ومع كل ذلك فأمتنا اليوم تقع في قائمة الدول النامية المتخلفة ، وبينها دول تصنف دولياً ضمن الدول الفقيرة المعدمة التي تعيش على الصدقات والتبرعات ، وينهش في أجسامها الفقر والجهل والمرض والتخلف ، وتفتك بها الحروب الداخلية والاقليمية والدولية ، ووصل حال البعض إلى ما قاله الشاعر العربي في وصف الجاهلية : “وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد إلاّ أخانا” .

 ومع كل هذه الظروف السيئة لهذه الأمة وضعت على قلبها دولة صهيونية احتلت أبرك الأراضي (فلسطين) ولكنها شقت طريقها خلال حوالي نصف قرن لتصبح أقوى دولة في المنطقة سلاحاً وعتاداً وتقدماً تكنولوجياً ، وبقي العالم العربي حولها يعيش صراعاته الداخلية والفكرية والفكرية والأيدلوجية والقومية والقبلية .

 ويستفيد ضعاف النفوس من العملاء ومن هذه الأوضاع السيئة فتقام انقلابات عسكرية في العالم العربي لتزيد الطين بلة ويزيد الأمر سوءً ، فتقبع قبعات الجيش وأحذيتهم لتعمل عملها في إذلال الشعوب المظلومة المقهورة فتتفنن في وسائل التعذيب ، وتتقدم تقدماً رائداً ومبدعاً في مجال التفنن في أنواع الإيذاء والإذلال حتى يعوض هذا التقدم ما فات المسلمين من التقدم العلمي والتكنولوجي ، فصدق عليهم شعر شيخنا القرضاوي الذي هو أحد شهود العيان المجرب فيهم هذه الأنواع والمشاهد لغيرها فيقول :

يا سائلي عن قصتي ، اســمع ، إنها
قصص من الأهوال ذات شـــجون
 
أمســـــك بقلبك أن يطير مفزّعاً
وتوّل عن دنياك حتى حيــــــن
 
فالهول عات والحقائق مـــــرة
تســـــمو على التصوير والتبيين
 
والخطب ليس بخطب مصر وحـدها
بل خطب هذا المشرق المســــكين
 
في ليلة ليلاء من نوفــــــمبر
فزّعت من نومي لصوت رنيــــن
 
فإذا “كلاب الصيد” تهجــــم بغتة
وتحوطني عن يســــــرة ويمين
 
فتخطفوني من ذويّ وأقبلـــــوا
فرحاً بصيد للطغاة ســـــــمين
 
وعزلت عن بصر الحياة وســمعها
وقذفت في فقفص العذاب الهـــون
 
في ساحة “الحربي” حسبك باســمه
من باعث للرّعب قد طرحونــــي
 
ما دكت أدخل بابه حتــــى رأت
عيناني ما لم تحتســـــبه ظنوني
 
في كل شـــــبر للعذاب مناظر
يندي لها ـ والله ـ كل جبيــــن
 
فترى العســــاكر والكلاب معدّة
للنهش طوع القائد المفتــــــون
 
هذي تعض بنانها وزميلـــــها
يعدو عليك بسوطه المســـــنون
 
ومضـــــت عليّ دقائق وكأنها
مما لقيت بهن بضع ســــــنين
 
يا ليت شعري ما دهانِ ؟ وما جرى ؟
لا زلت حياً أم لقيت منونـــــي ؟
 
عجبا!! أســـجن ذاك أم هو غابة
برزت كواســــرها جياع بطون ؟
 
أأرى بناء أم أرى شـــِقّي رحىً
جبارة للمؤمنين طحـــــــون ؟
 
واهاً!! أفي حــــلم أنا أم يقظة
أم تلك دار خيالة وفتــــــون ؟!
 
لا …لا أشــك ..هي الحقيقة حية
أأشــــك في ذاتي ،وعين يقيني ؟!
 
هذي مقدمة الكتاب ، فكيف مــا
تحوي الفصول السود من مضـمون؟!
 
هذا هو “الحربي” معقل ثـــورة
تدعو إلى التحرير والتكويـــــن !
 
فيه زبانية أعــــــدّوا للأذى
وتخصصوا في فنّه الملعــــــون
متبلّدون.. .عقولهم بأكفّــهــم
واكفُّهم للشــــر ذات حنيــــن
 
لا فرق بينهمو وبين ســـياطهم
كلٌ أداة في يدي مأفـــــــون!
 
يتلقفون القادمــــــين كأنهم
عثروا على كنز لديك ثمــــــين
 
بالرجل..بالكرباج..باليد…بالعصا
وبكل أسلوب خسيــــــس دون
 
لا يقدرون مفكراً ولو أنــــه
في عقل سقراط وأفلاطــــــون
 
لا يعبأون لصالح ولو أنــــه
في زهد عيســــى أو تقى هارون
 
لا يرحمون الشيخ وهو محــطم
والظهر منه تراه كالعرجـــــون
 
لا يشفقون على المريـض وطالما
زادوا أذاه بقســـوة وجنــــون
 
كم عالم ذي هــــيبة وعمامة
وطئوا عمامته بكل مــجــــون
 
لو لم تكن بيضاء ما عبثــوا بها
لكنها هانت هــــوان الديـــن!
 
وكبير قوم زينته لحــــــية
أغرتهمو بالســـــــبّ والتلعين
 
قالوا له : انتفها ـ بكل وقاحة ـ
لم يعبأوا بسنينه الســــــــتين
 
فإذا تقاعـــس أو أبى يا ويلـه
مما يلاقي من أذىً وفتـــــون!!
 
أترى أولئــك ينـتـمون لآدم ؟
أم هم ملاعين بنو ملـعــــون ؟!
 
لا تحســوبهم مسلمين من اسمهم
لا دين فيهم غير ســـــبّ الدين!
 
لا يدين يردع.. لا ضمير محاسب
لا خوف شـعب.. لا حمى قانـون
 
قل للعواذل إن رميتم مصــرنا
بتخلف التصـــــنيع والتعدين
 
مصر الحديثة قد علت وتـقدمت
في صـــنعة التعذيب والتقرين!!
 
وتفننت ـ كي لا يمل معـذب ـ
في العـرض والاخراج والتلوين !!
 
أسمعت بالإنسان يضغط رأســه
بالطـوق حتى ينتهـــي لجنون!
 
أسمعت بالإنسان يشعل جســمه
ناراً وقد صـــبغوه “بالفزلين” ؟
 
أسمعت ما يلقى البريء ويصطلي               حتى يقول : أن المسيء خذونـي!
 
أسمعت الآهات تخترق الدجــى
رباه عدلك …إنهم قتلونـــي!!
 
إن كنت لم تسمع فسل عما جرى
مثلي ..ولا نبيك مثل ســـجين
 

 وأنا أقول لشيخنا العلامة إن الثوريين الذي جاؤوا في الستينات ـ كالنظام البعثي في العراق ـ قد استفادوا تماماً من كل ما فعله اخوانهم في مصر وغيرها تطبيقاً لقوله تعالى : ( أتواصوا به بل هم قوم طاغون) سورة الذاريات 53 .

 بل إنني أبشر شيخنا بأن التقدم التكنولوجي في مجال التعذيب قد استمر بقوة ، وان التفنن في وسائل الإيذاء قد خطا خطوات عظيمة ، وان عراقنا العظيم في عهد النظام الصدامي قد علا وفاق كل التصورات ، حيث استطاع أن يكرم شعبه بتطبيق أسلحة الدمار الشامل عليهم في حلبجة وغيرها ، فهم أولى بهذا التكريم من غيرهم ، بل لم يستعمله ضد الأعداء من الصهاينة ، والأمريكان ( أسد عليّ وفي الحروب نعامة ) رحمة بهم (رحماء بالكفار أشداء على المسلمين المواطنين أحفاد صلاح الدين) ( وأعزة على العرب والمسلمين ، وأذلة على الأمريكان والبريطانيين) .

 ويشهد على هذا التطور في التعذيب والإيذاء الوسائل الجديدة التي استعملت لأول مرة في العراق استوردت من مختلف دول العالم الاستبدادي ككوبا وصربيا ، ورومانيا ، وألمانيا الشرقية (في السابق) ولكن أدخلت فيها أيدي التقدم تعديلات رائعة ورائدة في مجال التعذيب ، إضافة إلى فن آخر لم يكن موجوداً هو شعار راية الأنفال الذي رفع عام 1988 وفي ظله تم تدمير القرى والمدن وأخذ رجالاتها حتى وصلت حتى وصل عدد القرى والمدن الصغيرة التي هدمها النظام الصدامي إلى حوالي أربعة آلاف قرية ، والأشخاص الذي قبض عليهم ولا يعرف عن مصيرهم شيء (182000) شخص ، وثمانية آلاف رجل من عشيرة البرزاني سلموا أنفسهم في عام 1982 بناء على عفو عام ، ثم وضع لهم مخيم في صحراء أربيل ، ثم جاء الأمن فأخذ جميع رجالاتهم لم يترك لهذه العوائل رجلاً واحداً ، ولا يعرف مصيرهم إلى اليوم ، وقد تركت النساء بالآلاف في ذلك المجتمع دون رحمة ، وكأن الإنسان يرى فرعون قد عاد (يذبحون أبناءهم ويستحيون نساءهم) سورة البقرة 49 .

 فن آخر أحدثه النظام الصدامي وهو التهجير واخراج الكورد والتركمان من كركوك ، واحلال غيرهم بالوسائل المغرية مكانهم ، حيث كان يعطي لكل عربي منزل ومبالغ كبيرة ووظيفة إذا ذهب إلى كركوك واغتصب أرض أخيه في الإسلام ، ولكن للحقيقة يقال إن العرب الشرفاء في العراق لم يقبلوا بهذا الاغتصاب وإنما حثالات الناس هم الذين قبلوا بذلك .

ونحن نعلم خطورة الإخراج من الأرض حتى قال الله تعالى : (واخراج أهله منه أكبر عند الله) سورة البقرة 217 أي إن إخراج الإنسان من وطنه بالظلم والعدوان أكبر عند الله تعالى من القتال في الحرم المكي ،وقال تعالى: (وهو محرم عليكم إخراجهم) سورة البقرة 85 .

 إن الله تعالى جعل أهم مبرر للجهاد هو الظلم وإخراج الأهل ، فقال تعالى:(أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق..)سورة الحج 40  وقال تعالى:(وما لنا ألاّ نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا…) سورة البقرة 246  ولذلك أجاز طرد المغتصب ، بل وجب بنص قوله تعالى : (وأخرجوهم من حيث اخرجوكم) سورة البقرة 191  .

 وقد نال ظلم صدام وملائه معظم العراقيين ولكن على درجات متفاوتة وطبقات مختلفة بعضها فوق بعض من العرب والكورد ، والسنة والشيعة ، ثم بعد فاض الظلم الداخلي مع النصرة الخارجي ، والعون الدولي وصل ظلم صدام وملائه إلى جمهورية إيران الإسلامية طوال ثمانية اعوام راح ضحية ذلك حوالي مليون ونصف من القتلى والجرحى والمعوقين ومئات المليارات من الدولارات من أقوات الشعب في حرب عبثية وبعثية لا طائل تحتها إلا كما قال وفيق السامرائي : القيام بواجب النيابة عن أمريكا ، حيث صرح للجزيرة بأن المخابرات الأمريكية في بغداد هي التي كانت تدير هذه الحرب ولكن بأرواح العراقيين واموالهم .

 ثم لم يكتف صدام بذلك فغزا الكويت واحتلها في 2/8/1990 وعاث هو وجنوده فساداً فيها أدى إلى تحالف دولي قادته أمريكا بطرده من الكويت بعد محاولات كثيرة لخروجه منها سليماً ، فراح ضحية ذلك مئات الآلاف من الجنود الأبرياء ، وتحطيم الآلاف من الدبابات والمدرعات ، والمدافع والآليات والطيارات يقدر ثمنها بمئات المليارات .
 هذا ما فعله النظام الصدامي في العراق على مستوى الشعب الذي أنهكته الحروب الداخلية والظلم ، وأثر والعنف والإرهاب والإذلال في فطرة بعضهم ونفوسهم بل علم معظم أتباعه وجنوده النهب والسرقة من خلال تشجيعه لنهب أموال الكورد في الأنفال وغيرها ، ثم نهب المدن التي احتلها العراق في غيران مثل قصر شيرين لم يبق فيها حتى شبابيك البيوت وأبوابها ، ثم ما شاهدناه من نهب كل شيء في الكويت ، ثم وأخيراً داخل العراق ، فهؤلاء الذين ينهبون هم أتباع النظام الذين باعوا أنفسهم له بالفلوس .

 هذا هو صدام الذي رفع شعار الجهاد في الأخير ، واغتر به الكثيرون ، حتى أن أحدهم ـ وهو من أهل العلم الشرعي أيضاً ـ جاءني يقول : (ادع لصدام حسين) فقلت له : لا أدعو له ، لأنه ظالم ، والظالم لا يفلح ، ولا ينصره الله تعالى تطبيقاً لقوله تعالى : (إنه لا يفلح الظلمون) سورة الأنعام 21 وإذا كان الله تعالى قد حجب النصر في بداية غزوة حنين وانهزم الكثيرون لأن الاعجاب أصاب البعض كما قال تعالى : (ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتهم فلم تغن عنهم ) سورة  فكيف ينصر الله تعالى هذا الظالم الفاجر الذي فعل كذا وكذا ، وقلت : أنا أدعو بنصر الإسلام والمسلمين على الكفر والكافرين وإذلال الشرك والمشركين وإبادة الطواغيت من الكفرة والظلمة ، أو ممن ينتمي إلى المسلمين ، وقلت : من يقرأ القرآن الكريم تدبر بعلم اليقين أن من سنن الله تعالى إهلاك الظالمين إذا وصل الظلم إلى مرحلة معينة فقال تعالى : (وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد)    سورة هود 102 ، وقال تعالى : ( فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة) سورة الحج 45 وقال تعالى بصيغة الحصر : (وهل يهلك إلاّ القوم الظالمون) سورة الأنعام 47 (وما كنا مهلكي القرى إلاّ وأهلها ظالمون) سورة القصص 59 وقال تعالى:(والظالمون ما لهم من ولي ولا نصير) سورة الشورى 8، وكيف تستجاب دعوتنا لظالم فعل كل هذه المنكرات واقترف كل هذه المظالم والسوءات وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم : (اتقوا دعوة المظلوم فإنه ليس بينه وبين الله حجاب) .

 ومع الأسف الشديد تتكرر معنا مآساة الاغترار بالشعارات دون النظر إلى واقع الشخص وحزبه مرات عديدة بل يكاد ينطبق علينا قوله تعالى : (أفلا يرون انهم يفتتنون في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون) سورة التوبة 126أي أنهم لا يتضرعون إلى الله تعالى بالتوبة والعودة الحقيقية إلى الله تعالى وإلى الدين القويم ، ولا يفكرون أيضاً في أسباب هذه الفتن والمصائب والمآسي العظام ، ولا يبحثون عن الخلل الموجود الذي أدى إليها ، بل يغفلون عن هذين الأمرين ، أو عن أحدهما ، أو لا يستفيدون من الدروس المطلوبة التي يريدها الله تعالى من مثل هذه الفت والمصائب ، وحينئذ تتكرر هذه الفتن في كل عام مرة أو مرتين .

  إن من سنن الله ربط الأسباب بالنتائج ومن هنا فإن الله تعالى جعل من سننه ربط الأسباب بنتائجها وآثارها ، ومن خلال ذلك أن ما حدث لهذه الأمة هي بسبب تقصيرها وعدم أخذها بسنن الله تعالى في النصر ، والتمكين تحقيقاً لقوله تعالى : (أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنّى هذا قل هو من عند أنفسكم) سورة آل عمران165 بل إن الله تعالى يقول : (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير)سورة الشورى 30  .

  ولكن مع الأسف الشديد كلما حدثت فتن ومصائب اتجه معظم الناس إلى الشعارات البراقة فاغتروا بها ، ولم يفكروا بأن هؤلاء الذين رفعوا هذه الشعارات هم السبب فيما أصاب الأمة من مصائب بسبب أفكارهم وأيدلوجياتهم التي تبنت أفكاراً غير إسلامية بل بذلت كل جهودها لإبعاد الإسلام عن الحياة ، وعزله عن شؤون المسلمين ، وهذه الأيدلوجيات هي التي فرقت الأمة ، ومنها أيدلوجية البعث التي تبنت القومية العلمانية الانقلابية ، وان القومية هي الرابطة الوحيدة القائمة ، واستبعاد الدين عن شؤون الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وان الدين هو مجرد علاقة روحية بين الإنسان وربّه ، واستلهام الفكر الاشتراكي الماركسي ، وظل البعث العراقي إلى آخر رمقه على هذا الفكر ،فقد صرح طارق عزيز في إيطاليا قبيل الحرب الأخيرة بأن العراق دولة علمانية ليس لها أي علاقة بأي فكر ديني (يراجع : شبلي العيسمي : حزب البعث الاشتراكي ، والرسائل الثلاث  لميشيل عفلق في سبيل البعث) .
 

 ومع هذا الفكر ، وكل ما فعله النظام البعثي الصدامي بالشعب العراقي ، وبإيران ، وبالكويت ، بل بالعالم العربي والإسلامي وما تسبب فيه من وجود الدول الأجنبية في المنطقة ….ظل معظم الجماهير والمثقفين مغترين بالشعارات التي رفعها النظام في حروبه الأربع ، فاغتر البعض في حربه الأولى ضد الأكراد ؛ لأنه يحمي القومية العربية ، والعراق العربي ، وفي حربه الثانية ضد إيران بأن صدام حسين حارس البوابة الشرقية ، واغتر بحربه الثالثة ضد الكويت بأن عمله هذا خطوة نحو الوحدة العربية ، وفي حربه الرابعة بأنه سيكون صدام قاهر الصليبيين ومحرر القدس للمسلمين ، وأمل الأمة وفارسها ، وأتوا بأحاديث وردت في بعض علامات الساعة فنزلوها على صدام حسين والحرب الأخيرة ، كما أتوا بأحاديث ضعيفة أو موضوعة نزلوها عليه ، والحقيقة أنه ينطبق على صدام وأمثاله ما ذكره الشاعر الأديب أحمد شوقي في مسرحيته حول أنطونيو الذي جاء محتلاً لمصر فانخدعت به كيلوباترا فعشقته وضاعت بسبب ذلك إمبراطوريتها ، ثم دخلا القصر للاستمتاع وظن الشعب أن الإمبراطور هو الذي استسلم لها فظلوا ينشدون ويصفقون فرحاً فقال “حابي” أحد رجالات القصر يخاطب “ديون” زميله في مكتبة القصر حينما رأى العامة ينشدون فرحاً :

اسمع الشعب ديون   كيف يوحون إليـه
ملأ الجو هتــافاً   بحياتي قاتليـــه
أثر البهتان فيــه   وانطلى الزور عليه
ياله من ببغــاء   عقله في أذنيـــه

ثم قال “ديون” :

هداك الله من شعب بريء     يصرفه المضلل كيف شاء

والله المستعان