الراية – الدوحة
قال د. علي محي الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إن الله سبحانه وتعالى جعل لهذه الأمة مميزات كبيرة حيث أرسل لها أحسن وأفضل الرسل المتمثل بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي جعله الله رحمة للعالمين (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) كما أكرم الله سبحانه وتعالى هذه الأمة أيضًا بأحسن كتاب انزله على البشرية جمعاء فقال سبحانه (الله الذي نزّل أحسن الحديث كتاب متشابها).
وأضاف في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس أن الله تبارك وتعالى أكرم هذه الأمة كذلك بخير دين أرسله على البشرية جمعاء فقال سبحانه (وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة) وجعل الإنسان كذلك خير المخلوقات (ولقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) ثم شهد الله لهذه الأمة بأنها خير أمة أخرجت للناس فقال سبحانه (كنتم خير أمة أخرجت للناس).
وتابع: هذه الآيات وغيرها التي تتحدث عن خيرية هذه الأمة وخيرية رسالتها ونبيها لا يُمكن أن يُفهم منها أن هذه الخيرية تعود للعرق مهما فعل الأجداد والصحابة الكرام فإن كل إنسان يعمل لنفسه ولا تزر وازرة وزر أخرى وكذلك فحسنته لنفسه، وكذلك ليست هذه الخيرية بالادعاء أو بالانتماء إلى عرق معين كما فعل اليهود حيث اغتروا بأنهم أفضل الشعوب وخير الأقوام كما اغتروا بتاريخهم وأنبيائهم العظام حيث حصر الله فيهم الرسل من بعد سيدنا يعقوب ما عدا سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي أرسله من ولد إسماعيل بن إبراهيم عليهم السلام جميعًا.
خيرية العقيدة
وقرّر القره داغي أن الخيرية في هذه الأمة تعود إلى خيرية العقيدة وخيرية التصورات والأعمال والأقوال والسلوكيات والقيم فهذه الأمور إذا تحققت هي التي تؤدي إلى خيرية الأمة وهذا ما يقوله الله سبحانه وتعالى (ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءًا يجز به) فالخيرية ليست بالأمنية ولا الشعارات ولا بالأماني وإنما تتحقق على الواقع من خلال خيرية العلوم والإبداع والعمل والقوم والوحدة والخيرية في مجال الدنيا والآخرة.
وأشار إلى أنه لا يجوز كذلك أن تفهم الخيرية في مجال العبادات بمعناها الخاص وإنما يجب أن تفهم في مجالها العام وحينئذ تشمل العبادات كل ما أمر الله به وكل ما نهى عنه، لذا نرى في القرآن الكريم أن الأوامر والنواهي التي تتعلق بتعمير الدنيا أكثر بكثير من الأوامر والنواهي التي تتعلق بالعبادات بمعناها الخاص أي الشعائر التعبدية.
وقال فضيلته إنه تحقيقًا لهذه الخيرية نزلت آيات كثيرة جدًا تكاد تزيد على 300 آية كلها تركز وتوجّه الأمة نحو أحسن الأعمال والأقوال والقيم وأحسن الأنشطة في كل المجالات الحياة الدنيوية والحياة الأخروية، وقد شاءت سنة الله تعالى أن تكون سننه لتحقيق الخيرية في الدنيا شاملة للمسلمين وغير المسلمين فمن أخذ بهذه السنن فقد تحقق له خير الدنيا في المجالات التي يكونون فيها مبدعين ومتقنين وإن كانت الأمة الإسلامية قد تمتاز بالبركة إذا أخذت بهذه السنن ولكن سنن الله في الدنيا ليست فيها محاباة ولا مجاملة وإنما سنن قاضية ولذلك أمرنا الله بأن نكون في جميع الأنشطة الداخلية والخارجية على أحسن الأحوال والحالات بل إن الله جعل الله امتحان هذه الأمة الإسلامية واختبارها بين جميع الأمم بأن تأخذ بأحسن الأعمال في جميع المجالات الدنيوية والأخروية من الأنشطة التي تتعلق بداخل الإنسان من القلب والروح والعقل والنفس والمجالات الخارجية من الصناعية والزراعية والأنشطة العلمية وغير ذلك.