الدوحة – جريدة العرب
وصف د. على محيي الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين اعتداء الإنسان على البيئة بأنه «عقوق»، معتبرا أن الأرض التي نعيش عليها تمثل «أم البشر»، حيث يعيشون فوقها ويأكلون من خيراتها.
وذكر أن القرآن الكريم لخص علاقتنا بالبيئة بأننا خلقنا من الأرض، وهي أمّنا، ولها حقوق علينا، ولا يجوز لنا أن نضرّ بها.
جاء ذلك في بحث جديد للدكتور القرة داغي عن الفساد البيئي.
وتناول د.القرة داغي في البحث الجديد قضية الفساد البيئي، وأثره على الاقتصاد، وقصد به: التصرفات الضارة التي تؤدي إلى تلوث ما يحيط بالإنسان من أرض وهواء وسماء، وتغير خواصه، بحيث يترتب عليها الضرر والإخلال بالتوازن.
وقال: إن الفساد البيئي يؤدي إلى تحول المكونات المفيدة المحيطة بنا إلى مكونات ضارة، أو أنها تفقد قيمتها، ودورها الطبيعي، فهو تغير غير طبيعي في الخصائص الفيزيائية، أو الكيميائية، بما يضر الحياة في كوكبنا.
وأوضح أن للفساد البيئي آثارا سلبية كثيرة في مختلف المجالات وهي:
– أن نسب التلوث تتجاوز حدوداً لم يسبق لها مثيل في تاريخ البشرية.
– أن غاز الكربون ازداد في الغلاف الجوي بشكل ينذر بفساد أرضنا.
– أن الإنسان هو السبب والمسؤول عما حدث للبيئة من الفساد.
موقف الإسلام من البيئة وإفسادها
وذكر الشيخ القرة داغي أن القرآن الكريم لخص علاقتنا بالبيئة بأننا خلقنا من الأرض، إذن فهي أمّنا، ولها حقوق علينا، وأنه لا يجوز لنا أن نضرّ بها، لأن الإضرار بها عقوق، ومع هذا الإيجاز فصل القرآن الكريم أهمية الحفاظ على البيئة، وحمايتها من الفساد والتلوث وكل ما يضر بها، إضافة إلى أن آثارها السلبية، أو الإيجابية تكون للإنسان، أو على الإنسان.
واستشهد بمجموعة كبيرة من الآيات الكريمة والسنة المشرفة التي تحمل بين طياتها النهي الشديد والزجر الكبير لكل من يفسد في الأرض، فقال تعالى: (وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا) وقال تعالى في وصف البعيدين عن رحمة الله: (وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْفَسَادَ).
وأشار إلى مجموعة من الآيات الكريمة والسنة والمطهرة، تأمر بالإصلاح والتعمير والحفاظ على جمال الأرض ومكوناتها، منها قوله تعالى: (إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ) بل إن الله أقرّ سنة عظيمة من سننه، وهي أن الأمة المصلحة لن يهلكها الله تعالى، وإنما يهلك الأمة المفسدة الظالمة، فقال تعالى: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ).
وأضاف أن مجموعة من النصوص الشرعية في الكتاب والسنة بينت أن أسباب فساد البيئة ترجع إلى الإنسان نفسه، وإلى تصرفاته وسلوكياته السلبية، منها قوله تعالى: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ).
وعرض الشيخ القرة داغي للحل الاقتصادي الإسلامي الخاص بالبيئة، مبينا أن الإسلام ذكر مجموعة من المبادئ الاقتصادية التي تعالج هذا الجشع الرأسمالي بصورة خاصة، وهي:
– ترسيخ عقيدة أن الملك الحقيقي لله تعالى، وأن الإنسان مستخلف في الأرض.
– أداء شكر المنعم، باستخدام الموارد والطاقات فيما خلقها الله تعالى له.
– اتباع المنهج الوسط المعتدل القائم على القصد، والتوازن والاعتدال في كل شيء، وحرمة الإسراف والتبذير والبخل.
– تعمير الأرض وإصلاحها، وتحقيق متطلبات الخلافة.
– حرمة الفساد والإفساد والضرر والضرار والخبائث والمحرمات.
– تشريع عقوبات رادعة، لكل من يفسد في الأرض.
– ضرورة معالجة الملوثات لإعادتها إلى حالة نافعة للاستفادة منها.