الدوحة – الراية:
دعا فضيلة د.علي محي الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الأمة الإسلامية إلى التمسك بالأخلاق التي حثنا عليها الدين الحنيف تمسكًا حقيقيًا، مشددًا على ضرورة حسن التعامل مع غير المسلمين.
وقال إن ثلث بلدان العالم الإسلامي لم يدخلها فاتحون مسلمون، وإنما دخلها الإسلام من خلال التجار المسلمين الذين كانوا متخلقين بأخلاق الإسلام وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس بجامع السيدة عائشة رضي الله عنها بفريق كليب إنه لا يوجد شيء في هذا الدين بعد الإيمان بالله سبحانه وتعالى أعظم من الأخلاق، مؤكدًا أنها لب هذا الدين وذروة سنامه ولذلك حصر الله سبحانه وتعالى هذه الرسالة العظيمة التي تستطيع أن تقيم دولة العدل ومجتمع العدل وأمة الخير في كلمة واحدة وهي قمة الأخلاق وهي الرحمة (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) .
وقال إن حسن الخلق هو الثمرة والنتيجة الحقيقية لهذا الدين ولكل إنسان يريد أن يقتدي بالرسول صل الله عليه وسلم بل إن الله ربط بين الصلاة والأخلاق ( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ) وهذا يعني أنه إذا لم تمنع الصلاة صاحبها من القول الفاحش والعمل المنكر فإنها ليست الصلاة التي يريدها الله سبحانه وتعالى لتكون مذكرة للإنسان (وأقم الصلاة لذكري) فالصلاة دائمًا تذكرالإنسان بالله وكذلكم بقية أركان الإسلام كلها ربط الله سبحانه وتعالى بينها وبين الواقع وبين الأثر ( إن لكل شيء حقيقة فما حقيقة إيمانك).
وقال فضيلته: الحقيقة هي الآثار التي تظهر على أقوال وتصرفات وحركات وتعامل الإنسان فإن لم تتواجد هذه الآثار فلابد أن يكون هناك خلل كبير لأن العبادات أصبحت من الشكليات التي يلتزم بها الإنسان أشد الالتزام ولكن دون أن تؤثر في نفسيته وأخلاقياته.
مشكلة الأمة
وقال: الإسلام العظيم موجود في عالمنا ولكن أين تأثيره؟. ،مشيرًا إلى أن أحد المحللين أحصى عدد العلماء والوعاظ في بلدان العالم الإسلامي بعشرات الآلاف ولكن أين تأثيرهم؟.
ودعا إلى المقارنة بين أخلاقيات التعامل في إحدى الدول الإسلامية وبين دولة السويد رغم أنه لا يوجد بها واعظ واحد
وتساءل كيف نكون خير أمة أخرجت للناس ؟ وقد بيّن الله أن الخيرية أن يكون المرء في خدمة الناس ويعيش للناس جميعًا ويؤثر الآخرين على نفسه ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.
وقال: إن الإسلام الحقيقي هو حسن التعامل مع الله والعقيدة والشعائر وحسن التعامل مع المسلمين بحيث يكون لهم حقوق أكثر عليك وحقوق التكافل والأخوة وحسن التعامل مع الآخرين غير المسلمين من جميع الأديان، مشيرًا إلى أن الواجب أن نتعامل معهم بالتي هي أحسن إلا في حالة الاعتداء علينا فالله أمرنا بالبر مع الآخرين وهذه الكلمة التي جعلها الله من صفاته ( إنه هو البر الرحيم) وجعلها من خصوصية التعامل مع الوالدين واستعملها في التعامل مع الآخرين (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ).
والبر أي الإحسان والقسط هو العدل مع الجميع ولا يجوز أن نقلل من شأن أي إنسان، لما مرت جنازة يهودي واليهود فعلوا ما فعلوا بالرسول قام النبي لهذه الجنازة وقال الصحابة هذه جنازة يهودي قال أليست نفسًا فالإنسان له كرامة.
وقال: المطلوب أن تقول الأحسن وأن تستعمل الفعل الأحسن فهذا دين وليس تفضلاً منك فإذا لم نفعل ذلك فنحن آثمون وإذا تصرفنا تصرفًا سيئًا أدى ذلك إلى كراهية غير المسلمين للإسلام وابتعادهم عنه وسوف نسأل عن ذلك يوم القيامة ولذلك علمنا ربنا بقوله (رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا ) نكون فتنة حينما نتصرف معهم تصرفات مؤذية نائية ولا تعبر عن حقيقة الإسلام وكذلك نكون حاجزين بتصرفاتنا في إسلام هؤلاء.
العبادات عبء
ورأى أن العبادات يمكن أن تكون عبئًا على أصحابها إذا كانت مجرد عبادات شكلية غير مؤثرة وقد تكون سببًا للمساءلة أمام الله تعالى، داعيًا إلى العودة الى أنفسنا سريعًا والبدء في هذا العمل وأن نعلم علم اليقين أن الإسلام ليس مجرد شعائر يتم أداؤها دون أن يكون لها تأثير في النفوس ،مؤكدًا أنه على مر التاريخ المعاملات الطيبة أدخلت الناس في الإسلام، موضحًا أن ثلث العالم الإسلامي لم يدخله فاتح مسلم وإنما دخله التجار ولكن كان هؤلاء التجار يعلمون الدعوة وكانوا متخلقين بأخلاق الرسول صل الله عليه وسلم في تعاملهم وفي تجارتهم.
ويقول رب العالمين ( يا أيها الذين آمنوا آمِنوا ) ومعنى آمِنوا أي فعّل إيمانك واجعل إيمانك مؤثرًا واجعل من أفعالك ُتنتج من هذا الإيمان.