أنموذجان في القرآن
والسيرة  للأقلية الإسلامية ، لا يزالان
” القدوة ” :

  وحينما نقرأ القرآن الكريم نجد أنه قد ذكر
أنموذجاً رائداً ورائعاً لشخص مسلم دفعته الظروف لأن يعيش في مجتمع غير مسلم ، وهو
سيدنا يوسف عليه السلام ، كما ذكرت كتب السيرة أن عدداً غير قليل من أصحاب الرسول
صلى الله عليه وسلم ( رجالاً ونساءً) قد هاجروا إلى الحبشة ، وعاشوا فيها فترة
مناسبة ، لذلك علينا أن نذكر هذين الأنموذجين بشيء من التعليق والتحليل .

 

الأنموذج الأول : أنموذج
نبي الله يوسف عليه السلام ، في مصر :

  لقد تكفل القرآن الكريم ببيان تفاصيل قصة يوسف
عليه السلام ، ونحن هنا يهمنا أن نذكر منها ما يتعلق بالموضوع على ضوء ما يأتي :

1-   
فقد
عاش يوسف عليه السلام في مصر محافظاً على دينه وعقيدته وأخلاقه ، ولم ينزلق ـ بفضل
الله تعالى ـ نحو الشهوات على الرغم من الضغوط الشديدة من امرأة العزيز ، ونسوة
أخريات ، حتى بلغ الأمر إلى ما ذكره القرآن الكريم : ( …. وَغَلَّقَتِ
الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ
مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ)[1] .

وقد ضحى في سبيل
الحفاظ على أخلاقه بكثير من المميزات ، بل سجن على ذلك عدة سنوات .

وهنا على الأقلية
المسلمة أن تأخذ القدوة من يوسف عليه السلام في أن يكون همها الأكبر الحفاظ على
دينها ، وعقيدتها ، وأخلاقها ، وأخلاق الأجيال اللاحقة من خلال الأخذ بكل الأسباب
المادية والمعنوية ، والآليات التربوية والعملية الممكنة لتحقيق هذا الهدف ، وهنا
يظهر دور الثبات والحفاظ على الهوية والأفراد ، وإلاّ فلا قيمة لأي هدف دنيوي مهما
كان كبيراً وعظيماً إذا ترتب عليه ضياع الدين والأخلاق ، وهذا ما صرح به سيدنا يوسف
فقال : (رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي )[2]
وذكر السجن مطلقاً حتى يفهم منه أن السجن حتى ولو طال كل العمر أحب وأفضل من
الوقوع في معصية تؤدي إلى غضب الله تعالى ، فما بالك بوقوع الكفر ، والانصهار ،
والذوبان للشخص نفسه ، أو للجيل اللاحق .

2-   
الوفاء
لكل من أحسن إليه حتى ولو كان كافراً حيث إن عزيز مصر حينما اشترى يوسف عليه
السلام قال : (لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ
نَتَّخِذَهُ وَلَدًا )[3] .

فلم ينس يوسف هذا
الجميل منه ، لذلك كان أحد الدوافع في عدم الاستجابة لطلب زوجته ـ بعد خوفه من
الله ـ حيث قال : (إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ)[4]
حيث أرجع الضمير  بعض المفسرين إلى عزيز
مصر بقرينة الحال ، حتى لو رجع الضمير إلى الله تعالى تعالى فإن تكملة الآية تدل
على ذلك فقال : (إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ )[5] .

LinkedInPin