الركن الرابع: التوصيل والتعبير والتبليغ
والمراد بذلك هو
أن يقوم الداعية بتوصيل الإسلام كلِّه أو بعضه إلى الآخر من خلال وسائل التعبير
عنه من القول، أو الكتابة، أو الفعل، أو الإشارة.
ثم إن هذه
الوسائل قد تكون مباشرة، أو عن طريق الأدوات الحديثة من التلفاز أو الإذاعة، أو
الإنترنت، وقد تكون من خلال الأفلام، أو المسلسلات، والمسرحيات، ونحوها.
وقبل أن أخوض في
تفاصيل ما سبق فإنني أود أن أشير إلى أهمية الكلمة ووسائل التعبير عنها في
الإسلام، حيث مُنِحَتْ لها أدوار عظيمة حتى من حيث الدخول في الإسلام، أو الخروج
منه، ومن حيث الالتزامات، والتحلل عنها، ومن حيث التأثير والآثار المترتبة عليها،
ويُعبَّر عن الكلمة بالخطاب الشامل لكل ما يُخاطب به.
إن الخطاب الإسلامي
هو رسالة السلام إلى الإنسان مسلمًا أو غيره ليس خاصًّا بأسلوب الدعوة فقط، وإنما
هو شامل لكل ما نقدمه، وهو كلمة الله تعالى الموجهة للبشرية.
والخطاب الإسلامي
هو السعي الجاد لوضع هذا الخطاب في إطاره الصحيح المؤثر من خلال الاستفادة من تقنيات
العصر وتجلياته وأدواته ووسائله، ومن حيث الأسلوب والصياغة والمحتوى، ومن حيث
المخاطب والزمان والمكان، كما أشار إلى ذلك الرسول ﷺ في حديث معاذ حينما أرسله إلى
اليمن فقال: «إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ أَهْلَ كِتَابٍ فَلْيَكُنْ أَوَّلَ
مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنَّ مُحَمَّدًا
رَسُولُ الله»([1]).
قال الحافظ
ابن حجر في تعليل البدء بهذه الكلمة([2]): (هي كالتوطئة للوصية لتستجمع همته عليها لكون أهل الكتاب أهل
علم في الجملة فلا تكون العناية في مخاطبتهم كمخاطبة الجهال من عبدة الأوثان…).
الجمع بين
الأصالة والمعاصرة:
إن الخطاب
الدعوي الناجح هو الذي يجمع بين الأصالة من حيث التأصيل الشرعي، والمعاصرة من حيث
علاقته وبالعصر الذي يعيش فيه الداعية، فعصرنة الخطاب الإسلامي هو الاستفادة من كل
تقنيات العصر، ومؤثراته وأدواته ليكون مقبولًا ومؤثرًا يؤدي دوره، ويفعل فعلته في القلوب
والنفوس، فقال تعالى : ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ
مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً
كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء