بدعوة من فضيلة الشيخ الدكتور علي محي الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد حضر عدد من الاعلاميين حفل عشاء رمضاني يوم الثلاثاء 21رمضان بعد صلاة التراويح وقد أدير على هامش هذا العشاء حوار بين فضيلته وهذا الحضور الكريم من رجال الاعلام عنوانه الرئيس هو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ودوره في استنهاظ الامة الاسلامية والخروج بها من مستنقع التخلف والانحطاط وما هي الاستراتيجية الاعلامية الامثل التي يجب على الاتحاد أن ينتهجها.
وقد افتتح فضيلة الأمين العام هذا الحوار بكلمة تطرق فيها الى دور الاتحاد المستقبلي وكيف يمكن بحول الله تعالى أن يتحول الى قائد ودافع لمشروع جديد لنهضة الأمة الاسلامية وبين في معرض حديثه أن دور العلماء والمفكرين في تاريخ الأمة كان بطبعه دورا مركزيا ومحوريا في أغلب تجارب النهوض التي مرت بها هذه الأمة ومن بين هذه التجارب النهضوية، التي عاشتها الأمة الاسلامية بعد ما يقرب من قرنين من الزمن من الاحتلال الصليبي في الشرق وفرقة وتشتت بين غرب الأمة وشرقها وترهل لمركز الخلافة في بغداد، نجد تجربة الامام الغزالي والشيخ عبد القادر الجيلاني وكيف استطاع هذان العلمان الجليلان أن يعملا على تزكية النفوس وترقية الروح المعنوية للمسلمين من خلال ما كتباه من كتب وما أقاماه من مدارس ودروس علمية لعدد كبير من العلماء وطلاب العلم من أهم هذه الكتب كان كتاب احياء علوم الدين للامام الغزالي، فكان أن بارك الله في هذا المشروع التعليمي وتخرج منه عدد كبير من العلماء المجاهدين وكان منهم الشيخ المجاهد نور الدين زنكي وعدد كبير من العلماء الذين احتضنو حركة الجهاد وتحرير الأمة من المستعمر وتوحيد صفوفها قبل ذلك ولذلك نجد أن أغلب المحيطين بالقائد البطل صلاح الدين الأيوبي والذي هو نفسه يعتبر من خريجي هذه المدرسة الاصلاحية المجاهدة، فقد كانوا من العلماء الذين نهلوا العلم من نفس المدرسة.
وانطلاقا من هذا المثال التاريخي عاد فضيلته بالحديث الى عن هذه المنظمة المتثلة في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين والتي قال أنها وبفضل الله تعالى فهي تحضى بأقدار كبيرة من الاحترام والتوافق حولها من قبل جميع المذاهب الاسلامية كما أن وجود فضيلة العلامة الشيخ يوسف القرضاوي على رأسها وما يتمتع به هو الآخر من احترام وتوافق من عامة المسلمين.
وبهذا نحن ان شاء الله عازمون وبعد أن كلفني الاخوة في الجمعية العامة الاخيرة بخدمة هذا الاتحاد وخدمة الامة من خلاله كأمين عام له فنحن كما قلت ان شاء الله يحدونا عزم وأمل قويين بعد التوكل على الله سبحانه على أن يكون لهذا الاتحاد دور رائد في نهضة الأمة الاسلامية واستعادة دورها في قيادة البشرية بإذنه تعالى
ثم تطرق فضيلته الى المسألة الاعلامية وما هي الاستراتيجية التي تناسب الاتحاد من خلال أعماله وخططه التي يطمح لتنزيلها وتحويلها الى أعمال وانجازات في واقع الأمة “ومن أجل هذا فإننا دعون هذا الحضور الكريم من الاخوة الاعلاميين وكلنا آذان صاغية لهم حتى نستفيد من آرائهم ومقترحاتهم” كما قال فضيلته ثم أحال الكلمة الى الحضور.
وقد احيلت الكلمة في البداية الى الاعلامي البارز في قناة الجزيرة السيد أحمد منصور والذي أكد بأن الاعلام لا يصنع الحدث وإنما هو يعكس الواقع وإذا الاتحاد يريد أن يكون له حضور اعلامي متميز فعليه أن يعمل على ايجاد خطط وبرامج عمل والسعي الى تنزيلها في الواقع حتى يستطيع أن يحرك وسائل الاعلام كما أنه قد آن الأوان بأن يخرج الاتحاد من سياسة ردة الفعل والمبادرة الى الفعل وصنع الحدث فللأسف الشديد مازال المسلمون والاتحاد طرف منهم يعيشون على ردة الفعل فالآخر يفعل ويصنع الحدث ونحن نرد الفعل فهذا لم يعد يسع منظمة في حجم الاتحاد كما وصفه فضيلة الشيخ الدكتور وما يحتويه من مكونات وما يتمتع به من توافق وقبول من أغلب مذاهب وطوائف الأمة، أن تعيش على ردة الفعل.
ثم أشار الاستاذ أحمد الى مسألة مهمة متمثلة في العمل العلمي المنظم والسعي الى التخطيط الاعلامي وتشغيل أناس ذوي كفاءة عالية في هذا المجال وعدم الاكتفاء بسياسة البحث عن الثقة عوض البحث عن الكفاءة، فهو يرى أن الكفاءة مسبقة على الثقة إذا أردنا أن نطور مؤسساتنا ونرفع من مستوى حضورها على الساحة المحلية والدولية.
ثم أحيلت الكلمة الى الدكتور رفيق عبد السلام الباحث في مركز الجزيرة للدراسات والذي أكد بدوره بأن الاتحاد هو في الموقع المناسب والمؤهل أكثر من غيره لإعادة حالة الانسجام والاجماع لدى الأمة، فالأمة تعاني من حالة تفكك طائفي وعرقي كبير وصعود ملحوظ للفكر المتشدد. والاتحاد وما يتمتع به من فكر وسطي وما يضمه من نخبة كبيرة من العلماء الأجلاء بإمكانه بحول الله تعالى أن يعيد حالة الاجماع للأمة ويدفع بها نحو حالة نهوض حضاري.
كما تحدث الاعلامي البارز السيد توفيق طه مؤكدا هو الآخر على أهمية الاتحاد في ظل هذه الأوضاع الصعبة التي تمر بها الامة الاسلامية وشدد على أن من أهم وأخطر القضايا التي على الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أن يتصدى لها ويعالجها هي مسألة الفتنة الطائفية بين السنة والشيعة فهي فتنة لو لا قدرالله استمرت فإنها بامكانها أن تزيد في تدهور حالة الأمة لسنوات وعقود وربما لقرون بمزيد من الانحطاط والتشتت والانقسام ومن ثم يستطيع العدو المتربص بهذه الأمة أن يستمر في بسط نفوذه وتمرير مخططاته بأقدار كبيرة من الراحة والسهولة وعليه فدور الاتحاد في وئد هذه الفتنة الخطيرة يجب أن يكون بارزا وأن توضع هذه المعظلة على سلم أولوياته.
وفي ختام هذه السهرة الرماضانية أكد فضيلة الأمين العام على أهمية كل المداخلات وثمن الملاحظات الي وردت فيها معربا بمشيئة الله تعالى عن الاستعداد الكامل للأخذ بها وتنزيلها في القادم من الأيام كما حي الاخوة على استجابتهم لهذه الدعوة معربا لهم عن شكره وامتنانه بحضورهم.