التعريف بالمواطنة :

المواطنة لغة : مصدر واطن ، وأصله من : وطن بالمكان ،
يطن وَطْناً : أي أقام به ، اتطن البلد ، أي اتخذه بلداً ، واستوطن البلد أي توطنه
، وَوَطنُ الشخص : بلده الذي أقام به[1]  .

وأما المواطنة من واطن : بمعنى عاش معهم في وطن واحد ،
فقد بيّن المعجم الوسيط ( الذي يعبر عن رأي مجمع اللغة العربية بالقاهرة) بأنها (
محدثة ) أي لم تستعملها العرب بهذا المعنى الحديث[2]  .

 ولكن الفقهاء
استعملوا ( وطن الاقامة ) في مقابل بلد السفر ، أي الموضع الذي استقر فيه ، أو
يستقر فيه مدة يخرج بها المسافر عن أحكام السفر مثل خمسة عشر يوماً[3]  .

 وكذلك يستعمل
العرف المعاصر ( الوطني ) الذي يتبنى الفكر الوطني ، ويدافع عنه ، أو يجعله
الوسيلة الجامعة بين المواطنين في الحقوق والواجبات ، و ( المواطن ) الذي له جنسية
ذلك البلد ، كما أن هناك من يفرق المواطنين إلى مواطنين أصليين لهم حقوق أكثر[4]  ، ومواطنين متجنسين لهم حقوق أقل ، أو مواطنين
أتوا من بلد معين أو نحو ذلك من التقسيمات التي ما أنزل الله بها من سلطان ، بل
جعل القومية والوطنية للتعارف وليس للاختلاف والتمايز والتفاخر – كما سيأتي –
وكذلك لم يستعمل قدماء العرب الوطن بمعناه الحديث وإنما استعملوه في المنزل
والمكان الذي يقيم به الإنسان ، جاء في لسان العرب : الوطن هو المنزل الذي تقيم به
، وهو موطن الإنسان ومحله[5] ،
وقال الفيروزآبادي : ( الوطن : منزل الإقامة ، ومربط البقر والغنم ، وجمعه أوطان
.. وموطن مكة : مواقفها ، ومن الحرب مشاهدها ، وتوطين النفس : تمهيدها … ،
وواطنه على الأمر : وافقه ) [6] .

 وبهذا المعنى
ورد في أشعار العرب منها قول ابن الرومي في حق داره :

ولي وطن آليت أن لا أبيعه
           وألا أرى غيري له الدهر مالكاً

إذا ذكروا أوطانهم ذكرتهم                        عهود الصبا فيها فحنّوا
لذلكا[7]

 

 والخلاصة أن
الوطن هو المكان الذي ولد فيه ، أو أقام فيه الإنسان في صباه وشبابه وارتبط بحبه
والحنين إليه وإلى أهله دون أن يكتسب بُعداً حقوقياً محدداً ، أو أن يكون مصطلحاً
سياسياً له مفهومه الخاص في عالم المصطلحات السياسية ، وإنما كان الوطن عندما
يذكره العربي يقصد به مكان مولده ، ونشأته ، أو مكان إقامته فتعلقت به مشاعره
الوجدانية والعاطفية .

 والقرآن
الكريم ذكر لفظ ( مواطن ) وأراد به أماكن دون الارتباط حتى بالمولد والنشأة فقال
تعالى : ( لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ …) [8] أي
أماكن كثيرة مثل بدر التي لم تكن موطناً لولادة المنتصرين فيها أو نشأتهم ، ومثل
بقية الغزوات قبل غزوة حنين[9] .

 ويبدو أن أول
استعمالات ( الوطني ) و ( الوطنية ) و ( الوطن ) بمعناها السياسي في العالم العربي
جاء على لسان الطهطاوي (1801-1873م) ثم في كتاب بطرس البستاني (1819-1883م) ، حيث
يقول الطهطاوي : ( ثم إن ابن الوطن المتأصل به أو المنتجع إليه الذي توطن به ،
واتخذه وطناً ينسب إليه تارة إلى اسمه : ( وطني ) ومعنى ذلك أنه يتمتع بحقوق بلده
… فانقياده لأصول بلده يستلزم ضمناً ضمان وطنه له التمتع بالحقوق المدنية
والتمزي بالمزايا البلدية ، بهذا المعنى هو وطني وبلدي ، يعني أنه معدود عضواً من
أعضاء المدينة ، فهو لها بمنزلة أحد أعضاء البدن ، وهذه أعظم المزايا عند الأمم
المتمدنة ) إلى أن يقول : ( فصفة ” الوطنية ” لا تستدعي فقط أن يطلب
الإنسان حقوقه الواجبة له على الوطن ، بل يجب عليه أيضاً أن يؤدي الحقوق التي
للوطن عليه ، فإذا لم يوف أحد من أبناء الوطن بحقوق وطنه ضاعت حقوقه المدنية التي
يستحقها على وطنه) LinkedInPin