الدوحة — الشرق:
بارك فضيلة الشيخ د. على محيى الدين القرة داغى الامين العام للاتحاد العالمى لعلماء المسلمين المجلس الوطنى السورى الذى تشكل مؤخرا. ودعا المجلس أن يقدّر هذه الثقة التى حظى بها من هذا الشعب المجاهد وأن يحفظ الأمانة ويكون فى مستوى الآمال المعقودة عليه وقال نحن فى الاتحاد باركنا هذه الخطوة التوحيدية وندعم هذا المجلس وبخاصة بعد المساندة الكبيرة التى لقيها من قبل الشعب السورى الثائر من خلال ما سمى بجمعة “المجلس الوطنى يمثلنا” وهذا دليل آخر على رفض هذا الشعب لشرعية النظام القائم الذى يطالب باسقاطه منذ أشهر..جاء ذلك فى خطبة الجمعة امس بجامع عائشة رضى الله عنها بفريق كليب.
وكان فضيلته قد بدأ خطبته متحدثا عن التبعية وخطرها على الفرد والامة الاسلامية قائلا:ان أخطر ما يصيب الفرد أو الجماعة والامة، هى قضية التبعية التى اذا اصابت الفرد او الجماعة او الامة تجعلهم معطلين عن التطوير، وفاشلين عن التفكير، والتنظير، يصبحون مقلدين لغيرهم، يتحركون بحركتهم، ولا يهتدون الى الحق سبيلا، لأن التبعية والتقليد تعطيل للعقول، وهى من اعظم نعم الله سبحانه وتعالى على الانسان، والله سبحانه وتعالى أكرم الانسان وميزه عن سائر خلقه بالعقل، وهو ما يدخل فى قوله سبحانه وتعالى (فاذا سويته ونفخت فيه من روحى فقعوا له ساجدين )، وسجد الملائكة لادم لأن الله سبحانه وتعالى خلقه بيده، ثم نفخ فيه من روحه، وهذه الروح هى التى تحمل الحياة، وتحمل العقل والتمييز والادراك، وبهذه الصفة والتمييز سجدت له الملائكة، واخضع الله سبحانه وتعالى له أى لادم وللانسان كذلك الكون كله، لهذه النفخة الربانية التى توجد فى داخل الانسان..فاذا قام الانسان او الجماعة او الامة بتعطيل هذه النفخة، وبتعطيل هذه العقول، وبتعطيل ما فى داخل الانسان من اجهزة للنظر والتدبر والتفكر، فانه لن يبقى لهذا الانسان ميزة، وانما أصبح مثل الانعام بل هو اضل كما وصفهم الله سبحانه وتعالى.
* موقف القرآن
ورأى ان الاسلام شنّ — وبخاصة القرآن الكريم — هجوما خطيرا وكبيرا على هؤلاء الذين يعطلون عقولهم، ويقلدون غيرهم ويتبعونهم حتى ولو كانوا آباءهم أو اجدادهم او غير ذلك، فقال سبحانه وتعالى فى وصف الجاهليين الذين ضلوا الطريق، والذين لم يهتدوا الى الله سبحانه وتعالى، ولم يهتدوا الى الحق، وصفهم بأنهم عطّلوا عقولهم
* التبعية
واكد فضيلته على ان التبعية أخطر شئ لأنه تفقد الانسان انسانيته، تفقد الانسان هذه النفخة الربانية التى فيها هذا العقل والادراك، ومن هنا كان الرسول صلى الله عليه وسلم، حتى فى مسألة الاحسان، ينهى صحابته ان يكون اى واحد منهم امّعة، سمّى الذى يتبع الانسان حتى فى الحسن، اذا لم يكن بعقل وتدبر، سمّاه امّعة وقال لا تكن امّعة وفسرها الرسول امعة بالتبعية المطلقة “ان أحسن الناس أحسنتم وان اساء الناس أسأتم”، فهو تابع لا خير فيه بل هو شر وانما قال الرسول كن ان احسن الناس أحسنت،بعد التدبر والتفكر ولله وليس للناس وان اساء الناس فلا اكون تابعا لهم بل أحسنت، اذاً اشغال العقل، اعمال الفكر، ان الانسان ليس تبعا، لا يدور بكونترول، لانه اعظم مخلوق الله، فهو الذى خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه فى آيتين كريمتين، فكيف يكون خاضعا، وكيف يكون مقلدا؟
ومن أخطر انواع التبعية، التبعية الدينية والتشريعية والقانونية. التبعية الدينية هى ان نخضع ديننا — لا سامح الله — لما يريد هؤلاء، عندنا المبادئ والثوابت، فنحاول ان نؤل ونبرر، وهذا جزء من التبعية، من ثقافة التبعية، واخطر التبعية حينما تتحول التبعية الى ظاهرة، حينما تعم المجتمع، ومن هنا يخضع بعض العلماء الذين ينتسبون الى الدين، يخضعون النصوص ويأخذون بعنق النصوص ويلوونها بليها، فحينما يؤثر التبعية يجعل الرجل كل وقته لأخضاع الدين ويؤل نصوصه تأويلا غير مقبول وغير صحيح، فاذا كان الحاكم يريد اعلان الحرب، فنحن نهيئ له اعلان الحرب، واذا اراد الحاكم أن يمنع التعدد أعطينا هذا الحق له، والتعدد مقيد بتحقيق العدل والكفاءة وليس مجرد شهوة، لكن منعه مخالف لشرع الله، أو منع الطلاق وغيرها، واليوم برروا كما فى السابق لهذا الرجل الذى فقد شرعيته فى اليمن، برروا له منع المظاهرات ضد السلطة لصالح الظلم والاستبداد.
* ربيع الثورات
وقال ان الربيع العربى او الثورات العربية التى ضحت فى سبيلها هذه الشعوب بدمائها الزكية وبكل ماهو غال وثمين، يراد لهذه الثورات مرة اخرى ان تعود الى التبعية التشريعية والسياسية والفكرية والثقافية للغرب، نحن لا نشك ولا احد من المسلمين، ولا يجوز ان ننكر الجميل من اى شخص، من احسن الينا نقول له احسنت، ومن اساء الينا نقاوم هذه الاساءة، ولا يجوز لهذه الشعوب ان تقبل بأى تبعية بل اذا كانت قد تحررت من هذا الظلم، فلا تتحرر من الاستعمار والاستبداد! فلا يجوز لهذه الشعوب ان تفكر اى تفكير الا فى دائرة الحرية، ودائرة العقل الذى يعتبر من اعظم النعم عند الله سبحانه وتعالى على هؤلاء العباد، فمن هنا يجب ان يكونوا واضحين فى تعاملهم، نحن تعاملنا معكم يا ايها الغرب ولا الشرق تعامل على اساس الاحترام المتبادل، تعامل دون التدخل فى الشؤون الداخلية لأى أحد، كما لا يجوز لنا ان نتدخل فى اختيار احزابهم اليمينية او اليسارية فلماذا يتدخلون فى شؤوننا! حتى فى اختيار شريعتنا، اصبحت المعركة اليوم حول قضية الشريعة، رغم ان الشريعة ليست مرتبطة بالاحزاب السياسية، ابدا الشريعة هى شريعة الله، هى الشريعة التى انزلها الله سبحانه وتعالى على هذه الامة، هوية الامة، كرامة الامة، “وانه لذكر لك” اى شرف لك ولقومك هؤلاء حاولوا دمج أو ربط الشريعة مع الاعمال السياسية، خاصة بالمتشددين من السياسيين، او من الارهابيين هؤلاء خاصة الارهابيين بعيدون كل البعد عن حقيقة هذه الشريعة.. فالاسلام المعتدل المنهج الوسط الذى جعله الله خيرا لهذه الامة ورحمة للعالمين وشفاء لما فى الصدور فلذلك نداؤنا من هذا المنبر لهذه الشعوب المسلمة ان تميز بين ماهو جميل وما يدخل فى باب التبعية، فمن اولى الواجبات على هذه الشعوب ان تحافظ على هويتها.
* الاتحاد يبارك المجلس
وقال: احب ان انوه بأنه منذ أسبوع قد توصلت أطراف المعارضة السورية الى الاعلان عن نجاحها فى الاتفاق بين عدد كبير من أطرافها وذلك من خلال التوصل الى تشكيل ما سمى “المجلس الوطنى للثورة السورية” وقد ضم هذا المجلس أحزابا ومستقلين من كل الطيف السياسى السورى من الداخل والخارج..وبهذه المناسبة الطيبة، نحن فى الاتحاد باركنا هذه الخطوة التوحيدية وندعم هذا المجلس وبخاصة بعد المساندة الكبيرة التى لقيها من قبل الشعب السورى الثائر من خلال ما سمى بجمعة “المجلس الوطنى يمثلنا” وهذا دليل آخر على رفض هذا الشعب لشرعية النظام القائم الذى يطالب باسقاطه منذ أشهر، ولهذا فان على المجلس المذكور أن يقدّر هذة الثقة التى حظى بها من هذا الشعب المجاهد وأن يحفظ الأمانة ويكون فى مستوى الآمال المعقودة
وختم خطبته مطالبا برلمانات العالم العربى والاسلامى والعالم الحر وحكوماتها بدعم المجلس الوطنى السوري، والوقوف مع الشعب السورى المجروح والمظلوم بكل قوة،