تمهيد


  يعتبر من ثوابت هذا الدين وقواطعه وجوب الاتحاد والوحدة والترابط بين المسلمين ، وحرمة التفرق والتمزق فيما بينهم ، فاتحاد الأمة فريضة شرعية يفرضها الدين الحنيف وضرورة واقعية يفرضها الواقع الذي نعيشه ، حيث أصبحت بسبب تفرقها وتمزقها ضعيفة مهددة في وجودها وكيانها وسيادتها طمع فيها الطامعون ، وغلب على معظمها المستعمرون والحاقدون، ولا سيما عالمنا اليوم الذي تكتلت فيه القوى وأصبح الإسلام الهدف الأساس لها .


  ولا نجد ديناً ولا نظاماً أولى عنايته بالاتحاد وخطورة التفرق مثل الإسلام حيث توالت الآيات الكثيرة والأحاديث المتضافرة على وجوب التعاون والاتحاد ، وحرمة التفرق والاختلاف .


 فمنها قوله تعالى: ( واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته اخواناً وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون ، ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ، ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم)[1].


وقد نزلت هذه الآيات في الأوس والخزرج في الإسلام بعد أن بذل شاس بن قيس اليهودي جهداً كبيراً في إثارة ثغرات جاهلية بينهم ، حيث أرسل شاباً يهودياً يذكرهم بيوم بعاث ، فأنشدهم الأبيات فتذكروا ، فتنازعوا وتفاخروا حتى كاد القتال أن ينشب بينهم فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج إليهم فقال : ( يا معشر المسلمين الله الله فقال : أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم ؟ أبعد إذ هداكم الله إلى الإسلام وأكرمكم به وقطع به عنكم أمر الجاهلية واستنقذكم من الكفر ، وألف بينكم ترجعون إلى ما كنتم عليه كفاراً ؟ ) فعرف القوم أنها نزعة من الشيطان وكيد من عدوهم لهم فألقوا السلاح ، وبكوا ، وعانق الرجال بعضهم بعضاً ثم انصرفوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سامعين مطيعين قد أطفأ الله عنهم كيد عدو الله شاس ، فأنزل الله تعالى هذه الآيات التي تبدأ بقوله تعالى : ( يا أيها الذين امنوا إن تطيعوا فريقاً من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم يا أيها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلاّ وأنتم مسلمون…..) [2]. 


 حيث دلت هذه الآيات على ما يأتي :




  1. أن أعداء الإسلام من الكفرة يبذلون كل جهودهم لتفريق الأمة الإسلامية وأنهم وراء ذلك وبالأخص الصهاينة والصليبيون ، والاستعمار الذي رفع شعار (فرق تسد) .



  2. أن اتباع هؤلاء الأعداء وطاعتهم في ذلك كفر ( يردوكم بعد إيمانكم كافرين ) وهذا أعظم هجوم على التفرق وبالأخص إذا كان بسبب التبعية لأهل الكفر حيث سماه الله تعالى كفراً.



  3. هناك علامة تعجب واستغراب لمن يتفرق عن الجماعة المسلمة ويكفر مع وجود القرآن الكريم ، والرسول في حال حياته ، وسنته في حالة موته ، وهذا يعني أن سبيل هذه الأمة هو الاتباع للكتاب والسنة المطهرة ، وان طريق الوحدة ميسور إذا توافرت الإرادة والعزيمة ، حيث أن أسباب وحدة السلمين لا زالت قائمة .



  4. أهمية التقوى والاخلاص والتجرد عن الأهواء وخطورة التعصب والعصبية القومية ، والقبلية والطائفية والمذهبية في إيجاد الاختلاف المذموم والتفرق المشئوم فهذه هي الأمراض القاتلة التي فتكت بالأمة ، ونخرت في عظامها.



  5. العناية القصوى بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وإصلاح الناس وفعل الخير ، والدعوة إليه ، ونشر الإحسان والتكافل بين المسلمين ، فهذه وسائل عظيمة لحماية الأمة وجمعها على الطريق المستقيم والهداية والفلاح .



  6. أهمية الاعتصام بحبل الله المتين ، والانشغال بالدعوة والجهاد لتوحيد الأمة ، حيث وردت بذلك آيات كثيرة : منها قوله تعالى : ( إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون)[3].ومنها قوله تعالى : (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم )[4] .


وأما السنة النبوية فمنها ما رواه الشيخان بسندهما عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( من فارق الجماعة شبراً فمات فيمتته جاهلية ) [5].


ومنها ما رواه الشيخان أيضاً عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله اخوانا ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام )[6]. والأحاديث في ذلك أكثر من أن نذكرها هنا [7].


 هذا هو الاختلاف المذموم الذي يخالف الثوابت والقواطع وهو الخلاف الذي يكون في أصول الدين وثوابته ، أو الذي يوجب البغضاء والمنكر والتفرقة .


 أما الخلاف المشروع فهو الخلاف في الفروع ، لا من الأصول ، وفي الوسائل لا في المقاصد وفي الآليات لا في الغايات ، وفي تنوع السبل إلى الخير لا في الأهداف العامة للشريعة،وفي المناهج العملية،والآليات والأولويات لا في المرجعية والمنهجية العلمية العامة .


فهذا الاختلاف مقبول ومشروع طبيعي جداً ، وهو من الدين وليس خارجاً منه ، لأن الدين الإسلامي  ـ كما سبق ـ يستوعبه من خلال نصوصه المرنة ومبادئه العامة .


 


اختلاف تنوع لا تضاد :


 بما أن الثوابت متفق عليها بين جميع المسلمين فإن اختلافهم إذا كان نابعاً عن الاجتهاد المنضبط فهو اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد ، وقد جعل الشاطبي الاختلاف الذي يؤدي إلى الفرقة والتباغض من علامات كونه اختلافاً نابعاً عن الهوى ، غير مقبول في الإسلام حيث يقول : (ومن هنا يظهر وجه الموالاة والتحاب والتعاطف فيما بين المختلفين في مسائل الاجتهاد ، حتى لم يصيروا شيعاً ، ولا تفرقوا فرقاً ، لأنهم مجتمعون على طلب قصد الشارع ، فاختلاف الطرق غير مؤثر) ثم قال : (وبهذا يظهر ان الخلاف الذي هو في حقيقته خلاف ناشئ عن الهوى المضل ، لا عن تحري قصد الشارع باتباع الأدلة على الجملة والتفصيل ، وهو الصادر عن أهل الأهواء ، وإذا دخل الهوى أدى إلى اتباع المتشابه حرصاً على الغلبة والظهور بإقامة العذر في الخلاف ، وأدى إلى الفرقة والعداوة والبغضاء ، لاختلاف الأهواء ، وعدم اتفاقهما ، وإنما جاء الشرع لحسم مادة الهوى بإطلاق)[8] .


 ومن المعلوم أن هذه الاختلافات الفقهية الكثيرة داخل الفقه الإسلامي دليل على يُسر الشريعة وسعتها ومرونتها وعظمتها ، لأنها استوعبتها نصوصها كل هذه الخلافات مرونة ورفع للحرج .  


 بل الخلافات الفقهية والفكرية والسياسية ضرورية ما دام الاجتهاد مشروعاً ، فتكون الخلافات الفقهية ناتجة من ذلك فهي تدور معه وجوداً وعدماً ، لاختلاف العقول والتصورات والأعراف والتأثيرات الخارجية والداخلية .


 ومن هنا فالمسلمون عندما يكون لديهم هذا الوعي لا يؤدي الاختلاف إلى التباغض يقول ابن تيمية : (وأما الاختلاف في الأحكام فأكثر من أن ينضبط ولو كان كلما اختلف مسلمان في شيء تهاجرا لم يبق بين المسلمين عصمة ولا اخوة)[9] حتى وسع شيخ الإسلام الدائرة لتسع بعض الفرق أو الأشخاص الذين تصدر منهم أقوال خطرة ومع ذلك لا يجوز تكفير شخص معين منهم حيث يقول : (وحقيقة الأمر في ذلك أن القول قد يكون كفراً ، ينطلق القول بتكفير صاحبه ، ويقال : من قال كذا فهو كافر ، لكن الشخص المعين الذي قاله له لا يحكم بكفره حتى تقوم عليه الحجة …وهكذا الأقوال التي يكفر قائلها ، قد يكون الرجل لم تبلغه النصوص الموجبة لمعرفة الحق ، وقد تكون عنده ولم تثبت عنده ، أو لم يتمكن من فهمها ، وقد تكون قد عرضت له شبهات يعذره الله بها ، فمن كان من المؤمنين مجتهداً في طلب الحق وأخطأ ، فإن الله يغفر له خطأه كائناً ما كان سواء كان في المسائل النظرية أو العملية ، هذا الذي عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وجماهير أئمة الإسلام)[10] .


 


عدم الإنكار في المسائل الخلافية


 ومن المعلوم شرعاً أن إنكار المنكر باللسان ، أو باليد لمن له سلطان خاص بالمنكرات المتفق عليها ، أما المختلف فيها (ضمن الاختلاف المشروع) فلا يكون فيها الإنكار ، وإنما يكون فيها الحوار والنقاش والحكمة والموعظة الحسنة ، والأسلوب الراقي الجميل ، والجدال بالتي هي أحسن للإرشاد إلى ما هو الأفضل والأرجح أو الراجح .


 ولذلك حينما شدد نبي الله موسى عليه السلام على أخيه هارون وأخذ بلحيته يجره ، برر سكوته عما وقع لبني إسرائيل من اتخاذ العجل إلهاً فقال : (إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي)[11] وحينئذٍ قبل قوله وسكوته وتبريره


 ومن شروط الخلاف المشروع أن تكون نية المخالف سليمة ، خالصة متجردة عن الأهواء متجهة نحو الخير ، متحررة من التعصب الأعمى للأشخاص والمذاهب والطوائف مع إحسان الظن بالآخرين ، وترك الطعن والتجريح ، والبعد عن المراء واللدد في الخصومة ، وأن يكون الحوار بالتي هي أحسن[12] .


 


الاختلاف في الفروع رحمة :


 وقد جرى هذا الشعار على ألسنة السلف الصالح ، فقال عمر بن عبدالعزيز : (ما يسرني أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يختلفوا ، لأنهم لو لم يختلفوا لم يكن لنا رخصة)[13] وقد قال القاسم بن محمد أحد الفقهاء السبعة بالمدينة حينما سئل عن قراءة الفاتحة بعد الإمام : (إن قرأت فلك في رجال من أصحاب رسول الله أسوة ، وإذا لم تقرأ فلك في رجال من أصحاب رسول الله أسوة)[14] وقال يحيى بن سعيد : (ما برح أولو الفتوى يفتون فيحل هذا ويحرم هذا ، فلا يرى المحرم أن المحل هلك لتحليله ، ولا يرى المحل أن المحرم هلك لتحريمه)[15].


 وقد نقل المفسرون في تفسير قوله تعالى : (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول)[16] عن الحسن البصري أنه قال : (وأما أهل رحمة الله فإنهم لا يختلفون اختلافاً يضرهم…)[17]، لأن هدفهم هو ا لوصول إلى الحق والصواب ما أمكن ، وإظهار الصحيح في نظرهم حتى ولو على لسان غيرهم ، فالرأي الذي لم تصنعه الأهواء لا يتعصب صاحبه له .


 


قرار معاصر من المجمع الفقهي :


 فقد صدر قرار من المجمع الفقهي الإسلامي في دورته العاشرة في الفترة 24 – 28 صفر 1423هـ الموافق 17 –20 اكتوبر 1987 نذكره بنصه لأهميته : (فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي قد نظر في موضوع الخلاف الفقهي بين المذاهب المتبعة ، وفي التعصب الممقوت من بعض أتباع المذاهب لمذهبهم ، تعصباً يخرج عن حدود الاعتدال ، ويصل بأصحابه إلى الطعن في المذاهب الأخرى وعلمائها ، استعرض المجلس المشكلات التي تقع في عقول الناشئة العصرية ، وتصوراتهم ، حول اختلاف المذاهب ، الذي لا يعرفون مبناه ومعناه ، فيوحي إليهم المضللون ، بأنه ما دام الشرع الإسلامي واحداً ، وأصوله من القرآن العظيم ، والسنة النبوية الثابتة ، متحدة أيضاً ، فلماذا اختلاف المذاهب ؟ ولم لا توحد ؟ حتى يصبح المسلمون أمام مذهب واحد ؟ وفهم واحد لأحكام الشريعة ؟ كما استعرض المجلس أيضاً أمر العصبية المذهبية ، والمشكلات التي تنشأ عنها ، ولا سيما بين أتباع بعض الاتجاهات الحديثة اليوم ، في عصرنا هذا ، حيث يدعو أصحابها إلى خط اجتهادي جديد ، ويطعنون في المذاهب القائمة التي تلقتها الأمة بالقبول من أقدم العصور الإسلامية ، ويطعنون في أئمتها ، أو بعضهم ضلالاً ، ويوقعون الفتنة بين الناس .


 وبعد المداولة في هذا الموضوع ، ووقائعه ، وملابساته ، ونتائجه في التضليل والفتنة ، قرر المجمع الفقهي : توجيه البيان التالي ، إلى كلا الفريقين المضللين والمتعصبين ، تنبيهاً وتبصيراً :


أولاً : اختلاف المذاهب :


إن اختلاف المذاهب الفكرية ، القائم في البلاد الإسلامية نوعان



أ ـ اختلاف في المذاهب الاعتقادية .


ب ـ اختلاف في المذاهب الفقهية .


 فأما الأول ، وهو الاختلاف الاعتقادي ، فهو في الواقع مصيبة ، جرّت إلى كوارث في البلاد الإسلامية ، وشقت صفوف المسلمين ، وفرقت كلمتهم ، وهي ما يؤسف له ، ويجب أن لا يكون ، وأن تجتمع الأمة على مذهب أهل السنة والجماعة ، الذي يمثل الفكر الإسلامي ، النقي السليم في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وعهد الخلافة الراشدة التي أعلن الرسول أنها امتداد لسنته بقوله : (عليكم بسنتي ، وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي ، تمسكوا بها ، وعضوا عليها بالنواجذ) .


 وأما الثاني ، وهو اختلاف المذاهب الفقهية ، في بعض المسائل ، فله أسباب علمية ، اقتضته ، ولله سبحانه في ذلك حكمة بالغة ، ومنها الرحمة بعباده ، وتوسيع مجال استنباط الأحكام من النصوص ، ثم هي بعد ذلك نعمة ، وثروة فقهية تشريعية ، تجعل الأمة الإسلامية في سعة من أمر دينها وشريعتها ، فلا تنحصر في تطبيق شرعي واحد حصراً لا مناص لها منه إلى غيره ، بل إذا ضاق بالأمة مذهب أحد الأئمة الفقهاء في وقت ما ، أو في أمر ما ، وجدت في المذهب الآخر سعة ورفقاً ويسراً ، سواء أكان ذلك في شؤون العبادة ، أم في المعاملات ، وشؤون الأسرة ، والقضاء والجنايات ، وعلى ضوء الأدلة الشرعية .


 فهذا النوع الثاني من اختلاف المذاهب ، وهو الاختلاف الفقهي ، ليس نقيصة ، ولا تناقضاً في ديننا ، ولا يمكن أن لا يكون ، فلا يوجد أمة فيها نظام تشريعي كامل بفقهه واجتهاده ليس فيها هذا الاختلاف الفقهي الاجتهادي .


 فالواقع أن هذا الاختلاف ، لا يمكن أن لا يكون ، لأن النصوص الأصلية ، كثيراً ما تحتمل أكثر من معنى واحد ، كما أن النص لا يمكن أن يستوعب جميع الوقائع المحتملة ، لأن النصوص محدودة ، والوقائع غير محدودة ، كما قال جماعة من العلماء ـ رحمهم الله تعالى ـ فلا بد من اللجوء إلى القياس ،و النظر إلى علل الأحكام , وغرض الشارع ، والمقاصد العامة للشريعة ، وتحكيمها في الوقائع ، والنوازل المستجدة ، وفي هذا تختلف فهوم العلماء وترجيحاتهم بين الاحتمالات ، فتختلف أحكامهم في الموضوع الواحد ، وكل منهم يقصد الحق ، ويبحث عنه ، فمن أصاب فله أجران ، ومن أخطأ فله أجر واحد ، ومن هنا تنشأ السعة ويزول الحرج .     


 فأين النقيصة في وجود هذا الاختلاف المذهبي ، الذي أوضحنا ما فيه من الخير والرحمة ، وأنه في الواقع نعمة ورحمة من الله بعباده المؤمنين وهو في الوقت ذاته ، ثروة تشريعية عظمى ، ومزية جديرة بأن تتباهى بها الأمة الإسلامية .


 ولكن المضللين من الأجانب ، الذين يستغلون ضعف الثقافة الإسلامية لدى بعض الشباب المسلم ،ولا سيما الذين يدرسون لديهم في الخارج ، فيصورون لهم اختلاف المذاهب الفقهية هذا كما لو كان اختلافاً اعتقادياً ، ليوحوا إليهم ظلماً وزوراً بأنه يدل على تناقض الشريعة ، دون أن ينتبهوا إلى الفرق بين النوعين وشتان ما بينهما .


ثانياً : وأما تلك الفئة الأخرى ، التي تدعو إلى نبذ المذاهب ، وتريد أن تحمل الناس على خط اجتهادي جديد لها ، وتطعن في المذاهب الفقهية القائمة ، وفي أئمتها أو بعضهم ، ففي بياننا الآنف عن المذاهب الفقهية ، ومزايا وجودها وأئمتها ما يوجب عليهم أن يكفوا عن هذا الأسلوب البغيض الذي ينتهجونه ، ويضللون به الناس ، ويشقون صفوفهم ، ويفرقون كلمتهم في وقت نحن أحوج ما نكون إلى جمع الكلمة في مواجهة التحديات الخطيرة من أعداء الإسلام ، بدلاً من هذه الدعوة المفرقة التي لا حاجة إليها .


وصلى الله علي سيدنا محمد ، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً والحمد لله رب العالمين.     


 


 اعلى الصفحة


 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


([1]) سورة آل عمران / الآية ( 103 ـ 105


([2]) سورة آل عمران / الآية (100 ـ 102  )


([3]) سورة الأنعام / الآية (159


([4] ) سورة الأنفال / الآية ( 46 )


([5]) صحيح البخاري كتاب الفتن مع الفتح (13/5) ومسلم (3/1477) الحديث 1849،واحمد (2/82 ،92 ،95 ،123 ،154


([6]) صحيح البخاري مع الفتح (10/413) ومسلم الحديث 2560 


([7]) يراجع : الشيخ القرضاوي : الصحوة الإسلامية بين الاختلاف المشروع والتفرق المذموم ط .دار الوفاء (ص 00034


[8])) الموافقات للشاطبي ط.دار المعرفة (2/576)


[9])) مجموع الفتاوى (24/173)


[10])) المرجع السابق (23/345 – 346)


[11])) سورة طه الآية (94)


[12])) الشيخ القرضاوي : الصحوة الإسلامية ص 193


[13])) فيض القدير (1/209)


[14])) جامع بيان العلم (2/80)


[15])) المرجع السابق


[16])) سورة النساء الآية (59)


[17])) يراجع لتفسير الآية : تفسير ابن عطية ، ط.قطر (4/108) وفتح القدير للشوكاني ، ط.عالم الكتب (1/481 – 482) وتفسير الماوردي ، ط. الكويت (1/400)