من المعلوم أنه من الناحية القانونية أن مجلس الإدارة ( رئيساً وعضواً منتدباً وأعضاءً ) وكيل ( بالتضامن ) عن الشركة وكالة بالأجر ، وبالتالي تقع عليهم حقوق وواجبات تفرضها أحكام الوكالة على كل عضو من أعضاء مجلس الإدارة وبالإضافة إلى ذلك فإن قوانين الشركات في معظم بلاد العالم تفرض واجبات تتعلق بسلامة إدارة الشركة لضمان تحقيق أغراضها بكل شفافية ووضوح ، كما أنها تفرض بعض قيود على تصرفات أعضاء المجلس مع الشركة فيما يتعلق بمصالحهم ، أو مصالح أقاربهم من الدرجة الأولى ، أو الزوجة ، وذلك مثل ما نص عليه القانون الأردني التجاري في مادته (167) على  أنه : ( يجب على كل عضو في مجلس إدارة الشركة أن يقدم إلى المجلس في أول اجتماع له اقراراً خطياً بما يملكه هو وزوجته وأولاده القصر من أسهم في الشركة التي هو عضو في مجلس إدارتها …… وأنه لا يجوز لمجلس الإدارة أن يقدم قرضاً نقدياً لأحد أعضاء المجلس أو لرئيسه ، أو إلى أصول أي منهم أو فروعه ، أو زوجه ، ويستثنى من ذلك البنوك والشركات المالية التي يجوز لها أن تقرض أياً من أولئك ضمن غاياتها ، وبالشروط التي تتعامل بها مع عملائها الآخرين ) .


  وكذلك حظرت بعض القوانين ـ ومنها القانون التجاري الأردني ـ على مجلس الإدارة أن يتعاقد باسم الشركة مع رئيس مجلس الإدارة ، أو مع أحد أعضائه ، أو مديرها العام … ولا يجوز أن يكون لأي منهم مصلحة مباشرة ، أو غير مباشرة في العقود والمشاريع ، والارتباطات التي تعقد مع الشركة ، أو لحسابها ، باستثناء التعهدات والمناقصات العامة التي يسمح فيها للجميع التنافس ، وفي هذه الحالة إذا كان العرض الأنسب من أحد المذكورين أعلاه فلا بدّ أن يوافق ثلثا أعضاء مجلس الإدارة لقبول عرضه  .


 


القيود على أعضاء مجلس الإدارة تختلف من شركة إلى أخرى :


  فقد ذكرنا بعض القيود على أعضاء مجلس الإدارة في الشركة المساهمة في حين أن القيود على الشركاء في شركة التضامن أكثر ، فمثلاً ( لا يجوز التنازل عن الحصص في شركة التضامن إلاّ بموافقة جميع الشركاء ، أو بمراعاة القيود الواردة في عقد الشركة ، وفي هذه الحالة يعدل العقد ، ويشهر التنازل …. وكل اتفاق يقضي بجواز التنازل عن الحصص دون قيد يعتبر باطلاً ……. ) المادة : 27 من القانون التجاري القطري .


  بل إنه : ( لا يجوز للشريك بغير موافقة الشركاء أن يمارس لحسابه أو لحساب الغير نشاطاً من نوع نشاط الشركة ، أو أن يكون شريكاً في شركة تنافسها إذا كانت هذه الشركة شركة تضامن ، أو شركة توصية بسيطة ، أو بالأسهم ، أو شركة ذات مسؤولية    محدودة ) المادة : 29 من القانون التجاري القطري .


  وأكثر من ذلك يترتب على عزل المدير الشريك المعني ـ حتى لو تم عزله بالاجماع ، أو بقرار من المحكمة ـ حل الشركة ما لم ينص عقد الشركة على خلاف ذلك (م37ق.ت) .


  وبالمقابل فإن المدير الشريك لا يجوز له أن يعتزل الإدارة بغير أسباب مقبولة ، وإلاّ كان مسؤولاً عن التعويض (م38ق.ت) ..


   كما أنه لا يجوز عزله إلاّ بإجماع الشركاء أو بقرار من المحكمة بناءً على طلب أغلبية الشركاء (م37ق.ت) ..


  وكذلك الحكم في شركة التوصية البسيطة  بالنسبة للشركاء المتضامنين وهم الذين يديرون الشركة ، ويكونون مسؤولين بالتضامن عن جميع التزاماتها في أموالهم  الخاصة (م44ق.ت) . .


  ففي شركة التوصية البسيطة تطبق القواعد والأحكام العامة لشركة التضامن على الشركاء المتضامنين فقط في حين أن الفئة الثانية المكونة لهذه الشركة وهم الشركاء الموصون ( لا يجوز لهم أن يتداخلو في إدارة الشركة ولو بموجب توكيل ، وإلاّ أصبح مسؤولاً بالتضامن عن الالتزامات الناشئة عن أعمال إدارته ….) (م48ق.ت) .


  كما أن القرارات في هذه الشركة تصدر بإجماع آراء الشركاء المتضامنين ما لم ينص عقد الشركة على خلاف ذلك ، ولا تكون القرارات المتعلقة بتعديل عقد الشركة صحيحة إلاّ إذا صدرت بإجماع آراء الشركاء المتضامنين والموصين …. (م50 ق.ت ) .


  وكذلك الحال في شركة التوصية بالأسهم بالنسبة إلى الشركاء المتضامنين ، حيث   ( تعتبر الشركة بالنسبة إلى الشركاء المتضامنين شركة تضامن ، ويعتبر الشريك المتضامن تاجراً ….) (م207 ق.ت) ..


 


الحكم في الشركات الثلاث :


أولاً : لا يعتبر الشريك المتضامن في شركات التضامن ، والتوصية البسيطة ، والتوصية بالأسهم أجنبياً عن الشركة في مسألة الضمان ، حيث لا يعتبر ضمان الشريك المتضامن في الشركات الثلاث السابقة ضماناً من الغير ، وبالتالي فلا يجوز ولا يصح أن يضمن التزامات الشركة القائمة على الأمانات ( أي ما عدا الديون المستقرة في الذمة )  .


  وبعبارة مفصلة : لا يجوز للشريك المتضامن أن يضمن لربّ المال المتعامل مع إحدى الشركات الثلاث رأس ماله ( أي في حالة كون الشركة مضارباً ) إلاّ لحالات التعدي أو التقصير ، أو المخالفة للشروط وهو في الحالات الثلاث ضامن بحكم كونه شريكاً متضامناً مع بقية الشركاء ،  فيكون ضمانه تحصيل حاصل ، أو تأكيداً مجرداً لضمانه وكذلك الحال بالنسبة للشركاء من خارج الشركة ، أو للشركاء الموصين ، حيث لا يجوز للشريك المتضامن أن يضمن لهم رأس مالهم المشارك به في إحدى هذه الشركات الثلاث إلاّ في حالات التعدي أو التقصير أو مخالفة الشروط .


  وذلك لأن الشريك المتضامن جزء أساس من الشركة ولا تنفصل ذمته عن ذمة الشركة ولو كانت لها شخصية معنوية ، ولا عن ذمة الشركاء فيما يخص أعمال الشركة ومسؤولياتها ، حيث انضمت ذمته إلى ذمتهم ، ولهذا شبيه كامل يتمثل في شركة المفاوضة عند الحنفية ـ كما سيأتي ـ ..


  ومن هنا فالشخصية المعنوية شكلية هنا لم يتحقق لها أهم مكوناتها وهي الذمة المالية المستقلة ، والمسؤولية المحدودة ، بل إن شركات التضامن ونحوها تحمل أسماء الشركاء المتضامنين وجوباً قانونياً ، حيث تنص القوانين المنظمة لها على أنه : ( يتكون اسم شركة التضامن من أسماء جميع الشركاء ، ويجوز أن يقتصر اسمها على اسم شريك ، أو أكثر مع إضافة كلمة ( وشركاه ) ويكون اسم الشركة مطابقاً للحقيقة …..) (م20ق.ت) .


  وحتى لو سمحت القوانين بوجود اسم تجاري لشركة التضامن ونحوها ، لا بدّ أن يذكر معها بما يدل على أنها شركة تضامن بين الشركاء ، وأكثر من ذلك أن الشريك المتضامن يصبح تاجراً بمجرد صدور الموافقة على الشركة مما يدل بوضوح على مدى التداخل فيما بينهما ، فكأنهما روحان في بدن واحد ، أو بدنان انصهرا في بوتقة روح واحدة ، فازدادت نسبة الذوبان والاندماج ، وقربت جداً مسافات البعد بينهما .


  وكل ذلك يضعف الشخصية المعنوية ، ويجعلها ضعيفة لا يُبقى لها دوراً سوى كونها تنظيماً إدارياً ، وحينئذ فلا يعول عليها ، وبالتالي يكون من باب ضمان النفس وهو باطل في عقود الأمانات بالاجماع  ، جاء في الجامع الصغير : ( وكذلك رجلان باعا عبداً صفقة واحدة ، وضمن أحدهما للآخر حصته من الثمن فالضمان باطل لأنه لا وجه لتصحيح الضمان مع الشركة حتى لا يصير ضامناً لنفسه )  .


ثانياً : في مسألة التعاقدات المالية تطبق على الشريك أحكام شركة المفاوضة ، وفي نظري لا يجوز للشريك المتضامن أن يتعامل مع الشركة ( التضامن ) إلاّ في حدود ما أذن به نظام الشركة أو القانون المنظم لها ، وبعبارة أخرى فلا يجوز في حالة الاطلاق مطلقاً .


 


الحكم في الشركات المساهمة :


  إن التعامل بين الشركاء في أموال الشركات المساهمة يدفعنا إلى الحديث عن أحكام تعامل الشريك في اموال الشركة لصالح نفسه ، وتعامل المضارب ، أو رب المال في أموال المضاربة لصالحه ، وهذا يقتضي منا أن نتطرق إلى أحكام تعامل الشريك مع أموال الشركة ، وتعامل رب المال ، أو المضارب مع أموال المضاربة .


  اعلى الصفحة