للعنف الزوجي أسباب كثيرة من أهمها :

1ـ سوء التربية في البداية ، ووجود بيئة عنيفة عاش فيها الزوج ، أو الزوجة ، فتربى عليها فكما يقال (من شب علي شيء شاب عليه) إلاّ من خلال وسائل مؤثرة وإرادة قوية قلما توجد للتغيير في عصرنا الحاضر .

  فحينما يتربى الزوج او الزوجة في بيئة سيئة عنيفة ورأى الوالد أو الوالدة يستعمل العنف بدل البيان ، ، ويستخدم دائماً منطق القوة ، لا قوة المنطق ، ولا يلجأ إلى المشاورة والمناصحة كما أمر به الإسلام حيث قيد القرآن كل تصرفات الزوجين بـ (عن تراض منهما وتشاور) حينئذٍ يتربى هو أيضاً على العنف واستعراض العضلات في حل المشاكل والنزاعات الداخلية .

2ـ ضعف الوازع الديني ، والتربية الدينية الأصلية المعمقة في النفوس .     

3ـ شرب الكحول والخمور واستعمال المخدرات ، ناهيك عن الادمان ، حيث تدل الاحصائيات إلى أن نسبة كبيرة من العنف تحصل عندما يكون أحد الزوجين مخموراً ، أو مخدراً ….. .

4ـ عدم التناسب بين الزوجين من الناحية الفكرية ، وبالأخص من جانب المرأة حيث تكون هي متعلمة ، أو مفكرة ، ويكون زوجها جاهلاً أو ليس على المستوى المطلوب حينئذٍ يعوض الزوج الجاهل باستعراض عضلاته واستعمال قوته للهيمنة والرجولة الكاذبة.

  ويزداد الأمر سوءاً عندما يكون الزوج من أصحاب المهن التي تحتاج إلى القوة العضلية دون القوة العقلية إذا لم يكن لديهم تربية أخلاقية ، فهؤلاء يميلون إلى استعمال اليد عند الشجار أكثر من استعمال العقل والحوار.

5ـ الظروف المعيشية الصعبة من الفقر والبطالة إذا لم يكن لدى أصحابها القناعة والرضا ، حيث تزداد المشاكل ويكون الحل بالاستبداد والقوة .

6ـ الغيرة الشديدة من قبل أحد الزوجين نحو الآخر ، ويزداد الأمر سوءاً إذا كانت من الطرفين ، ولا يكون أحدهما شخصاً رشيداً  .

7ـ الطبائع التي توجد لدى البعض من سرعة الغضب والإثارة وعدم القدرة على التحكم في نفسه عندما يغضب حتى يصبح كالمجنون ، وكذلك الطبائع الموجودة في بعض المناطق المتمثلة في اعتبار الضرب نوعاً من الرجولة وإثبات قوة الشخصية .

 

أشكال العنف الزوجي :

يتخذ العنف الزوجي أنماطاً معينة وأشكالاً من أهمها :

1ـ العنف الجسدي من الضرب والإيذاء ، والإتلاف والقتل والتقطيع…. وهذا النمط من أخطر الأنماط عنفاً وشدة ومع الأسف الشديد : شيوعاً .

2ـ العنف الجنسي ، وهو إجبار الزوج زوجته على ممارسة الجنس بالقوة دون مراعاة وضعها الصحي ، أو النفسي ، فقد تكون مريضة لا تقدر ، أو لا ترغب في ممارسة الجنس ، فيجبرها الزوج على ذلك بالقوة والعنف .

 

  وفي اعتقادي إن من أهم مظاهر الحكمة في منع المعاشرة الجنسية في وقت الحيض والنفاس أنها في هذه الحالة تكون في أثنائهما غير راغبة وفي حالة شبه مرضية ، بل إن القرآن الكريم بيّن العلة بوضوح وعلل لها الحكم الشرعي وهو حرمة المعاشرة الجنسية في وقت الحيض حيث قال : (ويسئلونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض و لاتقربوهنّ حتى يطهرن فإذا تطهرن فآتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين)  فهذه الآية الكريمة حرمت المعاشرة الزوجية (الوطء عند بعض الفقهاء ، او الاستمتاع بما بين السرة والركبة عند الآخرين) في فترة الحيض ، ومنع القرب الجنسي منهنّ إلاّ بعد شرطين هما انقطاع الدم ، والاغتسال ، وإذا نظرنا إلى صياغة الآية نجد عناية قصوى بهذا المجال حيث ذلك بالأمر بالاعتزال عن النساء في المحيض ، وعدم القرب منهنّ حتى يطهرن ، ثم لم يكتف بالإباحة السابقة أمر بالعودة إلى المعاشرة الجنسية بثلاثة شروط وهي :

أ ـ انقطاع الدم 

ب ـ الاغتسال

ج ـ أن يكون الإتيان من حيث أمر الله دون تعد ولا تجاوز .

  كما يفهم من الآية بوضوح أن العلة في ذلك هو أن الحيض أذى ، والتعبير القرآني (قل هو أذى) مطلق للجنس يتحقق بأي نوع من الأذى ، فإذا كانت المرأة في مرض فهي أذى وبالتالي يجب أن يراعى هذا الجانب من قبل الزوج ، ولا أقول بحرمة المعاشرة في المرض ، ولكني أقول : إن الآية أشارت بوضوح إلى أهمية رعاية حالة المرأة عند المعاشرة ، فحينما تكون في أذى الحيض فتحرم وحينما تكون في أذى المرض لا تجبر ، ولا تكره ، وغنما تطلق لها الحرية ، والله أعلم .

3ـ العنف اللفظي من السب والشتائم ، والتعيير ، وإذا وصل إلى مرحلة الاتهام بالزنا فأصبح قذفاً إما حدّ في ظهره أو اللعان (كما هو مفصل في الفقه) وقد قال الشاعر :

جراحات السنان لها التئام  ****    ولا يلتام ما جرح اللسان

4ـ العنف بالتهديد ، وهذا يتحقق بالتهديد بأية وسيلة تؤدي إلى أن تكون المرأة في حالة اضطراب دائم وقلق وخوف ، ومن أخطر أنواع التهديد اللاأخلاقي تهديد الزوجة بنشر صورها وهي في حالة غير لائقة ، أو تشويه سمعتها بأية وسيلة … .

5ـ العنف الاجتماعي وذلك بالحرمان من ممارسة حقوقها الاجتماعية والشخصية ، منعها من زيارة والديها ، أو أقاربها دون وجه حق ، ومنعها من دورها الاجتماعي في المجتمع.

6ـ العنف الصحي ، وذلك بمنعها من مراجعة الطبيب لمعالجة أمراضها ، أو منعها من معالجة نفسها من أمراض الولادة والعتم المؤقت ، أو نحو ذلك ، بحيث يمنعها من المعالجة حتى لا تحمل ، وهي تريد ذلك  .