة
من الجنس الآخر .
حكم النوع غير المشكل :
فهذا النوع يعامل شرعاً معاملة الظاهر منه رجلاً أو امرأة في جميع الأحكام
الشرعية من حيث الارث ، وأحكام العورة والعبادات والمعاملات ونحوها ، ويجوز له
اجراء عملية لازالة هذه الزيادة ، حتى يصبح ذكراً محضاً ، أو أنثى محضة .
النوع الثاني : الخنثى المشكل الذي لا تظهر منه علامات الذكورة ، أو
الأنوثة ، حيث ذهب جمهور الفقهاء إلى : أن الخنثى قبل البلوغ ان بال من الذكر فغلام
، وان بال من الفرج فأنثى…. ، وأما بعد البلوغ فينظر إلى لحيته ، أو إلى علامات
الأنثى وهكذا على تفصيل .
وفي عصرنا الحاضر يمكن الرجوع إلى الأطباء ، والفحوصات الطبية فتظهر من خلال ذلك
ذكورته ، أو أنوثته .
الأحكام العامة للخنثى المشكل :
- العورة والستر :
يرى الحنفية والمالكية على تفصيل ، والشافعية أن عورة الخنثى كعورة المرأة ،
حيث يجب عليه ستر جميع بدنه ما عدا الوجه والكفية ، وأما الحنابلة فيعاملونه
معاملة الرجل من حيث الستر والعورة . - وجوب الغسل إذا تحقق منه ما يجب به الغسل .
- عدم جواز أمامته للرجال .
- حج الخنثى وعمرته مثل حجة الأنثى عند الجمهور .
- عدم جواز الخلوة لا مع رجل ولا مع امرأة .
- إرثه ، حيث ذهب جماعة من الفقهاء ـ منهم المالكية في المشهور من المذهب ،
والحنابلة ، والصاحبان من الحنفية ، إلى أن الخنثى يرث نصف ميراث ذكر ، ونصف
ميراث أنثى عملاً بالشبهين ، وهذا قول ابن عباس والشعبي ، وابن أبي ليلى ، وأهل
المدينة ، ومكة ، والثوري وغيرهم .
ويورثه أبو حنيفة أقل النصيبين احتياطاً ، في حين يورثه الشافعية حسب اليقين ،
ويوقف الباقي حتى يتبين الأمر ، أو يصطلحوا عليه .
وفي رأيي هو العودة إلى أهل الطب والخبرة في هذا المجال ، فإن قالوا : ان الغالب
فيه صفات الرجل فيعتبر رجلاً ، وإلاّ فتعتبر أنثى ، وحينئذ يحكم بالارث على ضوء
قرار أهل الخبرة والطب .
هذا بإيجاز شديد أحكام الخنثى ، وكما قلت : فاليوم بسبب التقنيات الحديثة سهل
الأمر ، ويمكن الوصول إلى الحكم بسرعة ، وفي اعتقادي لم تعد المشكلة في الوصول إلى
كونه ذكراً أو أنثى مثل السابق ، ولم يعتبر هذا الوصول صعباً اليوم .
السؤال الخامس : كيف يجب التعامل معهم في المجتمع ؟
الجواب :
وفي الأخير نقول : إن شريعتنا الغراء أعطت للخنثى جميع حقوقه ان كان رجلاً أو
امرأة ، وان الاسلام لا ينظر إلى الخنثى نظرة احتقار أو تقليل بل يعتبره ابتلاء شكر
صاحبه ان صبر عليه ، وبالتالي فيجب على أن المجتمع يتعامل مع الخنثى برفق واحترام
وتقدير ، كما يدل على ذلك النصوص الشرعية ، فلا يجوز اللمز ولا الهمز ، ولا الاهانة
ولا التحقير ، ولا أي شيء تمس عاطفته ، وكل ذلك عند الله محظور .