يقول -تعالى- "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (184) شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185)".

إن الأمة الإسلامية مدعوة لصيام شهر رمضان المكرم بتهيئة نفوسها وتزكيتها وتطهير قلوبها وألسنتها، والتوبة الخالصة لله رب العالمين، وذلك من خلال الالتزام بشروطها الثلاثة، الإقلاع عن الذنب والندم على فعل المعصية أو التقصير، والعزم على عدم العودة إلى الذنب أبداً.

وإذا كانت التوبة في حق العباد عليه أن يستبرئ من صاحبها، ويطلب المسامحة منه، وهذا سهل في الحقوق المالية، أما في الحقوق المعنوية، فالأمر صعب، ومن الحقوق المعنوية الغيبة والنميمة والكذب.

والحذر الحذر من الوقوع في أعراض الناس، وعلى من وقع في ذلك المبادرة إلى الاستبراء من صاحبها، والمسارعة إلى طلب العفو، حتى لا يأتي يوم القيامة مفلساً من الأعمال بسبب ما ارتكب من الآثام.

إننا يجب أن ننظم الوقت بالصيام، إما أن نصوم صوم نبي الله داود عليه السلام، نصوم يوماً ونفطر يوماً، أو نصوم الإثنين والخميس من كل أسبوع، مع الأيام البيض، علينا أن نصون ألسنتنا، وننظف قلوبنا، ونكف عن القبائح؛ حتى ندرك شهر رمضان وقلوبنا تفيض نوراً، وجوارحنا تشع حبوراً.

إن أيام رمضان فرصة للتوقف أمام أسماء الله العلا وصفاته المقدسة وهي في آيات كثيرة، ولو أردنا إحصاءها لبلغت المئات من الآيات، وكذلك جاء ذكر تلك الأسماء والصفات في كثير من الأحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

إن أسماء الله لم تذكر لمجرد أن تذكرها الألسن وتنطق بها الشفاه، ولا لمجرد التسبيح بها أو حفظها فقط، وإنما أكد القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة، على أن الهدف من إحصاء هذه الأسماء والصفات هو الوصول بها إلى مبتغاها، وتحقيق غايتها، وهو العمل بها ووعيها وفهمها وتطبيقها تطبيقاً عملياً في حياتنا اليومية، وفي تصرفاتنا وسلوكنا.

إن الله -تعالى- أثبت لذاته العلية مجموعة من الأسماء الحسنى، ولم يفردها ذكراً في قوله تعالى: "وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ"، وقال تعالى: "قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى"، وقال تعالى: "اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى" .