بقلوب خاشعة لله تعالى راضية بقضاء الله تعالى وقدره، مؤمنة بأن الموت حق (كل نفس ذائقة الموت) ونفوس مفعمة بالحزن والأسى أتشرف بأن ألقي أمامكم كلمة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، نيابة عن رئيسه العلامة يوسف القرضاوي، ونوابه، ومجلس أمنائه، وأمانته العامة، كما يشرفني أيضاً أن أنوب في هذه المناسبة عن المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، حاملاً عزاء علماء الأمة الى فقيد الأمة، وفقيهها، المجاهد الكبير الشيخ فيصل مولوي
ايها السادة العلماء، الجماعة الاسلامية ، أمينا عاماً وأعضاء ومنتسبين. أبناء الشيخ فيصل الكرام وأسرته الكريمة، ومحبيه وتلامذته، أيها الاخوة الكرام أحييكم بتحية الاسلام، فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
بقلوب خاشعة لله تعالى راضية بقضاء الله تعالى وقدره، مؤمنة بأن الموت حق (كل نفس ذائقة الموت) ونفوس مفعمة بالحزن والأسى أتشرف بأن ألقي أمامكم كلمة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، نيابة عن رئيسه العلامة يوسف القرضاوي، ونوابه، ومجلس أمنائه، وأمانته العامة، كما يشرفني أيضاً أن أنوب في هذه المناسبة عن المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، حاملاً عزاء علماء الأمة الى فقيد الأمة، وفقيهها، المجاهد الكبير الشيخ فيصل مولوي العضو المؤسس للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والمجلس الأوروبي، وأمير الجماعة الاسلامية بلبنان.
فقد فقدنا وفقدت الأمة الاسلامية علماُ من أعلام الهدى ، وهوى نجم كبير من سمائها، وانطفأت شمس وهاجة، وبدر منير، وضياء ونور في عالمنا اليوم الذي كان أحوج ما يكون الى هذه الشعلة المتّقدة التي ظلت متوهجة تبث النور والضياء والى هذا النبع الفياض الذي ظل يتدفق بالعلم والفقه والتأصيل والدعوة والاصلاح، وبالمواقف الكريمة المشرقة، فإذ بنا فقدنا هذا النبع الدفاق، فغاض فجأة عنا.
كان الفقيد الراحل الشيخ فيصل سباقاً الى الخير، لاسيما في تأسيس المؤسسات، فقد كان المؤسس وصاحب فكرة للمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، وكان أحد المؤسسين الكبار في تأسيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين مع رئيسه فضيلة العلامة الشيخ يوسف واخوانه الآخرين، وظل عضواً فعالاً في مجلس أمنائه، ومكتبه التنفيذي، فكان عالماً ربانياً، ومرجعاً من أهم المراجع العلمية والفقهية للأقليات الاسلامية وفي الفقه السياسي بل
هو البحر من أي النواحي أتيتَه فلُجّتُه المعروف، والجود ساحله
ولو لم يكن في كفه غير روحه لحاد بها فليتق الله سائله
فلم تشغله امارته للجماعة الاسلامية بلبنان عن دعوته وعن التأليف والفتوى، فقد عاش صاحب دعوة، حامل فكرة، جندي رسالة، نذر لها عمره، ووهب لها وقته وماله وفكره، وكذلك وهب حياته لقضيتنا الأولى (فلسطين والقدس الشريف) حتى كان آخر عهدي به قبل مرضه هو في كيفية تقوية المقاومة في لبنان وغيره.
وقد صحبته في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وفي المجلس الأوروبي فوجدته بحق يمثل القلب المتحرق، والوجدان الحيّ، والارادة الصادقة، والشعلة المضيئة التي ظلت متقدة، فكان فقيهاً بارعاً، وبحاثة عن الحلول للمشكلات، والبدائل لتجاوز العقبات متطلعاً الى الأفق الأعلى بكل تأن وإن استغرق ذلك الأيام والليالي، فكأن لسان حاله يقول ” إن صلاتي ونسكي ومحيايي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين” (الانعام الأية 162، 163)
أيها السادة الكرام
فقد فارقنا الشيخ العلامة المجاهد الشيخ فيصل مولوي ببدنه، ولكن لم يفارقنا بروحه، وبآثاره الطيبة، فقد رحل عن دنيانا، ولكنه لم يرحل، فهو باق في قلوبنا يعيش فيها بآثاره ومآثره، وبالباقيات الصالحات التي هي العمر الثاني له تُخلد في الناس ذكره، وتجعل له لسان صدق في الآخرين، ولله در الشوقي
دقات قلب المرء حاملة له ان الحياة دقائق وثوان
فارفع بنفسك قبل موتك ذكرها فالذكر للانسان عمر ثان
ان القلوب لتحزن لوفاتك، وأن العين لتدمع، وحق لها أن تحزن
لعمرك ما الرزية فقد مال ولا فرسٌ يموت ولا بعير
ولكن الرزية فقد حرّ يموت بموته خلق كثير
ولكن عزاءنا هو أن الموت في الاسلام ليس آخر المطاف بل هو احدى المحطات، فبعد الموت هناك اللقاء والتلاقي بين روحه المباركة، وأرواح أهله وأبنائه وأرواحنا من خلال الرؤى الصادقة ، وبعد ذلك أملنا الكبير بالله أن يجمعنا نحن المحبين للشيخ به في ظل الله، كما ورد في الحديث الصحيح (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله …. ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه)
وكذلك في الجنة، في الفردوس الأعلى ان شاء الله نلتقي ونتزاور ويرفع الله درجات أهله وأولاده ليكونوا معاً كما قال تعالى ” ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شئ…)
ومن علامة حسن خاتمته وشهادته حب الناس له وتجمع القلوب عليه وبسبب هذه الشهادة، وشهادتكم الطيبة له نرجوان تقبل عند الله تعالى كما في الحديث الصحيح المتفق عليه حينما مرت جنازة فأثنى الصحابة عليها خيراً فقال صلى الله عليه وسلم “وجبت” أي وجبت له الجنة بسبب هذه الشهادة، ثم قال صلى الله عليه وسلم : ” أنتم شهداء الله في الأرض”
ومن حقه على إخوانه ومحبيه وجماعته أن يقتدوا به في هذه الأعمال الصالحات ويسيروا على النهج الوسطي الذي سار عليه.
فسلام الله على الشيخ فيصل يوم ولد ووجهه الله تعالى نحو العلم والدعوة، وسلام الله تعالى عليه حينما عاش لدعوته فبذل ما بذل، وأنجز ما أنجز، وسلام الله تعالى عليه يوم مات على الإيمان وبعد ابتلاء كبير بمرض يدخل في اسباب الشهادة كما ورد ذلك في الأحاديث الصحيحة التي تدل على أنه مات شهيداً – بإذن الله تعالى وفضله ومنه – وسلام الله عليه يوم يبعث حياً مع محبيه ومتحابيه على منابر من النور وفي ظل الرحمن، اللهم برد مضجعه وانس وحشته، وحول قبره الى روضة من روضات الجنة، ثم احشره مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. وعظم الله أجر أهله ومحبيه وتلامذته واخوانه من أعضاء الجماعة الاسلامية بلبنان والعالم الاسلامي
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته