التعريف بالاستثمار لغة واصطلاحاً :
الاستثمار لغة : مصدر استثمر بمعنى طلب الاستثمار ، وهو له عدة معان منها ما يحمله الشجر وما ينتجه ، ومنها الولد ، ومنها أنواع المال(1) .
وفي الاصطلاح فقد ورد لفظ ” التثمير ” في عر ف الفقهاء عندما عرفوا الرشيد فقالوا : الرشيد هو القادر على تثمير أمواله وإصلاحه ، والسفيه هو غير ذلك ، قال الإمام مالك : (الرشد : تـثمير المال ، وإصلاحه حيث نقل ابن رشد عن مالك قوله : (الرشد : تثمير المال وإصلاحه)(2) ، وأرادوا بالتثمير ما نعني بالاستثمار اليوم وهو :استخدام الأموال في الإنتاج إما مباشرة بشراء الآلات ، وإما بطريقة غير مباشرة كشراء الأسهم والسندات(3) .
حكم الاستـثمار :
حكم الاستـثمار من حيث هو ـ بالنسبة للفرد ـ مباح ومشروع بأصله ، وترد عليه الأحكام التكليفية الخمسة ، وعلى مستوى الأمة فرض كفائي(4) .
الوقف والاستثمار :
الوقف نفسه استثمار ، لأن الاستثمار ـ كما سبق ـ يراد به إضافة أرباح إلى رأس المال لتكون المصاريف من الربح فقط ، فيبقى رأس المال محفوظاً بل مضافاً إليه الربح الباقي ليؤدي إلى كفاية الإنسان وغناه .
وكذلك الوقف حيث هو خاص بالأموال التي يمكن الانتفاع بها مع بقاء أصلها ، ولذلك فالأشياء التي لا يمكن الانتفاع بها إلاّ باستهلاكها ـ مثل الطعام ـ لا يجوز وقفها(5) .
فعلى ضوء ذلك فإن الوقف في حقيقته استثمار من حيث إن صاحبه يريد أن يقف ماله في سبيل أن يحصد ناتجه يوم القيامة ، ومن حيث الحفاظ على الأصل ، ويكون الاستهلاك للناتج والثمرة والربح والريع ، فالأعيان الموقوفة إمّا تنـتج منها الثمار كما هو الحال في وقف الأشجار والبساتين المثمرة ، أو تنـتج منها منفعة وأجرة كما هو الحال بالنسبة للأعيان المستأجرة ، أو ينـتج منها ربح وريع كما هو الحال بالنسبة لوقف النقود .
وقد جاء في فتح القدير عند تعليقه على ورود كتاب الوقف بعد الشركة : ( مناسبته بالشركة أن كلاً منهما يراد لاستبقاء الأصل مع الانتفاع بالزيادة عليه )(6) .
المقصود باستثمار الموقوف وغلاته :
المقصود باستثمار الوقف وغلاته : هو تنمية أموال الوقف بالطرق المشروعة من إجارة ، أو تجارة أو نحوهما .
تحرير محل النزاع :
لا يمكن لنا تحديد ما يستثمر من الوقف وغلاته وتحريره وبيان حكمه وضوابطه إلاّ من خلال ضبط كل احتمالات الاستثمار للموقوف نفسه ، ولموارده وغلاته ولذلك نقوم بتقسيم عقلي ، ثم نذكر لكل نوع جميع أنواعه ، أو معظمها حتى يتبين لنا الحكم الواضح الصريح لكل نوع ، بل لكل فرد من أفراده ، ولذلك سنتحدث بخصوص هذا الموضوع عن أحكام استثمار الموقوف نفسه ، واستثمار غلاة الوقف وموارده .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يراجع لمزيد من التفصيل اللغوي : لسان العرب والقاموس المحيط ،والمصباح المنير ، والمعجم الوسيط مادة (ثمر)
يراجع بداية المجتهد ، ط . الحلبي ( 2/281 )
المعجم الوسيط ( 1/100 ) وأشار إلى هذا التعريف من وضع مجمع اللغة
يراجع لمزيد من البحث والتفصيل : د.علي القره داغي : استثمار الوقف وطرقه القديمة والحديثة ، بحث مقدم إلى مجمع الفقه الإسلامي الدولي في دورته الثالثة عشرة .
فتح القدير ( 6/216 )
فتح القدير ، 1970 ( 6/199 )