إذا قرأنا تأريخ الصراعات والحروب لوجدنا أن لليهود دوراً بارزاً في هذا المجال فقد تعرضت اليهود لمحن كثيرة وحروب إبادة من قبل الرومان والفرس ، والنصارى ، وفي أماكن كثيرة ، ولكن اليهود أنفسهم لهم سجل خطير في الإبادة الجماعية ، والإرهاب والعنف على مرّ التأريخ ، معظمهم قساة حتى على أنبيائهم وصلحائهم ، فكانوا يمثلون النصوص التي ذكرناها من التوراة والتلمود ، حيث كانوا ينتقمون من الشعوب المغلوبة شرّ انتقام ، فقد جاء في شفر التثنية ( قال الرب لا تخف فإني قد دفعته إلى يدك … فأسلم الرب إلهنا إلى أيدينا عوج ملك باثنان أيضاً وجميع قومه وضربناه حتى لم يبق له باق …. رجالها ونساءها وأطفالها … ) وجاء في سفر يشوع من التوراة الإبادة الجماعية للبشر والبقر والغنم والحمير والنساء والأطفال وكل ما في مدينة أريحا ، فأحرقوها وما فيها بالنار إلاّ الذهب والفضة والنحاس فإنها جعلت في خزانة بيت الرب .


 وفي سفر يشوع أيضاً من 1 ـ 27 يتحدث عن مجزرة بشرية بأمر الرب ـ حسب المذكور ـ بقتل آلاف من الأسرى ( ولما فرغ بنو إسرائيل من قتل جميع سكان العي في الصحراء والسرية رجع جميع إسرائيل إلى العي وضربوها بالسيف وكان جملة من قتل في ذلك اليوم من رجل وامرأة اثني عشر ألفاً …. )


 وإذا ألقينا نظرة على التأريخ المعاصر لوجدنا جرائم بشعة ارتكبها اليهود في فلسطين على أيدي عصابات فتاكة مثل عصابة إرجون زفاي ليومي برئاسة بيجن الذي وصفه بن جوريون نفسه بأنه هتلري بمعنى الكلمة ، يقول الفيلسوف جارودي : ( وعندما قام بيجن بأول زيارة له إلى الولايات المتحدة الأمريكية ، أرسلت جماعة من أعظم الشخصيات اليهودية ، على رأسهم أينشتاين رسالة إلى مدير النيويورك تايمز جاء فيها : ( ليس من المتصور أن يقوم نفس الأشخاص الذين يعارضون الفاشية في العالم بتأبيد السيد بيجن إذا عرفوا بالضبط مراميه السياسية وانشطته المختلفة فهو زعيم حزب سياسي يشبه يتنظيمه وبأساليبه ، ومناهجه وفلسفته السياسية : الأحزاب النازية والفاشية ، فأعضاء حزبه ينتمون إلى عصابة : ( إرجون زفاي ليومي المنظمة الإرهابية اليمينية المتطرفة في فلسطين … ، وتصرف بيجن وأنصاره في قرية دير ياسين العربية دليل بشع على سياسته ….، ففي 9/4/1948 هاجم فريق من الإرهابيين تلك القرية الآمنة ، ولم يكن بها هدف عسكري … وذبحوا كل سكانها تقريباً …. ويعرض الموقعون على هذه الرسالة بعض الحقائق ذات المغزى عن السيد بيجن وحزبه ، ويطالبون بإلحاح كل من يهمه الأمر أن لا يساند هذا الوجه الأخير من أوجه الفاشية )  .


 وأما شارون رئيس وزراء إسرائيل الحالي فتأريخه مليء بالإرهاب والدماء والمنهي بمذبحة صبرا وشاتيلا التي راح ضحيتها مئات الآلاف من السناء والأطفال والشيوخ ، فكانت أول هجمة له ولرجاله على قرية قبية الفلسطينية بالأردن وذلك في ليلة 14 ـ 15 اكتوبر 1954 وذبحوا ستة وستين من الأهالي ثلاثة أرباعهم من النساء والأطفال ، وقال مراقبوا الأمم المتحدة في تقريرهم لمجلس الأمن إنهم عندما وصلوا تلك القرية بعد ساعتين من المذبحة : ( رأوا جثثاً متخنة بالرصاص ، وآثار عدد كبير من الرصاص على الأبواب والنوافذ في المنازل التي هدمت مما يدل على أن السكان قد حيل بينهم وبين مغادرة منازلهم المنهارة …. وتجمع شهادة الشهود في ليلة الرعب تلك على ان الجنود الإسرائيليين يضعون الديناميت في المنازل …. )  .


 وذكر صحيفة ( هاعولام ) في عددها بتأريخ 24/8/1973 : ( في حرب 1967 كان الجيش الذي هاجم سيناء تحت قيادة شارون وهو المسؤول شخصياً عن مصرع مئات من الجنود المصريين ، إذ رفض اعتبارهم أسرى حرب خلال الأيام الخيرة للحرب ، لأن تعليمات موش ديان كانت : ( تقضي بعدم الالتجاء إلى اسر الجنود المصريين في سيناء وتأمر بإبادتهم ) .


  ومن باب توزيع الأدوار لليهود كان اسحاق شامير هو المكلف بالعلاقة القوية بألمانيا النازية فكان أحد الزعماء الثلاثة في الجماعة المعروفة بـ ( مجموعة شتون ) حيث اكتشف المؤرخ الألماني كلاوس بونحن أثناء اطلاعه على المحفوظات السرية للرابح الثالث ، حيث كان لهذه المجموعة خطة مع وزير خارجية ألمانيا عان 1941 لتشكيل دولة اليهود في فلسطين تكون مرتبطة بمعاهدة مع الرابح الألماني ، ولذلك قام شامير بتدبير قتل الوزير الانجليزي للشرق الأوسط اللورد موين في القاهرة على يد مجموعة شترن ، وقتل الوسيط الدولي برنادون في القدس فيما بعد  .   


 وحينما اعترض بيريز على شارون عن مذبحة صبرا وشاتيلا قال شارون له بمكيال أكبر فقال : أين كنت حينما ذبح ألفا شخص في تل الزعتر ـ حسب تقديرات الصليب الأحمر الدولي ـ ألست وزيراً للدفاع وقمت بتسليح الكتائب المسيحية ؟ !  .


  وقد عاث الصهاينة فساداً أو خوفاً بعد هجرتهم إلى فلسطين فنسفت عصاباتهم جسور سكك الحديد المركزية ، كما نسفت فندق الملك داود ، وخطفت عدداً كبيراً من الضباط والجنود الانجليز ، ثم استولت على الأسلحة والذخائر من مخازن الجيش والسويس تحت مرأى ومسمع كبار قادة الانجليز اليهود المنتدبين مثل الحاكم العام هريرت صمويل ، والنائب العام نورمان بنتوش ، ومدير غدارة الهجرة حايم سون  .


  وكانت في مقدم هذه العصابات : الأرجون ، وشترن اللتان كانتا تتنافسان على الزهو والافتخار على ما سجلته من بطولة في تنفيذ ( عملية الذعر ) التي كانت بموافقة بن غوربون والقيادة العسكرية ،وهي تقضي بالقيام بحملات دموية على مزارع العرب وقراهم ليضطروا إلى الفرار ، ولأدع الحديث لكاتب الأمريكي لورنس جريسولد في كتابه المعروف : ( هذا سيف الله ) إذ يقول : ( … ففي فجر 19 إبريل 1948 بينما كان الفلاحون العرب ينصبون الخيام في سوق القرية زحفت دبابتان من طراز ( شيرمان) إلى مداخل دير ياسين فمرت على جسدي اثنين من الفلاحين … وخلفهما خمسمائة مسلح مزودين بالأسلحة .. فأطلقوا النار على الأهالي جميعاً ..)  


  وفي دير ياسين تكررت مذابح أريحا التي جاء وصفها في التوراة ( واقتلوا كل من في المدينة من رجل وامرأة ، من طفل وشيخ ، حتى البقر والغنم ، والحمير بحد السيف ) .


 وكانت من قطائع دير ياسين أن النساء والأطفال يقتلون أمام الرجال ثم الرجال ويقطعون إرباً إرباً ، وبعد يومين دخل مندوب الصليب الأحمر الدولي فوجد في بئر قديمة مائتي جثة  . 


 وقد كررت هذه العصابات هذه الفظائع في اكثر من قرية ومدينة مثل باقا ، وقرية بيت الخوري ، وقرية نصر الدين التي كانت ضحاياها بين قتيل ومشوه ألفا ومائتين دون قرية بيت دراس بقرت بطون النساء الحوامل أيضاً ، وذبح عدد من الأطفال ، أما قرية الزيتون فقد نسف مسجدها بكل من فيه أثناء الصلاة ، ومجزرة كفر قاسم التي راح ضحيتها 57 عربياً ، بينهم 17 من النساء والأطفال إضافة إلى جرح 25 شخصاً  .


 وتفخر جريد ( مفراك ) في 7/9/1948 التي تنطق بلسان شترن بنجاح هذه العمليات في ترويع العرب، وإجبار نحو مليون عربي على الفرار إلى خارج فلسطين ،واعتبرت عملية دير ياسين        ( معجزة أنزلت بالعدو أكبر ضربة شدت عزائمنا وقوّت معنوياتنا ، وهو انتصار لا تستطيع قوات الهاجاناه مجتمعة أن تحققه ) .


 وتحدثت جريدة نيويورك في 15 يونيو 1940 عن احتجاج الخارجية الأمريكية على ما قامت به هذه العصابات من مذابح بشعة ضد العرب ، فقالت : ( إن لدى هيئة الأمم المتحدة صوراً تمثل بعض هؤلاء العرب وقد انتزعت أظافرهم وتلطخت أيديهم بالدماء ، وأخرى تمثل البعض الآخر وقد تهشمت عظامهم ) .


  ولذلك وصف المؤرخ البروفيسور الانجليزي آرنولد توبيني بعض هذه الجرائم بقوله : ( أشعر بأن مأساة جرائم إسرائيل والصهيونية أعظم شأناً من مأساة جرائم ألمانيا النازية )  .


 وخلال الانتفاضة الأخيرة نشاهد جرائم بشعة يقوم بها رئيس الوزراء شارون وجنده ضد الشعب الفلسطيني من التدمير ، والاغتيالات ، والقتل والتعذيب ، وهدم مئات البيوت ، واستعمال أحدث الأسلحة المطورة من الطائرات والدبابات ضد شعب أعزل .


 والغريب أن بعض زعماء إسرائيل مطلوبين لدى المحاكم البريطانية ومصنفين على قائمة الإرهابيين والمجرمين ، وكانت الحكومة البريطانية تخصص مكافأة مالية كبيرة لكل من يقدم معلومات تؤدي إلى القبض عليهم ، ومنهم مناحم بيجن ، واسحاق شامير ، فقد كشف يعقوب الياب الذي سجل في كتابه جرائم الأرجون ، وليجي في فلسطين ، وذكر أسماء 140 يهودياً مطلوباً للعدالة ، كما ذكر بعض الجرائم ضد الشعب الفلسطيني الأعزل  .


اعلى الصفحة