التطبيقات العملية للعلاقات الدولية في حالة السلم :

 يحرص الإسلام كل الحرص على الحفاظ على الأمن
والامان ، والسلام ، وعلى العهود والمواثيق التي تمت بين دولة الإسلام ، او
المسلمين ، وبين غيرهم دولاً وأفراداً ، فجاءت مجموعة من النصوص الصريحة تأمر
بالوفاء بالعهود والعقود والمواثيق ، فقال تعالى : (يا أيها الذين آمنوا أوفوا
بالعقود )[1]
وقال تعالى : (وأوفوا بالعهد إن العهد كان عنه مسؤولاً )[2]
وجعل الوفاء بالعهود والمواثيق من صفات المؤمنين ،  ونقضها من صفات الكفرة والمنافقين فقال تعالى
في وصف المؤمنين المصلحين : (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون)[3]
، بل إن القرآن الكريم لا يجيز للدولة المسلمة نقض العهد مع دولة غير إسلامية
بينها عهود ومواثيق ما دامت لم تنقض عهدها .

 وقد تضمنت الآيات العشرون (55 – 75) من سورة
الأنفال التي هي من أواخر السور التي نزلت على الرسول الكريم صورة واضحة للعلاقات
الخارجية بين الدولة المسلمة وما حولها من الدول والطوائف والمعسكرات ، حيث تقرر
إمكان إقامة عهود تعايش بين المعسكرات المختلفة ما أمكن أن تصان هذه العهود من
النكث بها مع إعطاء هذه العهود الاحترام الكامل والجدية الحقيقة[4]
وذلك من خلال المفاهيم الآتية:

 

1
ـ وجوب الحفاظ على العقود ، فقال تعالى : (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود )[5]
 وضرورة صون العهود والمواثيق من النقض
والنكوث حيث سمى الله تعالى الناكثين بشر الدواب ، فقال تعالى : ( إِنَّ شَرَّ
الدَّوَابِّ عِندَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ
عَاهَدتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لاَ
يَتَّقُونَ )[6]  .

 

2
ـ وأن الدولة المسلمة التي لها عهد مع أناس آخرين إذا خافت من خيانتهم فإنها تنبذ
إليهم عهدهم ، وتخبرهم بذلك ، ولا تخونهم ، لأن الله تعالى لا يحب الخائنين ،
فالإسلام يريد من العهد الصيانة ، ومن العقد الحفاظ عليه ، ومن المواثيق الالتزام
بها ، فإذا وجد المقابل لا يحافظ على عهد ، ولا يفي بعقده بل من طبعه الخيانة
والمكر ، فإن المسلمين لا يجوز لهم أن يقابلوا خيانتهم بخيانة ، وغدرهم بغدر ، بل
يصارحونهم ، وينبذون إليهم عهدهم ، او يعطونهم فرضة أخرى ، ولذلك يرتفع الإسلام
بالبشرية إلى آفاق من الشرف والاستقامة ، ويرتقي بهم إلى آفاق الأمن والطمأنينة
والاستقرار ، وعدم الخوف من الإغارة والخيانة .

 

3
ـ ضرورة إعداد القوة حتى لا يطمع الأعداء في الدولة الإسلامية ، وهذه تسمى في
الوقت الحاضر نظرية القوة الرادعة لقوله تعالى : (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا
اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ
وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ
وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ
لاَ تُظْلَمُونَ )[7].

 

 4 ـ وأنهم إذا جنحوا للسلم فعلى الدولة
الإسلامية أن تختار خيار السلام مع التوكل على الله : (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها
وتوكل على الله إنه هو السميع العليم )[8]
.

 

5
ـ أن لا يكون التعامل على أساس الشك والريبة ، ولذلك  شدد القرآن الكريم في ضرورة الأخذ بالسلام
العادل والجنوح له حتى ولو مع الخوف من الخيانة ما دامت الأمة قوية قادرة على ردع
العدوان ، قال تعالى : (وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله الذي أيدك بنصره
وبالمؤمنين)[9] .

 

6
– ضرورة توفير الهيبة لهذا الدين ، والإرادة القوية ، والاستعداد الدائم المستمر
لحماية الأمة ، وليست للاعتداء لأن الله لا يحب المعتدين .

LinkedInPin