طالب المؤتمر الدولي الأول لتأصيل العلوم الاقتصادية والمالية أن يعلن السودان عاصمة للاقتصاد الإسلامي للعام 2018م من ضمن التوصيات التي يخرج بها المؤتمرون ، وأكد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يضم 95ألف عالم ، دعمه اللامحدود للمشروع خدمة للإنسانية في كافة مشارق الأرض ومغاربها .

وانطلق المؤتمر برعاية كريمة من فخامة الرئيس عمر البشير بقاعة الصداقة أمس ويستمر حتي اليوم تحت شعار « نحو شراكة اقتصادية فاعلة» والذي تنظمه جامعة النيلين بمشاركة ممثلي ست دول يمثلون الجامعات من بينها الجامعة الإسلامية العالمية الماليزية إلي جانب ومراكز البحث العلمي وممثلي المصارف وشركات التأمين وخبراء في الاقتصاد حيث رحب البروفيسور حسن الساعوري رئيس اللجنة العلمية بالجميع لاسيما المشاركين من عدة دول بينها تركيا ، وقطر والسعودية والمغرب واليمن وماليزيا. وأشار إلى أن المؤتمر يعتبر ضربة البداية الحقيقية للدخول في الحقل الفعلي بعيدا عن النظريات وأن يركز المؤتمر علي محور الشراكة بين الجامعات والمعاملات الاقتصادية الأخرى في عملية التأصيل للعلوم الاقتصادية والمالية .وقالت د. رحاب عبد الرحمن والتي تحدثت إنابة عن وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي أن المؤتمر يحمل دلالات عظيمة نابعة من أهمية التأصيل لاسيما في النظم الاقتصادية والجوانب المالية وأكدت أن حكومتها مهتمة بتأصيل العلوم من خلال تأسيس الوزارة لأقسام في الجامعات تعني بتأصيل العلوم كما ستضمن التوصيات في المناهج العلمية.

ودعت الجامعات للاستمرار في مناقشة المسائل المتعلقة بالتأصيل الاقتصادي بهدف الخروج بحلول علمية قابلة للتطبيق، وأكدت علي أن المؤتمر قادر علي أن يخرج بتوصيات تدفع في ذات الاتجاه.

وأوضح البروفيسور كمال الدين هاشم محمد مدير جامعة النيلين أن المؤتمر يجئ امتدادا لجهود الجامعة في تشجيع الشراكات مع المؤسسات المالية في تطوير العمل المصرفي والتأميني.

وأشار هاشم أن التوصيات من شأنها تصحيح مسار الاقتصاد.

وأكد بروفيسور داوود عبد الملك ممثل الجامعة الإسلامية في ماليزيا أن العالم يمر بظروف استثنائية جراء العولمة والحوكمة والاتصال الرقمي التي القت بآثارها علي مختلف الدول مما يؤكد الحاجة للرؤية الإسلامية في توفير البدائل لكثير من المعاملات وتطوير المنتجات الأخرى بجانب الصيرفة وأكد دعم الجامعة للمؤتمر ، ورأى أهمية اعتماد البحث العلمي لقيادة التقدم.

ودعا بروفيسور محمد خير القباني رئيس جامعة رئيس الدولية -رئيس اتحاد الجامعات الدولي إلى إعلان السودان عاصمة للاقتصاد الإسلامي للعام 2018 م باعتباره الأحق بكثير من بريطانيا وأن السودان الدولة الوحيدة في العالم تطبق أحكام الشريعة الإسلامية في المعاملات المصرفية وأن بنوكه تقدمت علي كافة البنوك الإسلامية وأن تتوالي الدول الإسلامية في أن تكون عاصمة للاقتصاد الإسلامي في الأعوام القادمة .

وأشار إلى أن المؤتمرات كهذه تعقد لمعالجة المشكلات الاقتصادية العالمية من منظور إسلامي بعيدا عن الرأسمالية والاشتراكية البعيدتين عن العدالة .

و قال البروفيسور محمد الصوفي – جامعة محمد السادس – المغرب إن الدول الإسلامية تعاني تخلفا في مختلف المجالات وهي في أسفل القائمة من حيث التنمية نسبة لعدم الاهتمام بالعلوم، واعرب عن امله في أن يكون المؤتمر علامة تقدم نحو بناء اقتصاد نافع للدول الإسلامية جميعا.

وطالب البروفيسور علي محي الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين -ممثل المشاركين جامعة النيلين والجامعة الإسلامية في ماليزيا بتبني مشروع إسلامي متكامل يضع حلولا اقتصادية للمجتمع الإنساني.

وأكد دعم الاتحاد الذي يضم 95 ألفا من العلماء ومساندتهم لجامعتي النيلين وماليزيا في المضي قدما في المشروع وذلك خدمة لجميع شعوب العالم من دواعي الإنسانية ، وأبدي حسرته وأسفه لحال الشعوب المسلمة التي أصبحت تعاني الفقر والتشرد بعد أن كانت الأكثر ثراءً .

وأشار إلى أن الشراكات الاقتصادية بين الدول الإسلامية غاية في الضعف حيث لم يتجاوز التبادل التجاري بينها 15% وقال أن الوضع يتطلب بناء*شراكات اقتصادية حقيقية بين الدول لتحقيق التنمية المنشودة .

أوراق متعددة:

وقالت ورقة د. محمد محجوب باشري المراقب الشرعي ومقرر هيئة الرقابة الشرعية لبنك المال المتحد أستاذ مساعد بكلية القانون بجامعة السودان المفتوحة أن الرقابة الشرعية هي العمود الفقري للمصارف الإسلامية، ولا يمكن للمصارف الإسلامية أداء دورها المطلوب علي الوجه الأكمل دون تقنين وضبط الهيئات الشرعية، ونسبة للتطور المتسارع في عمل المصارف الإسلامية، مشيرا إلى ظهور بعض السلبيات التي صاحبت التجربة، عزا ذلك إلى قصور عمل الهيئات الشرعية. وشدد علي ضرورة تقنيين وضع الهيئات الشرعية نبه إلى نص قانون لتنظيم العمل المصرفي، داعيا إلى تخصيص هيئة رقابة شرعية مستقلة لكل مصرف. نادي باشري بتفعيل دور الهيئة العليا للرقابة الشرعية من خلال تحديث الموقع الإلكتروني لها وقيام المؤتمرات والندوات العامة والمتخصصة وإصدار مجلات دورية وعمل برامج إذاعية وتلفزيونية وعقد لقاءات دورية مع أعضاء الهيئات علي أن يكون غالبية أعضائها من علماء الشريعة .

ودعا باشري في ورقة بعنوان «واقع هيئات الرقابة الشرعية والوضع الأمثل المطلوب» إلى تغيير مسمي هيئة الرقابة الشرعية إلى هيئة الفتوي الشرعية للعمل علي إصدار دليل لعمل الهيئات الشرعية والمراجعة الشرعية بتضمين آلية لإصدار الفتاوى وإصدار القوانين واللوائح المنظمة لعمل مكاتب المراجعة الشرعية الخارجية. ولفت إلى توسيع دور الهيئات الشرعية ليشمل المساهمة والمشاركة في القرارات الاستراتيجية للمصرف، و نبه الهيئات للقيام بدور فعال في إسناد المراقبين الشرعيين والعمل علي تطويرهم وتدريبهم ويجب أن تستصحب الهيئة توقيع المراقب الشرعي علي تقريرها السنوي حتي تبريء ذمتها، لأنها غير متابعة لواقع العمل اليومي بالمصرف والتقرير شهادة شاملة منه.

ولفت البروفيسور عزالدين مالك الطيب لبرنامج متكامل لتطوير قسم الاقتصاد الإسلامي بجامعة أم درمان الإسلامية في وقته إلى أن البرنامج يرتكز علي الرؤية المتكاملة تهدف إلى الرجوع إلى مسمي بكالوريوس الاقتصاد الإسلامي باختيار منهج صياغة المعرفة الاقتصادية الإسلامية بديلاً عن منهج تأصيل النظرية الاقتصادية الرأسمالية السائد وأشار إلى وجود قسمين للاقتصاد ، وهما قسم الاقتصاد ، وقسم الاقتصاد الإسلامي ، و يكون هدف قسم الاقتصاد تطوير منهج تأصيل الاقتصاد من خلال التكامل المعرفي ، خاصة لوجود أعداد كبيرة لديها رغبة في هذا النوع من التأصيل ، ويهدف قسم الاقتصاد الإسلامي إلي صياغة المعرفة الإسلامية للظاهرة الاقتصادية ، من خلال فهم طبيعة تطبيقات العهد النبوي والراشد، وبناء علي هذه الرؤية قدم البرنامج لمرحلة البكالوريوس ، آخر للماجستير ، وثالث للدكتوراه في الاقتصاد الإسلامي، و شدد علي ضرورة زيادة التأسيس الفكري للاقتصاد الإسلامي بجانب الاهتمام بالبحث العلمي في موضوعات الاقتصاد الإسلامي وتشجيع الأستاذ الجامعي علي الاستكتاب والنشر في موضوعات الاقتصاد الإسلامي، و نادي عز الدين إلى ضرورة تأهيل الأستاذ الجامعي من خلال التدريب المنهجي المستمر حتي يكتمل بناؤه المعرفي، ودعا إلى إنشاء مركز للتمييز يهتم بقضايا الاقتصاد الإسلامي ودعمه مالياً حتي تكون نتائجه ملموسة ،و ركز البرنامج علي اختيار منهج صياغة المعرفة الاقتصادية الإسلامية بديلاً عن منهج تأصيل النظرية الاقتصادية الرأسمالية السائد.

وعزا عز الدين ضعف دور القسم إلى قلة فعاليته وانخفاض قدرته علي التأثير في محيطه لعوامل داخلية وخارجية، وأضاف حالياً يقوم مستفيداً من الإرث القديم ومواكبة التطور العلمي المعاصر خاصة بعد زيادة تقبل العالم لبرامج الاقتصاد الإسلامي و زيادة الإقبال عليه في السودان .

ومن أجل العودة إلي الريادة في مجال الاقتصاد الإسلامي ، من خلال الأصالة والمعاصرة والتمييز , قال لقد سعينا إلي معالجة الأزمة المنهجية والمعرفية لتخصص الاقتصاد الإسلامي، وخصص لها معهد أبحاث «الاقتصاد الإسلامي بجامعة الملك عبد العزيز ليفرد لها مجالاً وحيزاً من الاهتمام المتعاظم، واستطرد قائلا «وإن اختلفت الرؤية في المعالجة لكنها اتفقت علي وجود أزمة منهجية ومعرفية في الاقتصاد الإسلامي المعاصر» .

وعلي صعيد متصل أبانت أستاذة صالحة محمد عبد الله في ورقة بعنوان تجربة جامعة السودان المفتوحة في تأصيل العلوم الاقتصادية والمالية دراسة علي برنامج الاقتصاد والعلوم المالية الإسلامية، أن تجربة الجامعة ارتكزت في مجال الاقتصاد والعلوم المالية علي الاقتصاد الإسلامي والتأمين والتمويل الإسلامي وصممت المنهج بطريقة تناسب طريقة التعليم المفتوح وسياسته التي فصلت بين الطالب والأستاذ. ودعت إلى تكامل الجامعات والمؤسسات الاقتصادية والمالية وان تبذل جهودها لتقديم رؤية متكاملة لتأصيل العلوم الاقتصادية والمالية بطريقة تحفظ الإرث الإسلامي لمواكبة التغييرات الاقتصادية والمالية مع الأخذ في الاعتبار مشاركة التجارب مع أنظمة اقتصادية ذات خلفية غير إسلامية لتوظيفها بما يعود بالنفع علي المجتمع والأفراد والمؤسسات .

ونادت صالحة إلى الاهتمام بالبحث العلمي في مجال التأصيل الاقتصادي والعلوم المالية وضرورة تحسين ممارسات النظام الاقتصادي الإسلامي بالتركيز علي اقتصاديات الزكاة والوقف لخدمة المجتمع، وشددت علي ضرورة الاهتمام بتطوير برنامج الاقتصاد الإسلامي وإعادة تنظيم محتوياته بما يتماشى مع استخدامها لأغراض اقتصادية مختلفة ، داعية إلى المزيد من التعاون بين المؤسسات العلمية والاقتصادية والمالية.