حينما ندرس التأريخ الإسلامي بدءاً من الخلافة الراشدة نجد بوضوح أن الترويع للآمنين الأبرياء لم يكن من صفات المؤمنين الصادقين ، بل كان سمتهم الرحمة ،وإذا كان هناك من يستحق عقوبة فإن ذلك يتم عن طريق الإجراءات القضائية بضوابطها .


 كما أن ميزان الحرب له خصوصيته ومع ذلك فقد فرض مجموعة من الضوابط الأخلاقية والإنسانية في حالة الحرب ( كما سيأتي ) .


 وإذا وجد نوع من الترويع في التأريخ الإسلامي فإنه يعود إلى بعض الجماعات المنحرفة الغالية ، أو المتطرفة ، فقد قال أحد العلماء الكبار في القرن الثالث الهجري : ( وقد انزعج كثيراً من أقوال بشار بن برد وأشعاره الإلحادية ) : ( أما والله لولا أن الغيلة خلق من أخلاق الغالية لبعثت إليه من يبعج بطنه على مضجعه )  .


 وكان ديدن الغلاة أن اتخذوا الاغتيال سبيلاً للقضاء على مخالفيهم ، فظهرت فرق منهم الخناقون كالمغيرية ، والمتصورية في الكوفة أواخر الدولة الأموية  ، يقول النَّوْبختي عن أبي منصور العجلي رئيس فرقة المنصورية : إنه ( كان يأمر أصحابة بخنق من خالفهم وقتلهم بالاغتيال ، ويقول من خالفكم فهو كافر مشرك فاقتلوه ، فإن هذا جهاد خفي )  .


 وذكر الجاحظ وسائل هؤلاء الخناقين وصورهم في القتل والتعذيب عن طريق الخنق والتشميم ، وعن طريق الحبال ، والكلاب ونحوها  .


 وقد عاثت فرق الغلاة والباطنية فساداً في الأرض في القرنيين الخامس والسادس الهجريين ، فاغتالوا خيار الحكام والدعاة والعلماء ، بل استفحل أمرهم حتى دخلوا المسجد الحرام فسفكوا دماء الحجيج في وسط المسجد حول الكعبة المشرفة  .


 كما أن رأس الباطنية في القرن السادس الهجري حسن الصباح قد أثار الرعب في العالم الإسلامي واتخذ لنفسه قلعة سميت بقلعة الموت وكوّن فرقاً لاغتيالات بعض كبار العلماء والوزراء لنظام الملك وغيره  .


الإرهاب في العصر الحاضر :


  يشير كثير من المفكرين إلى أن مفهوم الإرهاب أخذ يتبلور بعد قيام الثورة الفرنسية ، حيث ارتكبت ممارسات قمعية لتصفية أعداء الثورة ، وإرهاب الآخرين للحيلولة دون التصدي لها ، وهكذا عرف حكم الإرهاب في فرنسا فيما بينهم 10/8/1792م و 27/2/1794م  .


  وكانت أول حركة منظمة أطلق عليها اسم ( إرهابيين ) في التأريخ هي حركة اليعاقية الجدد اللذين كانوا من أنصار الدولة القمعية  .


اعلى الصفحة