الوطن – الدوحة
أمر الإسلام بالابتعاد عن كل ما يثير الفتن بين الناس وحذر من مخاطر ذلك قال سبحانه (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب)، وفي دين الإسلام توجيه للفرد والجماعة للاعتدال واجتثاث نوازع الجنوح والتطرف وما يؤدي إليهما من غلو في الدين.
سبق الإسلام جميع القوانين في مكافحة الإرهاب وحماية المجتمعات من شروره، وفي مقدمة ذلك حفظ الإنسان وحماية حياته وعرضه وماله ودينه وعقله.
الإرهاب: هو العدوان الذي يمارسه أفراد أوجماعات أو دول بغيا على الإنسان «دينه ودمه وعقله وماله وعرضه»، ويشمل صنوف التخويف والأذى والتهديد والقتل بغير حق وما يتصل بصور الحرابة وإخافة السبيل وقطع الطريق.
3- تعريف الإرهاب عند المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي، فقد عرف الإرهاب بما يأتي:
(الإرهاب: هو العدوان الذي يمارسه أفراد أوجماعات أو دول بغيا على الإنسان «دينه ودمه وعقله وماله وعرضه» ويشمل صنوف التخويف والأذى والتهديد والقتل بغير حق وما يتصل بصور الحرابة وإخافة السبيل وقطع الطريق وكل فعل من أفعال العنف أو التهديد يقع تنفيذا لمشروع إجرامي فردي أو جماعي ويهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس أو ترويعهم بايذائهم أو تعريض حياتهم أو حريتهم أو أمنهم أو أحوالهم للخطر ومن صنوفه إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق والأملاك العامة أو الخاصة أو تعريض أحد الموارد الوطنية أو الطبيعية للخطر فكل هذا من صور الفساد في الارض التي نهى الله سبحانه وتعالى المسلمين عنها في قوله (ولا تبغ الفساد في الارض إن الله لا يحب المفسدين)، وقد شرع الله الجزاء الرادع للإرهاب والعدوان والفساد واعتبره محاربة لله ورسوله، في قوله الكريم (إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ)، ولا توجد في أي قانون بشري عقوبة بهذه الشدة نظرا لخطورة هذا الاعتداء الذي يعتبر في الشريعة الإسلامية حربا ضد حدود الله وضد خلقه.
ويؤكد المجمع أن من أنواع الإرهاب إرهاب الدولة ومن أوضح صوره وأشدها شناعة الإرهاب الذي يمارسه اليهود في فلسطين وما مارسه الصرب في كل من البوسنة والهرسك وكوسوفا. واعتبر المجمع أن هذا النوع من الإرهاب من أشد أنواعه خطرا على الأمن والسلام في العالم، واعتبر مواجهته من قبيل الدفاع عن النفس والجهاد في سبيل الله.
وقد أوضح البيان العلاج الإسلامي للتطرف والعنف والإرهاب فقال: «لقد سبق الإسلام جميع القوانين في مكافحة الإرهاب وحماية المجتمعات من شروره وفي مقدمة ذلك حفظ الإنسان وحماية حياته وعرضه وماله ودينه وعقله من خلال حدود واضحة منع الإسلام من تجاوزها قال سبحانه (ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون). هذا توجيه لعموم البشر، وتحقيقا لهذا التكريم منع الإسلام بغي الإنسان على أخيه الإنسان وحرم كل عمل يلحق الظلم به فقد قال تعالى (قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق)، وشنع على الذين يؤذون الناس في أرجاء الارض ولم يحدد ذلك في ديار المسلمين كما في قوله تعالى (َإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ واذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد). وأمر بالابتعاد عن كل ما يثير الفتن بين الناس وحذر من مخاطر ذلك، قال سبحانه (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب)، وفي دين الإسلام توجيه للفرد والجماعة للاعتدال واجتثاث نوازع الجنوح والتطرف وما يؤدي إليهما من غلو في الدين لأن في ذلك مهلكة أكيدة «إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين» رواه أحمد والنسائي.
وعالج الإسلام نوازع الشر المؤدية الى التخويف والإرهاب والترويع والقتل بغير حق، قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «لا يحل لمسلم أن يروع مسلما» رواه أبو داود. وقال عليه الصلاة والسلام «من أشار الى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى ينتهي وان كان أخاه لأبيه وأمه» رواه مسلم.
وقد أوصى الله بمعاملة أهل الذمة بالقسط والعدل فجعل لهم حقوقا ووضع عليهم واجبات ومنحهم الأمان في ديار المسلمين وأوجب الدية والكفارة على قتل أحدهم خطأ فقال في كتابه (وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة الى أهله وتحرير رقبة مؤمنة)، وحرم قتل الذمي الذي يعيش في ديار المسلمين (من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة) رواه البخاري وأحمد وابن ماجة. ولم ينه الله المسلمين عن الإحسان لغيرهم وبرهم اذا لم يقاتلوهم ويخرجوهم من ديارهم وذلك كما قال (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا اليهم إن الله يحب المقسطين).
وأوجب سبحانه وتعالى العدل في التعامل مع أهل الذمة والمستأمنين وغيرهم من غير المسلمين فقال (ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله ان الله خبير بما تعملون).
لذا يعلن المجمع للعالم أن جريمة قتل النفس الواحدة بغير حق تعادل في الإسلام في بشاعتها قتل جميع الناس سواء كان القتل للمسلم أو لغيره بغير الحق وأن تنفيذ الحدود والقصاص من خصائص ولي أمر الأمة وليس للافراد أو المجموعات.
كما أوضح البيان أن الجهاد ليس إرهاباً فقال: (إن الجهاد في الإسلام شرع نصرة للحق ودفعا للظلم وإقراراً للعدل والسلام والأمن وتمكينا للرحمة التي أرسل محمد صلى الله عليه وسلم بها للعالمين ليخرجهم من الظلمات إلى النور مما يقضي على الإرهاب بكل صوره). فالجهاد شرع لذلك وللدفاع عن الوطن ضد احتلال الارض ونهب الثروات وضد الاستعمار الاستيطاني الذي يخرج الناس من ديارهم وضد الذين يظاهرون ويساعدون على الاخراج من الديار وضد الذين ينقضون عهودهم ولدفع فتنة المسلمين في دينهم أو سلب حريتهم في الدعوة السلمية الى الإسلام قال تعالى (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون)، وان للإسلام آدابا وأحكاما واضحة في الجهاد المشروع تحرم قتل غير المقاتلين كما تحرم قتل الابرياء من الشيوخ والنساء والاطفال وتحرم تتبع الفارين أو قتل المستسلمين أو إيذاء الأسرى أو التمثيل بجثث القتلى أو تدمير المنشآت والمواقع والمباني التي لا علاقة لها بالقتال. ولا تمكن التسوية بين إرهاب الطغاة وعنفهم الذين يغتصبون الاوطان ويهدرون الكرامات ويدنسون المقدسات وينهبون الثروات وبين ممارسة حق الدفاع المشروع الذي يجاهد به المستضعفون لاستخلاص حقوقهم المشروعة في تقرير المصير. لذلك كله فإن المجمع يدعو الأمم والشعوب والمنظمات الدولية الى ضرورة التمييز بين الجهاد المشروع لرد العدوان ورفع الظلم وإقامة الحق والعدل، وبين العنف العدواني الذي يحتل أرض الآخرين أو ينتقص من سيادة الحكومات الوطنية على أرضها أو يروع المدنيين المسالمين ويحولهم إلى لاجئين.
والمجمع اذ يدعو العالم ومؤسساته إلى معالجة العنف العدواني ومنع إرهاب الدولة الذي يمارسه الاستعمار الاستيطاني في فلسطين فإنه يدين جميع ممارسات إسرائيل العدوانية ضد فلسطين وشعبها والمقدسات الإسلامية فيها ويدعو جميع الدول المحبة للسلام إلى مساعدة شعب فلسطين وتأييده في إعلان دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها مدينة القدس. وينبه المجمع الى أن تجاهل العدالة في حل المشكلات الإنسانية وانتهاج أسلوب القوة والاستعلاء في العلاقات الدولية هو من أسباب كثير من الويلات والحروب، وأن عدم حل قضية الشعب الفلسطيني على أسس عادلة أوجد بؤرة للصراع والعنف ولابد من العمل على رد الحقوق ودفع المظالم وغيره من الشعوب والاقليات الإسلامية في العالم. وحيث ان دين الإسلام يحرم الإرهاب ويمنع العدوان ويؤكد على معاني العدالة والتسامح وسمو الحوار والتواصل بين الناس فإن المجمع يدعو الشعوب الإنسانية والمنظمات الدولية الى التعرف على الإسلام من مصادره الاساسية لمعرفة ما فيه من حلول للمشكلات البشرية وأنه دين السلام للناس جميعا وأنه يمنع العدوان قال تعالى (ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين).
التعريف بالإرهاب الدّولي:
إن أكبر مشكلة تواجه الباحث هي أن تعريف الإرهاب بصورة عامة، والإرهاب الدولي بصورة خاصة عائم ومختلف فيه حسب السياسات والأفكار والتوجهات المتنوعة، حيث بدأت المحاولات القانونية لتحديد مفهوم الإرهاب، والإرهاب الدولي في وارسو منذ 1927، ثم في الندوات والمؤتمرات التي عقدت بين 1930-1935م، ثم أضافت منظمة الأمم المتحدة لفظ الدولي إلى الإرهاب ودعت الدول الأعضاء فيها إلى تشكيل لجنة متخصصة لبيان أسباب الإرهاب الدولي، ودوافعه.
وقد عرفته الموسوعة السياسية بأنه: (استخدام العنف غير القانوني، أو التهديد به بغية تحقيق هدف سياسي معين).
وعرفه مشروع إعداد الاتفاقية الدولية لمكافحة الجرائم ضد الإنسانية بأنه: (الأعمال الإجرامية الموجهة ضد دولة ما، أو سكانها التي من شأنها إثارة الرعب لدى شخصيات أو مجموعات من الأشخاص، أو لدى الجمهور تهدف إلى تدمير أموال عامة، وإلحاق الضرر بها).
إن هذا المصطلح في مقابل الإرهاب الداخلي، لذلك نحتاج إلى تمييز واضح بينهما، ولا سيما أن مصطلح الإرهاب نفسه قد شابه كثير من الغموض، وصاحبه كثير من الإشكاليات بسبب كثرة التعاريف الممتزجة بالمصالح السياسية، ونزعة الأقوياء، والمرتبطة بكيفية الدولة من كونها دولة قوية أو ضعيفة.