هذا بحث آخر لفضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور علي محيي الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ونائب رئيس المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث من إنتاجه العلمي المتميز وهو بحث قدم إلى مؤتمر الفكر الإٍسلامي ودوره في مواجهة الغلو، والذي انعقد الشهر قبل الماضي بالتعاون بين وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت، ومركز الوسطية في موسكو ويقدم فيه فضيلته رؤية معمقة حول مواطن الخلل في فهم الجهاد والتكفير لدى فكر الغلاة:

ويقول: الجهاد في الإسلام من أكثر الكلمات التي ظلمت من بعض المسلمين أنفسهم، ومن غير المسلمين، وأثيرت حوله شبهات، بدءاً من المستشرقين، إلى بعض الجماعات أو الأفراد الذين أساؤوا إلى الجهاد جهلاً وتشدداً وأعطوا صورة غير حقيقية للجهاد، بل للإسلام نفسه، ومن هنا فإن هذه الكلمة الجميلة المظلومة تحتاج إلى توضيح أكثر وتأصيل أعمق، وهذا ما سنحاول الوصول إليه بإيجاز في هذه العجالة.

والله تعالى أسأل أن يكسو كل أعمالي ثوب الإخلاص، وأن يلهمني الصواب، ويعصمني من الزلل والخلل في العقيدة والقول والعمل، إنه حسبي ومولاي، فنعم المولى ونعم الموفق والنصير.

المبحث الأول: التعريف بالجهاد، مع بيان حكمه، وأنواعه، ومراتبه، وشروطه بإيجاز.


التعريف بالجهاد لغة وشرعاً:

الجهاد لغة: مصدر جاهد يجاهد، قال ابن منظور: الجهاد محاربة الأعداء وهو المبالغة واستفراغ ما في الوسع والطاقة من، أو فعل.

وأصله من الجَهد بمعنى بذل كل ما في وسع الإنسان للوصول إلى غاية سواء كان هذا البذل قولاً أو فعلاً، أو بعبارة أخرى: سواء أكان جسمياً أم عقلياً.

من هذه الكلمة اشتقت كلمة الاجتهاد التي يعنى بها استفراغ الفقيه جهده في الأدلة الشرعية ودلالتها ومناطها للوصول إلى حكم شرعي، قال الغزالي: (الاجتهاد عبارة عن بذل المجهود، واستفراغ الوسع في فعل من الأفعال، ولا يستعمل إلاّ فيما فيه كلفة وجهد، وفي عرف العلماء مخصوص ببذل المجتهد وسعه في طلب العلم بأحكام الشريعة).

وقد جاء التفقه، وتعلم الأحكام الشرعية مصاحباً للقتال في قوله تعالى: «وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَافَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ».

وقد اختلف المفسرون في سبب نزولها، فقال بعضهم: إن المؤمنين لما سمعوا آيات الأمر بالنفير العام، وتشجيع أهل البادية للجهاد نفروا إلى المدينة جميعاً، فنزلت هذه الآية مبينة: أن لا ينبغي أن ينفروا جميعاً، وإنما يبقى فريق مع النبي صلى الله عليه وسلم ليتفقهوا في الدين ليرجعوا للدعوة، ثم يأتي فريق آخر، وقال آخرون: يكون التفقه في الغزو في السرايا لما يرون من نصرة الله لدينه، ولما يحتاجون إليه أثناء الجهاد والحركة، حيث يتكشف لهم أسرار الدين من خلال الجهاد، وبما يتجلى لهم من آياته وتطبيقاته في أثناء الحركة به، فقوام هذا الدين هو العمل، والنزول إلى ساحة الحركة، والاندماج العملي معه، ففقه هذا الدين لا ينبثق إلاّ في أرض الحركة والعمل، ولذلك فدراسة الكتب دراسة جادة بعيدة عن الواقع لا يجعل صاحبها فقيهاً.

وأياً ما كان فهذه الآية تدل دلالة واضحة على مدى أهمية الفقه مع الجهاد، ولذلك كان لفظ الجهد يشملهما.

وقد تكرر لفظ الجهد ومشتقاته في القرآن الكريم 41 مرة تدور حول هذه المعاني السابقة، فجاء أكثرها بمعنى القتال في سبيل الله، وبعضها بمعنى بذل الوسع والطاقة، فمن الأول قوله تعالى: «انفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» وقوله تعالى: «وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا»، وبمعنى الثاني قوله تعالى: «وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا»، وقوله تعالى: «وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا» قال ابن تيمية: وإنما جاهدهم باللسان والبيان، لأن هذه الآية نزلت في مكة.

وكذلك الأمر في السنة المشرفة حيث استعمل الجهاد في القتال في سبيل الله مثل قوله صلى الله عليه وسلم: تكفل الله تعالى لمن جاهد في سبيله.. بأن يدخله الجنة وبمعنى غير القتال مثل قوله صلى الله عليه وسلم: ما أمير يلي أمر المسلمين، ثم لا يجهد لهم ولا ينصح إلاّ لم يدخل الجنة كما سمى النبي صلى الله عليه وسلم الحج بالجهاد، فقال: الحج جهاد كل ضعيف.

ومن هنا يمكننا القول بأن الجهاد هو استفراغ الطاقة لنشر الإسلام، والدفاع عنه ولإزهاق الباطل ودفع الشر والفساد بكل الوسائل المتاحة: النفس، والمال، واللسان، وجميع وسائل البيان والدفاع.

أنواع الجهاد ومراتبه:

لو تعمقنا في نصوص الشريعة ومبادئها، وقواعدها العامة لوجدنا أن لفظ الجهاد لا ينحصر في القتال في سبيل الله، بل هو شامل له ولغيره من كل ما فيه من بذل ومشقة موجهة ضد الأعداء ما دام في سبيل الله، فإذا كان الأعداء في نظر الإسلام لا ينحصرون في الناس الكفرة، فكذلك الجهاد لا يكون محصوراً في قتالهم، بل هو يشمل جهاد الشيطان، والنفس، وسواء كان هذا الجهاد بالمال أو بالنفس، أو بالعلم والحجة والبرهان، والقلم والبنان، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: لكن الجهاد المكي بالعلم والبيان، والجهاد المدني مع المكي باليد والحديد.

والحق أن كل هذه الأنواع مطلوبة، بل هي في الواقع مراتب تبدأ المرحلة الأولى بجهاد النفس، وتنتهي بقتال الكفرة والمنافقين.

وقد لخص العلامة ابن القيم مراتب الجهاد تلخيصاً رائعاً نذكره هنا، لأهميته، فقال: (إذا عرف هذا فالجهاد أربع مراتب جهاد النفس وجهاد الشيطان وجهاد الكفار وجهاد المنافقين.

فجهاد النفس أربع مراتب أيضا:

إحداها: أن يجاهدها على تعلم الهدى ودين الحق الذي لا فلاح لها ولا سعادة في معاشها ومعادها إلا به ومتى فاتها علمه شقيت في الدارين.

الثانية: أن يجاهدها على العمل به بعد علمه وإلا فمجرد العلم بلا عمل إن لم يضرها لم ينفعها.

الثالثة: أن يجاهدها على الدعوة إليه وتعليمه من لا يعلمه وإلا كان من الذين يكتمون ما أنزل الله من الهدى والبينات ولا ينفعه علمه ولا ينجيه من عذاب الله.

الرابعة: أن يجاهدها على الصبر على مشاق الدعوة إلى الله وأذى الخلق ويتحمل ذلك كله لله. فإذا استكمل هذه المراتب الأربع صار من الربانيين فإن السلف مجمعون على أن العالم لا يستحق أن يسمى ربانيا حتى يعرف الحق ويعمل به ويعلمه فمن علم وعمل وعلم فذاك يدعى عظيما في ملكوت السماوات.

وأما جهاد الشيطان فمرتبتان إحداهما: جهاده على دفع ما يلقي إلى العبد من الشبهات والشكوك القادحة في الإيمان.

الثانية جهاده على دفع ما يلقي إليه من الإرادات الفاسدة والشهوات فالجهاد الأول يكون بعده اليقين والثاني يكون بعده الصبر. قال تعالى: «وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون» فأخبر أن إمامة الدين إنما تنال بالصبر واليقين فالصبر يدفع الشهوات والإرادات الفاسدة واليقين يدفع الشكوك والشبهات.

وأما جهاد الكفار والمنافقين فأربع مراتب بالقلب واللسان والمال والنفس وجهاد الكفار أخص باليد وجهاد المنافقين أخص باللسان.

وأما جهاد أرباب الظلم والبدع والمنكرات فثلاث مراتب الأولى: باليد إذا قدر فإن عجز انتقل إلى اللسان فإن عجز جاهد بقلبه فهذه ثلاثة عشر مرتبة من الجهاد ومن مات ولم يغز ولم تحدثه نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق.

الجهاد في العهد المكي:

ويمكن كذلك أن نقسم الجهاد الذي خاضه الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة إلى: جهاد بالحجة والبرهان في نطاق العقيدة والعادات والتقاليد والأساطير والأوهام، والذي كان من أعنف المعارك قال تعالى: «وَعَجِبُوا أَن جَاءَهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلاَّ اخْتِلاقٌ» حيث جاء الإسلام بعقيدة حقة بعيدة عن عقائدهم الباطلة وبمبادئ في العبادة والسلوك والعلاقة بين الناس، والمساواة بينهم كانت تختلف تماماً عما ترسخ في أذهانهم، وطبقوها على أنفسهم.

وكانت أسلحة المشركين ضد هذا الجهاد قوية من حيث العدد والعدة، فقد كان الرسول محمد صلى الله عليه وسلم يواجههم وحده، ثم بدأ ينتشر الإسلام رويداً رويداً، وقد استعملوا ضده سلاح الدعاية، ولا سيما فهم قوم معروفون بالبيان، والشعر، ومجتمع مترف فارغ يحافظ على جلساته الرتيبة المنظمة حول الكعبة كل يوم إضافة إلى ما كانت لديهم من نوادٍ شعرية تجمع الشعراء، وما ترد إليهم من وفود لأداء الحج والعمرة.

ولم تكتف قريش بسلاح الدعاية الضخمة، بل استعملت سلاح المساومة والتعذيب الوحشي، والإهانة النفسية بشكل منقطع النظير، ثم سلاح الحصار الاقتصادي، والمقاطعة لكل من دخل هذا الدين الجديد مقاطعة شاملة، وقد تعب المسلمون جراءها لكنهم صبروا على ذلك، وساعدهم على ذلك إيمانهم القوي، ونزل القرآن الدائم الذي ينزل كبلسم شاف يشفي الجراح، إضافة إلى شخصية الرسول الكريم وقدوته الرائعة.

جهاد التربية:

وبالإضافة إلى هذا النوع من الجهاد فقد كان جهاد التربية- الذي كان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يشرف عليها بنفسه ليغرس في قلوب الرعيل الأول الإسلام الحقيقي بشكل دقيق- من أعظم أنواع الجهاد، فقد أشار القرآن الكريم إلى هذا الدور العظيم الذي به الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال تعالى: «كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ» أي أن هذه الأمة لم تظهر بهذه القوة التي أسقطت إمبراطوريتين فجأة دون تكوين وإعداد، وإنما أخرجت إخراجاً، أي صرفت جهودًا كبيرة إضافة إلى عناية الله تعالى حتى أعدت هذا الإعداد، وأخرجت هذا الإخراج، فقد رباهم الرسول صلى الله عليه وسلم فرداً فرداً، رباعهم بالقول والفعل والتطبيق والأسوة الحسنة على الإيمان القوي كالطود الشامخ، وعلى أن يدخلوا في الإسلام وقد تركوا كل ما في الجاهلية وراءهم ظهرياً، حتى تصبح قلوبهم خالية من كل شبهة، أو ريبة، فتكون كالقصعة البيضاء، ثم تملأ بالعقيدة الحقة والمبادئ الإسلامية، فأعاد إليهم فطرهم السليمة، فربى عقولهم، ووجدانهم، وسلوكهم، وأفكارهم ولم يكتف فيها بالعموميات، وإنما يغرس الجزئيات ومتابعتها متابعة الزراع لزرعه: «كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ».

الجهاد في العهد المدني:

وأما الجهاد في العهد المدني فقد أخذ- بالإضافة إلى جهاد العقيدة والتربية والدعوة- شكل تنظيم المجتمع، والقتال في سبيل الله لمن قاتلهم أولاً، ثم لما مكنوا في الأرض أمروا بالقتال لأجل نشر العقيدة ودفع دابر الفتنة حتى يكون الدين كله لله تعالى، ويطبق على المجتمع.

ومن خلال هذا العرض السريع يمكننا القول: إن شمولية الجهاد منبثقة من شمولية الإسلام نفسه، ولذلك نرى أن الهجرة التي كانت خاصة بمن هاجر إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة لم تعد على هذه الخصوصية حيث عممها الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه فقال:…… والمهاجرون من هجر ما نهى الله عنه بل قال: لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية.

وكذلك الشهيد في نظر الإسلام لا يقتصر على من قتل في أثناء المعركة، وإنما يشمل حالات أخرى، كما وردت بذلك أحاديث صحيحة، حتى ألف فيها الحافظ السيوطي رسالة سماها: أبواب السعادة في أسباب الشهادة، فذكر أكثر من ثلاثين نوعاً منها ما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الشهداء خمسة: المبطون، والمطعون، والغريق، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله وهذا العدد ليس له مفهوم فهم أكثر من خمسة، فقد ذكر النبي صلى الله عليم وسلم أن: من قتل دون ماله فهو شهيد.

ومع هذه الإطلاقات فإنه مما لا شك فيه أن الجهاد بمعنى القتال في سبيل الله أفضل أنواعه، وأن الشهيد بمعنى المقتول في سبيل الله أفضل الشهداء وأعظمهم أجراً، ولذلك له أحكامه الخاصة من حيث الغسل والصلاة عليه، ولا توجد لغيره، وكذلك المهاجر بمعنى المهاجر الذي هاجر إلى الرسول صلى الله عليه وسلم قبل الفتح أعظم أجراً ممن يطلق عليه اسم المهاجر، فقد قال تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ» وغير ذلك من الآيات والأحاديث الدالة على فضل هؤلاء الكبير.

ونحن في هذا البحث نلقي كثيراً من الضوء على الجهاد بمعناه الأخص، وسبب اختياره، وهو القتال في سبيل الله، فنذكر حكمه، وتقسيماته وما يدور في فلكه بإذن الله.

لماذا اختير هذا الاسم؟

جرت عادة الإفرنج في تسميتهم غزواتهم بالحرب المقدسة، في حين أن الله تعالى قد سمى كفاح المسلمين في هذا المجال بالجهاد، وذلك لأن لفظة الحرب (WAR) كانت ولا تزال تطلق على القتال الذي نشب لهيبه بين الأفراد والأحزاب والجماعات والشعوب لمآرب شخصية وأغراض ذاتية، أو استكبارية، فاختير للحرب التي تكون لأجل دين الله الحق، وإعلاء كلمته ولسعادة جميع البشر وحقوقهم ولتعمير الكون كله على ضوء منهج الله: اسم الجهاد لما يدل على شمولية الجهد لكل الأحوال واستمرار الكفاح للوصول إلى ذلك الغرض، وذلك لأن لفظ الجهاد لغة وشرعاً شامل لكل الجهود التي تبذل بل هو استفراغ أقصى الجهد لتحقيق نلك الأهداف السامية، فالقتال ليس هو الهدف، وإنما إقامة شرع الله هو الهدف بأية وسيلة سواء كانت بالفكر والدعوة أم بالقتال ونحوه.

ومن جانب آخر لم يكتف الإسلام أن يسميه بالجهاد فقط بل قيده بأن يكون في سبيل الله وحده، وليس في سبيل فرد، أو جماعة، أو شعب، أو أمة، أو فكر معين في حين أن جميع الحروب السابقة والحالية ما دامت لم تكن في سبيل الله، فهي في سبيل الأهواء، وقد ارتبط الجهاد في الإسلام بغايته، وهي وفي سبيل الله حتى يكون مبرءاً عن كل هوى، أو نزعة شخصية، أو جاه أو سمعة، فقال تعالى: «الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ».