أولاً ـ الاستثمار في اللغة والاصطلاح :
الاستثمار في اللغة :
الاستثمار لغة : مصدر استثمر يستثمر وهو للطلب بمعنى طلب الاستثمار ، وأصله من الثمر وهو له عدة معان منها ما يحمله الشجر وما ينتجه ، ومنها الولد حيث قال : الولد ثمرة القلب ، ومنها أنواع المال .
ويقال : ثَمر ـ بفتح الميم ـ الشجر ثموراً أي أظهر ثمره ، وثمر الشيء أي نضج وكمل ، ويقال : ثمر ماله أي كثر ، وأثمر الشجر أي بلغ أوان الإثمار ، وأثمر الشيء أي أتى نتيجته ، وأثمر ماله ـ بضم اللام ـ أي كثر ، وأثمر القوم : أطعمهم الثمر ، ويقال : استثمر المال وثمّره ـ بتشديد الميم ـ أي استخدمه في الإنتاج ، وأما الثمرة فهي واحدة الثمر فإذا أضيفت إلى الشجر فيقصد بها حمل الشجر ، وإلى الشيء فيراد بها فائدته ، وإلى القلب فيراد بها مودته وجمع الثمرة : ثَمَر ـ بفتح الثاء والميم ـ وثُمر ـ بضمهما ـ ثمار وأثمار[1].
وقد وردت كلمة : أثمر ، وثمرة ، وثمرات ، أربعاً وعشرين مرة في القرآن الكريم منها قوله تعالى : ( انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه إن في ذلكم لآيات لقوم يؤمنون )[2] ، أي انظروا إلى ثمار تلك الأشجار والنباتات ، ونضجها للوصول إلى الإيمان الكامل بالله تعالى حيث يحمل ذلك عجائب قدرته ، ومنه قوله تعالى : ( وهو الذي أنشأ جنّات معروشات وغير معروشات والنّخل والزرع مختلفاً أُكُلُهُ والزيتون متشابهاً وغير متشابه كُلُوا من ثمره إذا أثمر وءاتوا حقّه يوم حصاده ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين )[3] ، حيث امتن الله تعالى علينا بالثمار وأمرنا أن نأكل من ثمار هذه الأشجار والنباتات عندما تثمر وتنتج ، وأن نعطي حقها ( وهو الزكاة ) عند حصادها للمستحقين ، كما أمرنا بأن لا نسرف في الباقي وهذا يدل على أن حق الملكية ليس حقاً مطلقاً ، بل مقيد بضوابط الشرع . وفي هذه الآية وآيات أخرى أسند الله تعالى الإثمار إلى الشجر والنبات نفسيهما مما يدل على أهمية العناية بالسنن والأسباب الظاهرة التي لها تأثير على النمو والثمر والنضج مع أن الفاعل الحقيقي هو الله تعالى ولذلك أكد هذه الحقيقة في آيات أخرى فقال : ( وأنـزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم )[4] ، وقوله تعالى : ( ربِّ اجعل هذا بلداً آمناً وارزق أهله من الثمرات )[5].
ويلاحظ أن القرآن الكريم أطلق ( في الغالب ) الثمر أو الثمرة ، أو الثمرات على ما تنتجه الأشجار والنباتات مثل قوله تعالى : ( ونقصٍ من الأموال والأنفس والثمرات )[6] ، ولم يطلق على ما تنتجه التجارة من أرباح إلاّ إذا عَمَّمْنا المراد بقوله تعالى : ( أو لم نمكّن لهم حرماً آمناً يُجبى إليه ثمرات كل شيء )[7] .
وقد وردت هذه الكلمة أيضاً في السنة كثيراً وهي لا تعدو معانيها عن ثمار الأشجار والنباتات ، منها قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( نهى عن بيع الثمر حتى يزهو )[8] ، وقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( اللهم ارزقنا من ثمرات الأرض )[9] ، وغير ذلك .
الاستثمار قي الاصطلاح :
ورد لفظ ” التثمير ” في عر ف الفقهاء عندما تحدثوا عن السفيه والرشيد فقالوا : الرشيد هو القادر على تثمير أمواله وإصلاحه ، والسفيه هو غير ذلك ، قال الإمام مالك : ( الرشد : تـثمير المال ، وإصلاحه فقط )[10] ، وأرادوا بالتثمير ما نعني بالاستثمار اليوم[11]. وأما لفظ الاستثمار فلم يرد في كتب اللغة بمعناه الاقتصادي ، ولذلك في معجم الوسيط :الاستثمار :استخدام الأموال في الإنتاج إما مباشرة بشراء الآلات ، وإما بطريقة غير مباشرة كشراء الأسهم والسندات ثم وضع رمز(مج)الذي يدل على أن هذا المعنى هو من وضع مجمع اللغة.
حكم الاستـثمار :
الذي يظهر من النصوص الشرعية ومقاصدها العامة أن الاستـثمار مباح ومشروع بأصله على مستوى الفرد بل نستطيع القول بأنه ترد عليه الأحكام التكليفية من حيث عوارضه ووسائله لكنه ـ من حيث المبدأ ـ واجب كفائي على الأمة في مجموعهم ، أي أنه لا يجوز للأمة أن تترك الاستثمار .
ذلك لأن النصوص الشرعية متظافرة في أهمية المال في حياة الفرد والأمة ، وتقديم المال على النفس في جميع الآيات التي ذكر فيها الجهاد والأموال والأنفس إلاّ في آية واحدة في سورة التوبة ، الآية الحادية عشرة بعد المائة ، حيث قدمت الأنفس ، لأنها تتحدث عن الشراء ، وامتنان الله تعالى بالمال ، والمساواة بين المجاهدين ، والساعين في سبيل الرزق كما في آخر سورة المزمل ، وتسمية العامل والتاجر بالمجاهد في سبيل الله في أحاديث كثيرة … كل ذلك يدل بوضوح على وجوب العناية بالمال وتثميره وتقويته حتى تكون الأمة قادرة على الجهاد والبناء والمعرفة والتقدم والتطور والنهضة والحضارة ، حيث إن ذلك لا يتحقق إلاّ بالمال كما يقول تعالى : ( ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياماً وارزقوهم فيها )[12].
فقد سمى الله تعالى المال بأنه قيام للمجتمع الإسلامي ، وهذا يعني أن المجتمع لا يقوم إلاّ به ولا يتحرك ولا ينهض إلاّ به ، كما أن قوله تعالى : ( وارزقوهم فيها ) ولم يقل ( منها ) يدل بوضوح على وجوب الاستثمار حتى تكون نفقة هؤلاء المحجور عليهم ( من الأطفال والمجانين ) في الأرباح المتحققة من الاستثمار وليست من رأس المال نفسه .
يقول الإمام الرازي : ( اعلم أنه تعالى أمر المكلفين في مواضع من كتابه بحفظ الأموال) ، قال تعالى : ( ولا تبذّر تبذيرا إنّ المبذرين كانوا إخوان الشياطين )[13] ، وقال تعالى : (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عُنُقك ولا تبسطها كلّ البسط فتقعد ملوماً محسوراً )[14] ، وقال تعالى : ( والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا )[15] ، وقد رغب الله تعالى في حفظ المال في آية المداينة حيث أمر بالكتابة والاشهاد والرهن ، والعقل يؤيد ذلك ، لأن الإنسان ما لم يكن فارغ البال لا يمكنه القيام بتحصيل مصالح الدنيا والآخرة ، ولا يكون فارغ البال إلاّ بواسطة المال ، ثم قال : وإنما قال (فيها) ولم يقل ( منها ) لئلا يكون ذلك أمراً بأن يجعلوا بعض أموالهم رزقاً ، بل أمرهم أن يجعلوا أموالهم مكاناً لرزقهم بأن يتجروا فيها ويثمروها فيجعلوا أرزاقهم من الأرباح ، لا من أصول الأموال .. )[16] .
ومن الأدلة المعتبرة على ذلك أن وجوب الزكاة في الأموال يدفع أصحابها إلى التجارة ، لأنهم إن لم يتاجروا فيها تأكلها الصدقة والنفقة ، وهذا ما يؤيده الفكر الاقتصادي الحديث حيث يفرض أنواعاً من الضرائب لدفع أصحاب الأموال إلى عدم اكتنازها ، بل قد وردت أحاديث تصل بمجموعها إلى درجة الصحيح أو الحسن الذي ينهض به حجة على وجوب التجارة في أموال الصغار ( اليتامى وغيرهم ) والمحجور عليهم ( السفهاء والمجانين وناقصي الأهلية ) فقد روى الشافعي بإسناده عن يوسف بن ماهك أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : ( ابتغوا في مال اليتيم ـ أو في أموال اليتامى ـ لا تذهبها ـ لا تستهلكها ـ الصدقة ) وقد قال البيهقي والنووي : ( إسناده صحيح ، ولكنه مرسل معضد بعموم النصوص الأخرى وبما صحّ عن الصحابة من إيجاب الزكاة في مال اليتيم )[17] .
قال البيهقي : ( وهذا ـ أي حديث ابن ماهك ـ مرسل إلاّ أن الشافعي ـ رحمه الله ـ أكده بالاستبدال بالخبر الأول ـ وهو عموم الحديث الصحيح في إيجاب الزكاة مطلقاً ـ وبما روى عن الصحابة في ذلك )[18] . وقال النووي : ( ورواه البيهقي عن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ موقوفاً عليه بلفظ : (وابتغوا في أموال اليتامى لا تأكلها الصدقة ) وقال إسناده صحيح ، ورواه أيضاً علي بن مطرف)[19].
وروى الطبراني في الأوسط عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ (اتجروا في أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة ) ، قال الهيثمي في مجمع الزوائد نقلاً عن شيخه الحافظ العراقي : ( إن إسناده صحيح )[20] .
يقول الشيخ القرضاوي : ( إن الأحاديث والآثار قد نبهت الأوصياء على وجوب تثمير أموال اليتامى حتى لا تلتهمها الزكاة .. ) فواجب على القائمين بأمر اليتامى أن ينموا أموالهم كما يجب عليهم أن يخرجوا الزكاة عنها ، نعم إن في هذين الحديثين ( أي حديث عمرو بن شعيب المرفوع وحديث يوسف بن ماهك ) ضعفاً من جهة السند ، أو الاتصال ولكن يقويهما عدة أمور ، وذكر منها : ( أنه يوافق منهج الإسلام العام في اقتصاده القائم على إيجاب التثمير وتحريم الكنـز)[21] .
وكذلك يدل على تثمير الأموال قوله تعالى : ( كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم )[22] ، حيث إن الأموال لا تتداول إلاّ عن طريق توزيع الصدقات ، والاستثمار الذي يؤدي إلى أن يستفيد منها الجميع من العمال والصنّاع والتجّار ونحوهم ، وكذلك قوله تعالى : ( وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوة )[23] ، ومن القوة بلا شك قوة المال بل هي مقدمة في معظم الآيات على النفس ، فإذا كانت قوة البدن والسلاح مطلوبة فإن قوة المال أشدُّ طلباً ووجوباً.
ثم إن من مقاصد هذه الشريعة الحفاظ على الأموال ، وذلك لا يتحقق إلاّ عن طريق استثمارها وتنميتها ، كما أن من مقاصدها تعمير الكون على ضوء منهج الله تعالى ( هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها )[24] ، فقال المفسرون : ( معناه أمركم بعمارة ما تحتاجون إليه فيها من بناء مساكن وغرس أشجار )[25] ، وكذلك من مقاصدها الاستخلاف الذي يقتضي القيام بشؤون الأرض وتدبيرها والإفادة منها وتعميرها وكل ذلك لا يتحقق على وجهها الأكمل إلاّ عن طريق الاستثمار .
والخلاصة :
أن الاستثمار للأموال بوجهها العام واجب كفائي على الأمة بأن تقوم بعمليات الاستثمار حتى تـتكون وفرة الأموال وتشتغل الأيادي ويتحقق حدّ الكفاية للجميع إن لم يتحقق الغنى ، ومن القواعد الفقهية في هذا المجال هو أن ما لا يتم الواجب إلاّ به فهو واجب .
ويثور التساؤل حول وجوب الاستثمار على الفرد إذا كان له فائض مالي ، فالذي يقتضيه المنهج الإسلامي في أن المال مال الله تعالى وأن ملكية الإنسان له ليست مطلقة عن قيد… أنه يجب عليه أن يستثمر أمواله بالطرق المشروعة سواء كان بنفسه ، أو عن طريق المضاربة والمشاركة ونحوهما ، وأنه لا ينبغي له أن يترك أمواله الصالحة للاستثمار فيعطلها عن أداء دورها في التدوير وزيادة دورانها الاقتصادي الذي يعود بالنفع العام على المجتمع .
كما أن قوة المجتمع والأمة بقوة أفرادها ولا سيما على ضوء منهج الاقتصاد الإسلامي الذي يعترف بالملكية الفردية ، وأن ملكية الدولة محدودة ، ومن هنا فتقع على الأفراد مسؤولية كبرى في زيادة الأموال وتقويتها عن طريق الاستثمار ، يقول الشيخ محمود شلتوت : ( إذا كان من قضايا العقل والدين أنّ ما لا يتمّ الواجب إلاّ به فهو واجب ، وكانت عزة الجماعة الإسلامية أول ما يوجه الإسلام على أهله ، وكانت متوقفة على العمد الثلاثة : الزراعة والصناعة والتجارة ، كانت هذه العمد واجبة وكان تنسيقها على الوجه الذي يحقق خير الأمة واجباً… )[26] .
المعالم الأساسية للمنهج الإسلامي في الاستثمار :
لا يمكن الخوض في تفاصيل هذا الموضوع في هذا البحث وإنما نكتفي بذكر أهم معالمه بصورة موجزة وهي :
أولاً ـ أن منهج الاستثمار في الإسلام لا ينفصل عن العقيدة والفكر الإسلامي ، وكما أن الفكر الرأسمالي يسيّر عجلة الاستثمرا في النظام الرأسمالي ، وأن الفكر الشيوعي كان يسير عملية الاستثمار في الاتحاد السوفيتي السابق والدول الاشتراكية نحو إطاره الفلسفي وأهدافه من خلال وسائله الخاصة …
فكذلك العقيدة الاسلامية هي المهيمنة في الفكر الاقتصادي الاسلامي وفي منهج الاستمثار وأدواته ووسائله وآلياته ، فالمسلم يعتقد أن المال مال الله تعالى وأنه مستخلف فيه ، ولذا يجب أن يسير في الاستثمار وغيره على ضوء منهج الله تعالى ، ولا يخالف شرعه كما عليه أن يعمر الكون بالعدل والحق ويكون شاهداً على الآخرين .
ولأجل هذه العقيدة تختلف تصرفات المؤمن عن الكافر فبينما يضع المسلم في الاكتساب والانفاق والاستثمار رضاء الله تعالى نصب عينيه يضع الكافر مصالحه الشخصية أولاً ثم مصالح قومه فوق كل الاعتبارات ، بل قد لا يكون له اعتبار إلاّ لهما ، يبين ذلك قوله تعالى في وصف المؤمنين : (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلا شُكُورًا )[27] بينما يتصف الكافر بأنه ليس راغباً في إطعام اليتامى والمساكين لأنه ليس فيه مصلحة دنيوية له ، حتى لو أطعم فإنما يطعم من يرجو منه مصلحة كأصحاب الجاه حيث يقول تعالى : (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ )[28] .
ولأجل هذه العقيدة يرى المؤمن أن الربا محق للأموال ونقض حقيقي ، وأن دفع الصدقات زيادة لها ، وهذا بالتأكيد عكس تصور الكافر الذي يرى الربا زيادة ومصلحة ، والصدقة نقصاً ومحقاً ، إيماناً من المؤمن بقوله تعالى : (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ)[29] وقوله تعالى : (وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّبًا لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِندَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ)[30] .
ولأجل هذه العقيدة أيضاً يتمنع المسلم عن المحرمات ويبقل على الطاعات ، ويعتبر أنه مثاب مأجور ينفذ أمر الله تعالى حينما يستثمر ويتاجر ويعمل ، إضافة إلى إسناده النتيجة إلى الله تعالى وحينئذ لا يحزن ولا يغتم عند الخسارة ، ولا يبطر ولا يطغى عند الربح والغناء : (لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ)[31] فهو دائماً في أحد المقامين ، أو كليهما : مقام الشكر والثناء ، ومقام الصبر والرضا والقناعة وغيره في الغالب يكون في مقامي اليأس والطغيان .
ولأجل هذه العقيدة أيضاً أن الاستثمار لا ينبغي أن يلهيه عن عبادة الله وذكره ، وحقوقه ، وحقوق عباده .
كما يترتب على هذه العقيدة سرعة الامتثال لأوامر الله تعالى ونواهيه ولذلك يقدم الله تعالى على أوامره ونواهيه ذكر الايمان فيقول تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ )[32] وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)[33] .
ومن جانب آخر فإن المسلم حينما يتحرك ويستثمر فإنما ينطلق من منطلق العقيدة التي تفرض عليه أن يعمر الكون على ضوء منهج الله تعالى وينشر الخير والرحمة للعالمين أجمعين .
ثانياً ـ أن من أهم المعالم الأساسية للمنهج الإسلامي في الاستثمار قيامه على القيم والأخلاق والمبادئ ، ولذلك حرم الإسلام التطفيف في الكيل والميزان والحيل والغش والاستغلال والتدليس ، ولذلك وردت أحاديث صحيحة تدل على أن ( من غشنا فليس منا)[34] وعلى حرمة التدليس سواء كان بالقول كما في النجش[35] أم بالفعل كما في التصرية[36] ونحوها .