في نظري نحتاج للوصول إلى علم الاقتصاد الإسلامي، أو نظام الاقتصاد الإسلامي، أو النظريات الاقتصادية, أو استعمال منهجين من المناهج العلمية، كل واحد في مكانه دون الخلط بينهما، وهما:المنهج الأول: منهج الاجتهاد الفقهي القائم على الاستنباط من نصوص الكتاب والسنة ومن الإجماع، وبقية الأدلة، وحتى مما قاله فقهاؤنا العظام.

 وهذا المنهج له طريقتان:
إحداهما: طريقة النزول من المبادئ العامة والقواعد الكلية إلى الجزئيات، وهي أن يستعمل في استخراج المبادئ العامة والقواعد الكلية للنظام الاقتصادي الإسلامي، وإطاره القانوني العام، وكذلك لبيان الحكم الشرعي (التكليفي والوضعي) لجميع مسائل الاقتصاد وأنشطته المتنوعة من حيث الحل والحرمة، أو من حيث كونه سبباً أو مانعاً أو شرطاً صحيحاً أو باطلاً أو فاسداً، وهو المنهج المتبع لدى جمهور علماء الأصول.

الطريقة الثانية: طريقة الصعود من الجزئيات والمسائل إلى الكليات والقواعد العامة، وذلك بأن ننظر أولاً إلى المسائل والجزئيات لنستخرج منها الكليات فيكون أقرب للمنهج الحنفي في الأصول, حيث ينطلق من النصوص الجزئية إلى القواعد الكلية والمبادئ الأصولية، ومن الفروع الفقهية إلى صياغة الأصول.

المنهج الثاني: منهج حل المشكلات الاقتصادية

أما منهج حل المشكلات الاقتصادية فلا بد من الاعتماد على إحدى الطريقتين:

1 – طريقة التحليل الرياضي المتعارف عليه في علم الاقتصاد، حيث نحتاج إليها لدراسة الاقتصاد العام، والتوازن الاقتصادي في البينان الاقتصادي الإسلامي، أو نظريات الاستهلاك والإنتاج، يقول الدكتور منذر قحف: «ففي مثل هذه الجوانب ستعمد الدراسة الحالية إلى اتباع أسلوب التحليل الرياضي المتعارف عليه في علم الاقتصاد الحديث، ونحن في استخدام وسائل البحث الرياضي لسنا مبتدعين، فإن أسلافنا القدامى من أجيال الفقهاء إنما اتبعوا المنطق العلمي الرياضي في استخلاص القواعد والأحكام وفي استنباط الفروع من الأصول».

2 – الطريقة الاستقرائية, فهذه الطريقة تحتاج إلى الاجتهاد والاعتماد الكلي على ما يأتي:

‌أ- ملاحظة الوقائع للظواهر الخارجة عن الإنسان، ولبواعث نشاطه الاقتصادي، ومن هنا يدخل علم النفس لمعرفة البواعث، وتأتي الملاحظة والمتابعة والدراسة والتحقيقات لمعرفة الظواهر الاقتصادية، مع ملاحظة تعدد الظواهر الاجتماعية وتأثرها بالبيئة، والزمان، وملاحظة أن التجارب الناجحة في مكان ليست بالضرورة ناجحة في مكان آخر أو زمان آخر، وملاحظة أن هناك أشياء لا تخضع لإرادة من أراد الحل، وبالتالي فنحن هنا في أمس الحاجة إلى جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات.

‌ب- كشف العلاقات بين هذه الظواهر بأسلوب التجريد، والتحليل، وطريقة الاستقراء للتعميم، والاعتماد على جميع الفروض المتاحة حسب منهج علم الأصول في السبر والتقسيم.

‌ج- التحقق من صحة الفروض، وصحة القوانين والمعايير التي استعملت فيها، ومحاولة التكرار إذا ظهر أن بعض النتائج متناقضة، أو غير مناسبة.

هذا فيما يتعلق بمحل الاجتهاد، أما الاجتهاد نفسه فيحتاج أيضاً إلى استقراء نصوص الشريعة (الكتاب والسنة) وآثار الصحابة وآراء المجتهدين السابقين حتى يكون لدينا الإلمام الكامل بكل ما قيل حول الموضوع بقدر الإمكان.

وفي نظري, إننا بحاجة إلى منهج شامل مرن يسع المنهجين بطرقهما، ولكن مع ضرورة المراعاة عند تطبيق أي منهج أو طريقة ما تتناسب معه، للوصول إلى علم اقتصادي إسلامي متكامل، ونظام اقتصادي شامل يحتاج إلى الطرق الأربع التي ذكرناها للمنهجيين السائدين