وكرد فعل لما حدث من سوء استغلال الرأسمالية للعمل والفقراء ظهر الفكر الشيوعي الذي ألقى على الملكية الفردية كل الشرور والمشاكل والمصائب والاقتصادية والاجتماعية، وبنى على ذلك الصراع الطبقي بين الرأسماليين والفقراء الذي سيؤدي إلى نشأة جيش كبير من البطالة، وبالتالي إحداث انقلاب دموي يطيح بالنظام الرأسمالي إطاحة كاملة، وحينئذ تتحول ملكية الإنتاج إلى الطبقة العاملة، وبذلك وحده تنتهي مرحلة الصراع، وتتحقق الرفاهية للمجتمع، وتنتهي مشاكله الاقتصادية والاجتماعية.
ومما هو جدير بالتنبيه عليه أن هذه التوقعات الشيوعية لم تتحقق، فالانقلاب الدموي لم يحدث في الدول الرأسمالية الغربية، بل وجد الانقلاب الشيوعي الأول في بلد زراعي متخلف وهو روسيا التي تحولت إلى الاتحاد السوفيتي الذي طبق النظام الشيوعي لمدة 70 عاماً، وبذل في سبيله كل وسائل التشويق والتبشير والعنف المفرط، ومع ذلك رأينا فشله وانهياره في عام 1991م، والذي حمى الرأسمالية هو الحرية التي أدت إلى تعديلها، وإدخال تعديلات جوهرية فيها، حتى إن رأسمالية اليوم تختلف عن الرأسمالية في بدايتها، وإن كانت ما زالت تحمل كثيراً من الأخطاء والمظالم للفقراء والطبقة الكادحة.

وتختلف الملكية في الإسلام -كما سبق- بشكل جذري وإديولوجي عن الملكية في النظامين السابقين، فهي في الإسلام تقوم على أن الملك الحقيقي لله تعالى من حيث الخلق والتصرف المطلق، وأن الإنسان يملك المال من حيث التصرف الذي لا ينبغي أن يخرج عن دائرة الشرع.
هذا من جانب، ومن جانب آخر فإن الملكية في الإسلام تتسع لأنواعها الثلاثة، وبالتالي فهي تجمع بين مصلحة الفرد، ومصالح الدولة والمجتمع.
الأساس الثالث: مبدأ الحرية الاقتصادية، وهو مبدأ عام، وأن القيود عليها استثناء، كما أن قيودها ليست مجرد تعبد، وإنما هي معقولة معللة لتحقيق المصالح، ودرء المفاسد، والموازنة في حالة التعارض بينهما.

علماً بأنه ليس هناك نظام اقتصادي أو غير اقتصادي دون قيود، وبذلك قرب منه النظام الرأسمالي في هذا الأساس، ولكن الفرق الجوهري يبقى بينهما، وهو أن هذه القيود عقائدية أخلاقية في الاقتصاد الإسلامي يستهدف مصالح الفرد والمجتمع، في حين أن القيود في النظام الاقتصادي الوضعي بشري من وضع البشر، وهو فارق مهم تنعكس آثاره على جميع الأنشطة الاقتصادية من الملكية إلى إعادة التوزيع، من حيث الآليات والعقود.