هي عبارة عن مجموعة من شركات منفصلة قانوناً عن بعضها ، وترتبط في الوقت نفسه بالأخرى ، فتعتبر إحداها شركة أم ( Societemere ) أو شركة مسيطرة          ( Dominante ) لها القدرة في الدافع ، أو في القانون على فرض وحدة القرار على الشركات الأعضاء في المجموع التي تجد نفسها في مركز الخاضع ( Dominese ) ذلك أنه يمكن للشركات أن تستخدم أموالها في شراء أسهم شركات أخرى ، أو الاكتتاب فيها .


  وقد بدأت هذه الظاهرة لأسباب احتكارية ، حيث تحاول الشركات وقد سبق هذه الشركات القابضة محاولات لوحدات اقتصادية ، وشركات عملاقة لفتح فروع كثيرة في مختلف البلاد ، واشتراط شروط خاصة لبيع منتجاتها للسيطرة والهيمنة على الاقتصاد ، واحتكار السوق ، ولذلك صدرت قوانين في أمريكا وغيرها للحد من هذه الظاهرة وتخفيف غلوائها ، حيث صدر أول قانون بهذا الصدد في أمريكا عام 1890م نصّ على تحريم الاحتكار ، وسمى : قانون شيرمان ، ونص كذلك على منع عقد الاتفاقات التي تهدف إلى تقييد حرية التجارة ، وحرية المنافسة ، كما صدرت قوانين أخرى منذ عام 1914 بمنع ربط شراء سلعة معينة بسلعة أخرى ، ومنع التمييز ، أو التفرقة في السعر عند التعامل  .


  وحينئذ بحثت الشركات الكبرى عن وسيلة أخرى للاحتكار والهيمنة ، حيث اهتدت إلى فكرة اندماج عدة شركات تنتمي إلى مجموعة مالية واحدة في شركة واحدة ، أو أن تقوم شركة عملاقة واحدة بتأسيس شركات أخرى وليدة أو تابعة ( Societes Filiales )  ، وقد لا يلجأ إلى الاندماج ، أو إنشاء شركات تابعة لها ، بل تستهدف السيطرة المالية والادارية على شركات أخرى من خلال شرائها غالبية أسهم شركة معينة ، وبذلك تصبح شركة تابعة لها ، أو يكون لها أقل من 50% من أسهمها ولكن تتفق مع غالبية مساهميها عند اجتماع الجمعية العمومية لتنفيذ رغبات الشركة القوية ( القابضة ) .


 


  هذه هي الصور الأربع للشركات القابضة في معظم القوانين السائدة ، وخصص كلها ينطوي تحت اسم الشركات القابضة كالآتي :


1.  الشركة ( أ ) تمتلك أغلبية حق التصويت في الشركة ( ب ) حيث يطلق على هذه الحالة : السيطرة على الأصوات ( Voting Control ) .


2. الشركة ( أ ) شريك في الشركة ( ب ) ، ولها القدرة على تعيين أو عزل أغلبية المديرين ، حيث يطلق على هذه الحالة السيطرة على الإدارة                      ( Director Control ) .


3. الشركة ( أ ) شريك في الشركة ( ب ) وتسيطر بذاتها ، أو بمقتضى اتفاق مع آخرين من أعضاء الجمعية العامة على أغلبية حق التصويت في الشركة ( ب ) ، حيث يطلق على هذه الحالة السيطرة العقدية ( Contrct Control ) .


4. الشركة ( ب ) تابعة للشركة ( أ ) وهناك الشركة ( ج ) تباعة للشركة ( ب ) عندئذ تعتبر الشركة ( ج ) تابعة أيضاً للشركة ( أ )  .


 


الفرق بين الشركة التابعة ، والفرع :


  ومن المفيد هنا أن نوضح الفرق الجوهري بين فروع الشركة ، وبين الشركة التابعة للشركة الأم ( القابضة ) وهو : أن فرع الشركة ليس له شخصية معنوية ، وبالتالي فليست له ذمة مالية مستقلة ، ولا موطن ولا جنسية خاصة به لأنه جزء من الشركة الأصلية ، أما الشركات التابعة بجميع أنواعها فلها شخصيات معنوية وبالتالي فلها ذمم مالية مستقلة ، وقد تكون لها جنسيات مختلفة ، ومواطن مختلفة عن الشركة القابضة ، كما أن من أهم خصائص الشركة القابضة أنها تسيطر على إدارة الشركات التابعة لها ، وماليتها دون إضعاف شخصيتها المعنوية  .


  وقد اكتفى مجمع الفقه الإسلامي الدولي في دورته الرابعة عشرة المنعقدة في الدوحة  في الفترة 8-13 ذو القعدة 1423هـ بتعريف الشركة القابضة دون بيان حكمها ، حيث جاء في القرار رقم 130(4/14) الذي نص على :


(( 3ـ الشركة القابضة : هي الشركة الت يتملك أسهماً أو حصصاً في رأسمال شركة أو شركات أخرى مستقلة عنها ، بنسبة تمكنها قانوناً من السيطرة على إدارتها ، ورسم خططها العامة .


4ـ الشركة متعددة الجنسيات : هي شركة تتكون من مجموعة من الشركات الفرعية ، لها مركز أصلي يقع في إحدى الدول ، بينما تقع الشركات التابعة له في دول أخرى مختلفة ، وتكتسب في الغالب جنسيتها ، ويرتبط المركز مع الشركات الفرعية من خلال استراتيجية اقتصادية متكاملة تهدف إلى تحقيق أهداف استثمارية معينة ))  .


 


الشركة القابضة في القوانين العربية :


  تناول أحكام الشركة القابضة عدد من القوانين العربية ، منها القانون اللبناني الذي عالج أحكامها في المرسوم الاشتراعي رقم (45) الصادر في 24 حزيران 1983 الذي سماه : نظام الشركات القابضة ( هولدنغ ) ، وكذلك قانون الشركات الأردني رقم (1) لسنة 1989م حيث خصص للشركة القابضة خمس مواد (232 – 236) عرفها في المادة (232) فقرة ( أ ) بأن : ( الشركة القابضة : شركة مساهمة عامة تقوم بالسيطرة المالية والادارية على شركة ، أو أكثر من الشركات الأخرى التي تصبح تابعة لها ، وذلك من خلال تملكها للأكثرية المطلقة على الأقل من أسهم تلك الشركات أو الشركات ذات المسؤولية المحدودة ، أو من شركات التوصية بالأسهم وتضاف عبارة ( شركة قابضة ) إلى جانب اسم الشركة في جميع أوراقها وإعلاناتها والوثائق الأخرى الصادرة عنها )  وأضافت في فقرتها ( ب ) أنه : ( لا يجوز للشركة القابضة تملك حصص في شركات التضامن أو في شركات التوصية البسيطة ) .


  وقد خصص قانون الشركات التجارية القطري رقم (5) لسنة 2002 ست مواد : (261-266) نذكرها لأهميتها ولحداثتها ، حيث نصت المادة (261) على أن : ( الشركة القابضة هي شركة مساهمة أو شركة ذات مسؤولية محدودة تقوم بالسيطرة المالية والادارية على شركة أو أكثر من خلال تملكها 51% على الأقل من أسهم أو حصص تلك الشركة أو الشركات ، سواء كانت من شركات المساهمة أو من الشركات ذات المسئولية المحدودة ) ، وجاء في المادة (262) : ( لا يجوز للشركة القابضة تملك حصص في شركات التضامن أو في شركات التوصية بنوعيها ، كما يحظر عليها تملك أي أسهم أو حصص في الشركات القابضة الأخرى ) وجاء في المادة (263) : ( يجب أن لا يقل رأس مال الشركة القابضة عن عشرة ملايين ريال ) وفي المادة (264) : (تكون أغراض الشركة القابضة وفقا لما يلي: 1- المشاركة في ادارة الشركات التابعة لها أو التي تساهم فيها 2- استثمار أموالها في الاسهم والسندات والاوراق المالية 3- توفير الدعم اللازم للشركات التابعة لها 4- تملك براءات الاختراع والاعمال التجارية والامتيازات وغيرها من الحقوق المعنوية واستغلالها وتأجيرها للشركات التابعة لها أو لغيرها 5- تملك المنقولات والعقارات اللازمة لمباشرة نشاطها في الحدود المسموح بها وفقا للقانون ) وجاء في المادة ( 265) :  (تضاف عبارة (شركة قابضة) في جميع الاوراق والاعلانات والمراسلات وسائر الوثائق التي تصدر عن الشركة القابضة إلى جانب الاسم التجاري لها) وجاء في المادة ( 266) : ( فيما لا يتعارض مع احكام هذا الباب، تسري على الشركات القابضة الاحكام الخاصة بشركات المساهمة أو ذات المسؤولية المحدودة الواردة في هذا القانون، بحسب الأحوال) …


 


حكم الشركة القابضة مع التابعة :


    بما أن كلاً من الشركة القابضة ، والشركات التابعة لها تتمتع بشخصية معنوية مستقلة ، فإن الأحكام التي ذكرناها للشركات المساهمة تنطبق عليها ، وأنها تعتبر أجنبية         ( غيراً ) في العلاقات التعاقدية فيما بينهما حسب الضوابط الثلاث التي ذكرناها ، إلاّ إذا كانت الشركة القابضة مالكة للشركة التابعة بنسبة 100% فحينئذ لا قبل منها ضمان إحداهما للأخرى ـ كما سبق ـ .


الشركة الأم :


  نجد في القانون والفقه الفرنسيين مصطلح الشركة الأم ( Societe mere ) وهي التي تملك نصف رأس مال شركة ، أو كامل أسهمها  .


  وهي قريبة من الشركة القابضة في القانون القطري ، والقانون الأردني ، ولكن القانون الأردني فرق بينهما ، ونظم أحكام كل منهما بمواد مستقلة ، حيث ذكر قانون الشركات الأردني لعام 1989هـ الشركة الأم في المواد ( 270 ـ 274 ) حيث جاء في المادة (270) من القانون المذكور أنه : ( على الرغم مما نص عليه في هذا القانون يجوز للشركة المساهمة العامة أن تمتلك أسهم شركة مساهمة عامة أخرى بالكامل ، أو ما لا يقل عن 50% من تلك الأسهم ، وتستمر الشخصية المعنوية للشركة التي تملك أسهمها بالكامل ، وتبقى قائمة وتسمى ( الشركة التابعة ) ويطلق على الشركة المالكة اسم ( الشركة الأم )


ويتضح من هذا النص أن الشركة الأم لها عدة خصائص من أهمها أنها :


1.         أن الشركة الأم هي شركة مساهمة عامة تمتلك كامل أسهم شركة مساهمة عامة أخرى ، أو ما لا يقل عن 50% .


2.         أن هدف هذا العمل هو سيطرة الشركة الأم على الشركة التابعة لها من حيث الإدارة .


3.         أن الشركة الأم هي التي تقوم بإدارة الشركة التابعة لها عن طريق لجنة يعينها مجلس إدارة الشركة الأم ، وعلى الشركة التابعة إعداد ميزانيتها السنوية وحساباتها الختامية وفقاً لأحكام قانون الشركات ، وتقديمها إلى الجمعية العامة للشركة الأم   ( المادة 272/أ من القانون الأردني المذكور ) .


 كذلك نص القانون الأردني المذكور على قيام الشركة الأم بإعداد ميزانية مجمعة للشركة الأم والشركات التابعة ، وهذا يتفق مع الرأي القائل بأن ( الوحدة في المصالح والإدارة والنشاط يؤدي إلى الامتزاج بين الذمة المالية للشركتين بحيث يصبح الوجود القانوني للشركة الوليدة صورياً )  .


  ولكن هذا الرأي عارضه الآخرون ، يقول الدكتور فوزي محمد سامي : ( لكننا لا نتفق مع هذا الرأي ، وإنما مع الرأي الآخر الذي يذهب إلى أن كلاً من الشركة الأم ، والشركات التابعة لها …. تشكل الواحدة عن الأخرى وحدة قانونية مستقلة ، وعندما تتجمع الحسابات المالية لمجموع تلك الشركات تظهر عندئذ مذكورة كوحدة اقتصادية واحدة ، والميزانية المجمعة أو الموحدة تمثل جميع المصادر الاقتصادية التي تسيطر عليها الشركة الأم….. )  .


  ولكن إعداد الميزانية المجمعة قد تعترضه صعوبات إذا كانت الشركات التابعة موجودة في دول أجنبية مما يؤدي إلى تحديد ، أو تحجيم السيطرة للشركة الأم بالنسبة لموجودات الشرك التابعة وعملياتها ، وحينئذ تظهر في ميزانية الشركة الأم المبالغ المستثمرة في الشركات التابعة ، والأرباح والخسائر التي نجم عنها الفرق بين الشركة القابضة والشركة الأم .


 


  هناك أوجه تشابه كبير بين الشركة القابضة ، والشركة الأم ، بل الذي يظهر لنا بوضوح أن الشركة الأم نوع من الشركة القابضة غير أن القانون الأردني فرق بينهما فيما يأتي :


1.         أن الشركة الأم تستطيع أن تمتلك كامل أسهم الشركة المساهمة التابعة ، في حين أن الشركة القابضة لا تستطيع ذلك ، لكنها تستطيع تملكها أسهم شركات التوصية بالأسهم ، مع أن الشركة الأم ليس لها ذلك .


2.         وهناك بعض إجراءات خاصة بالقابضة مثل كتابة ( شركة قابضة ) في جميع أوراقها ، في حين لم يشترط القانون الأردني كتابة ( الشركة الأم ) في أوراقها .


  فهذه الفروق غير الجوهرية بين الشركة القابضة ، والشركة الأم لا ترقى إلى مستوى الفصل بين الشركتين وإفراد كل واحدة منهما باسم خاص ومواد خاصة تنظمها ، بل إن شراح القانون الأردني المذكور أوضحوا أن هناك تداخلاً وغموضاً في تعريفه لهاتين الشركتين ، بل إن بعض نصوصه تدل بوضوح على الأمور المشتركة بينهما أكثر بكثير من الفروق بينهما ، وحتى قالوا : ( فلماذا تسمّى إحداهما شركة قابضة ، والأخرى شركة أم ؟ لذا نرى أنه لا بدّ للمشرع أن ينتبه إلى هذا الخلط ويقصر تسمية الشركة على الشركة التي تمتلك كامل أسهم شركة مساهمة عامة أخرى ……. )  .


  اعلى الصفحة