بدأت صباح اليوم الثلاثاء 5 أبريل 2016م فعاليات الجلسة السادسة من جلسات المؤتمر العالمي لميثاق الأسرة والمنعقد حالياً في مدينة اسطنبول التركية برعاية وتنظيم الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين واتحاد المنظمات الأهلية في العالم الإسلامي ، ويرأس هذه الجلسة أ. د. علي القره داغي – الأمين العام للاتحاد العالمي ورئيس المؤتمر ، ويتولى الدكتور عمر بن عمر أمانة الجلسة كمقرر لها.
كما وتضع هذه الجلسة تأطيراً ومقدمةً عامة لميثاق الأسرة الذي يهدف المؤتمر إلى الخروج به ليقدمه للعالم أجمع ميثاقاً عادلاً متوازناً ينظم شؤون الأسرة دون جور أو تجاوز.
تحدث في الجلسة كل من الدكتور عبد المجيد النجار – رئيس اللجنة العلمية والتنظيمية للمؤتمر ، والأستاذة نعيمة بنعيش – ناشطة في مجالات الأسرة والمرأة ، والشيخ ونيس المبروك – عضو مجلس أمناء الاتحاد العالمي للعلماء.
وجاءت مسودة الميثاق التي تم طرحها للنقاش على النحو التالي:
بسم الله الرحمن الرحيم
مشروع ميثاق الأسرة
توطئة
الأسرة كما هي المحضن الأول لبناء الإنسان في كيانه المادّي والمعنوي فهي اللبنة الأولى في بناء المجتمع الإنساني، هكذا نشأت وهكذا ستبقى ما بقي الإنسان؛ ولذلك فإنه على قدر ما تكون قوّة الأسرة في تماسكها وفعاليتها تكون قوّة المجتمع وفعاليته ونموّه، وعلى قدر ما يكون انهيارها يكون انهياره، تلك سنّة من سنن الاجتماع البشري، يثبتها العقل، وتصدّقها شهادة التاريخ.
وقد شهد كيان الأسرة عبر التاريخ في قوّته وضعفه محطّات عديدة، ثقافات وحضارات أولته العناية فقوي وأدّى دوره المجتمعي، وأخرى أهملته واستهترت به فكان لذلك أثر سلبي في مآلها. ولمّا جاء الإسلام اهتمّ بالأسرة أيما اهتمام، وأرسى قواعد وقيما ثابتة في بنائها ونظامها وأهدافها، وفصّل في ذلك من الأحكام ما لم يفصّله في أيّ مجال آخر من مجالات الحياة.
وفي حضارتنا التي نعيش تتعرّض الأسرة إلى تحدّيات خطيرة من شأنها لو بلغت منتهاها أن تصل بها إلى الانهيار الكامل: فمن العزوف عن تأسيس الأسرة أساسا.. إلى الاستهتار في بنائها بما ينافي الفطرة التي تقتضي تكوينها من الذكر والأنثى حتى ظهرت بوادر للأسرة المثلية.. إلى الزهد في إنجاب ثمراتها من الذرية فتفشّت ظاهرة الإجهاض.. إلى تحطيم القواعد والقيم التي تنظّمها فارتخت الروابط وضعف البناء، وانتهى الأمر في العديد من المجتمعات إلى ظواهر أسرية مؤذنة بمصير الأسرة إلى العقم في أداء دورها المجتمعي بل إلى انتهاء وجودها.
ولم تقتصر هذه المخاطر التي تداهم الأسرة على مستوى السلوك العملي في انفلاتاتٍ هنا أو هناك من قِبل بعض الأفراد أو الجماعات، وإنما أصبحت في بعض الأحيان نظريات فلسفية واجتماعية تهوّن من أمر الأسرة ودورها في المجتمع إلى ما ينتهي بها إلى التلاشي، وتستعيض عنها بأشكال من العلاقات التي يتوهّم أنها تقوم بدورها، بل انتهى الأمر إلى تقنين محلّي ودولي يضرب الأسرة في عمقها المادّي والمعنوي، فتحولت التحديات التي تواجه الأسرة إذن من استهتار عملي سلوكي إلى تقنين يتّخذ أحيانا صفة الإجبار، وأصبح الخطر الذي تتعرّض له الأسرة بذلك خطرا حقيقيا مؤذنا بهدمها مع ما يترتّب على ذلك من خراب مجتمعي.
وبالنظر إلى تشابك العلاقات بين الناس ثقافيا وحضاريا، وإلى الترابط القانوني بينهم عبر الاتفاقيات والمعاهدات الدولية فإنّ هذا الخطر الداهم على الأسرة أصبحت المجتمعات كلها في مرمى تأثيره، ومن بينها المجتمع الإسلامي الذي تعظّم ثقافته الدينية أمر الأسرة، وتحيطها بمنظومة من القيم الأخلاقية والقواعد الشرعية التي من شأنها أن تحافظ عليها في قوتها وفعاليتها؛ ولذلك فإننا نطرح هذا الميثاق المتعلق بالأسرة نتقدّم به إلى الناس مسلمين وغير مسلمين ليستفيد منه المسلمون دينا ويستفيد منه غيرهم حكمة، والهدف هو الحفاظ على الأسرة قوية فاعلة، فهي منطلق قوّة المجتمع وفعاليته.
الفصل الأول: مفهوم الأسرة
المادة 1 : الأسرة وحدة بشرية مجتمعية تقوم على ذكر وأنثى يربط بينهما باختيار حر ميثاق زواج شرعي قائم على المودة والرحمة والتعاون ويتفرع منها الذرية.
الفصل الثاني: طبيعة الأسرة ووظائفها
المادة 2 : تكون الأسرة أسرة صغرى وأسرة ممتدة.
المادة 3: الأسرة الصغرى تتكون من الزوجين والأولاد.
المادة 4: طبيعة العلاقة بين الزوجين -الرجل والمرأة- داخل الأسرة الصغرى
البند 1: تقوم الأسرة الصغرى على المساواة بين الزوجين:
الفقرة 1: المساواة في وحدة الخلق والكرامة الإنسانية.
الفقرة 2: المساواة في الأهلية الاجتماعية والذمة المالية.
البند 2 : تهدف الأسرة الصغرى إلى ضمان بقاء النوع الإنساني بالأولاد الشرعيين.
البند 3: تهدف الأسرة الصغرى إلى إشباع الرغبات الجنسية الفطرية بين الزوجين حقا وواجبا.
البند 4: تهدف الأسرة الصغرى إلى حفظ الأنساب وصيانة الأعراض.
البند 5: تهدف الأسرة الصغرى إلى تلبية الحاجة إلى الانتماء الأسري.
البند 6: تعمل الأسرة الصغرى على أن تكون خلية إسهام في التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
البند 7: تتوزع الأدوار داخل الأسرة الصغرى بين الزوجين على أساس التوافق والتكامل والتراحم والوفاء والتعاون القائم على الفضل .
المادة 5: طبيعة العلاقة بين أفراد الأسرة الصغرى
البند 1: تعمل الأسرة الصغرى على تحقيق السكن والمودة والرحمة بين جميع أفرادها.
البند 2: تعمل الأسرة الصغرى على تحقيق الرعاية المادية والمعنوية لأفرادها من الأصول والفروع.
البند 3: تعمل الأسرة الصغرى على توفير شروط الاستقرار النفسي والرعاية الصحية لأفرادها.
البند 4: تعمل الأسرة الصغرى على توفير شروط تطوير ملكات أفرادها الذهنية والجسمية والنفسية والعاطفية بالتعليم المناسب والتوعية اللازمة والترفيه السليم.
المادة 6: حقوق الطفل في الأسرة الصغرى.
البند 1: تعمل الأسرة الصغرى على ضمان حقوق الأطفال بمقتضى قوانين تشريعية واضحة في جميع مراحل حياتهم:
الفقرة 1: ضمان حق الطفل في الحياة والبقاء وهو جنين في بطن أمه وعدم الإضرار به أو الاعتداء عليه بالإجهاض إلا لضرورة معتبرة.
الفقرة 2: ضمان حق الطفل في الانتساب إلى أبويه، وحقه في الانتماء إلى هوية ثقافية واجتماعية.
الفقرة 3: ضمان حق الطفل في الرضاعة إلا أن يحول دون ذلك ما يضر بصحته أو بصحة أمه.
الفقرة 4: حفظ حق الطفل في الحضانة التي هي رعاية شاملة لكل شؤونه المادية والمعنوية، ويمتد هذا الحق في حالة الفراق.
الفقرة 5: ضمان حق الطفل في النفقة التي تشمل الطعام والشراب والكسوة والمسكن ومصاريف التعليم والعلاج والترفيه وكل ما يقتضيه العرف والعادة ويمتد هذا الحق في حالة الفراق.
الفقرة 6: ضمان حق الطفل في الولاية والوصاية على نفسه وماله حتى يستكمل رشده وأهليته.
الفقرة 7: ضمان حق الطفل في الحماية من جميع أنواع الاعتداء النفسي والعقلي والاستغلال الجسدي: التشغيل خارج نطاق القانون والاعتداء الجنسي والاتجار البدني والترحيل الجبري.
البند 2: يتم تنشئة الأطفال داخل الأسرة الصغرى على العقيدة السليمة والقيم الأخلاقية والاجتماعية والقيم الإنسانية العليا.
البند 3: يتم تنشئة الأطفال على الانتماء الوطني والإنساني القائم على السلم والتعاون.
البند 4: يتم تنشئة الأطفال على قيمة العفة وصيانة الذات والارتقاء بالنفس.
الفقرة 1: التنشئة على اجتناب العلاقات الجنسية خارج مؤسسة الزواج.
الفقرة 2: التنشئة على اجتناب السلوكات الجنسية الشاذة: السحاق واللواط وغيرهما
الفقرة 3: توعية الأطفال بأن السلوك الجنسي المسؤول والمأمون ما كان داخل مؤسسة الزواج لا غير، وتوعيتهم بالمخاطر الشرعية والصحية والاجتماعية للعلاقات الجنسية المنحرفة.
المادة 7: مؤسسة الأسرة الصغرى وتسيير شؤونها
البند 1: الأسرة الصغرى مؤسسة مجتمعية يكون التسيير فيها مسؤولية مشتركة بين الزوجين وللزوج المسؤولية الأولى في نطاق التشاور والتراضي والعدل والحكمة والمحبة والمعاشرة بالمعروف.
البند 2: تسيير أمور الأسرة يقوم على التكامل والتنوع في الأدوار.
البند 3: توزيع المسؤوليات داخل الأسرة يراعى فيه التخصص المبني على الفوارق الفطرية للأفراد على أساس التكافؤ في القيمة وفي نطاق الاحترام المتبادل ودون كلّ ما يشعر بالدونية أو الاحتقار.
البند 4: حقوق الأسرة الصغرى وواجباتها تتنوّع إلى عام يشترك فيه جميع الأفراد وخاص ينفرد به بعضهم دون الآخر.
البند 5: حق الوالدين على أولادهم تمام الرعاية والإحسان.
المادة 8: الأسرة الممتدة تتكوّن من الأسرة الصغرى والأقارب.
البند 1: تقوم الأسرة الممتدة على قيم المحبة والتراحم والتكافل والعدل.
البند 2: يتم توفير الرعاية المادية والمعنوية للمسنين والعاجزين داخل أسرهم وعدم إهمالهم وتوفير فرص الترويح عنهم.
البند 3: يتم الإحسان إلى الأقرباء عامة بصلتهم وإصلاح ذات بينهم إذا حصل النزاع ومؤازرتهم في أفراحهم وأتراحهم.
المادة 9: تقوم الأسرة الصغرى والممتدة على قيم المحبة والتراحم والعدل والكرامة وتتعاون على حفظ حقوق الإنسان العامة.
الفصل الثالث: نظام الأسرة
المادة 10: الزواج هو الطريق الوحيد لقيام الأسرة.
البند 1: الزواج عقد شرعي يجمع بين الرجل والمرأة.
البند 2: يقوم عقد الزواج على الاختيار الحر والرضا المتبادل بين الرجل والمرأة.
البند 3: يكون عقد الزواج بنية الدوام.
البند 4: يراعى في عقد الزواج أهلية الزوجين وهي البلوغ والرشد والقدرة على تحمل المسؤولية. مع شهادة تأهيل ممنوحة من طرف الجهات المختصة في تأهيل المقبلين على الزواج.
البند 5: الزواج عقد ملزم وميثاق غليظ تترتب عليه حقوق والتزامات متبادلة يجب الوفاء بها.
البند 6: يهيَّأ عقد الزواج بحيث يحقق الأهداف المذكورة في المادة 4 من الفصل الثاني، ويتحاشى فيه كلّ ما يعكّر صفاء الحياة الأسرية.
البند 7: الإنفاق على الأسرة من مسؤولية الزوج أساسا حسب وسعه وقدرته، وتسهم الزوجة الميسورة في الإنفاق على الأسرة ويجب عليها ذلك في حال الإعسار.
البند 8: الزواج وسيلة لحفظ الأنساب والأعراض.
البند 9: يقوم عقد الزواج على المعاشرة بالمعروف والإحسان المتبادل بين الأزواج.
البند10: كلّ أشكال العنف بين عناصر الأسرة مدانة.
الفصل الرابع: إنهاء العلاقة الزوجية
المادة 11: الأصل في العلاقة الزوجية أن تكون بنية الاستمرار، ويلجأ إلى الطلاق عند تعذر استمرارها واستنفاد جميع الطرق لمعالجة الوضع.
المادة 12: في حالة وقوع الطلاق يجب أن يكون طلاقا مشروعا.
المادة 13: من حق الزوج عند تعذر استمرار العلاقة الزوجية إيقاع الطلاق، وللمرأة الحق الكامل في طلب الطلاق عند الاقتضاء.
المادة 14: يتم تفعيل إجراءات الصلح بين الزوجين قبل المرور إلى إنجاز إجراءات الطلاق، مع عقد شراكة مع جهات مختصة في عملية الصلح هاته (الهيئات الدينية/ أخصائيي العلاقات الأسرية…).
االمادة 15 : عند حصول الطلاق يحدد نوعه وتراعى مقتضياته.
البند 16: عند وقوع الطلاق تحفظ حقوق أطراف الأسرة المترتبة عليه.
الفصل الخامس: مسؤولية الدولة والمؤسسات الأهلية في حماية الأسرة
المادة 17: إشراك المؤسسات الرسمية والمنظمات الأهلية في حل مشاكل الأسرة.
البند 1: المؤسسات الرسمية.
الفقرة 1: يتم توفير النفقة بصفة استعجالية واستثنائية في صناديق خاصة.
الفقرة 2: يتم توفير مأوى سكني لحفظ المرأة والأولاد من التشرد .
الفقرة 4: تراعى المصلحة الفضلى للأطفال في متابعة دراستهم وتلبية احتياجاتهم المادية والمعنوية.
الفقرة 5: يتم تفعيل مؤسسات الصلح بين الزوجين من خلال محاكم الأسر.
الفقرة 6: يتم توفير الحماية القانونية والدعم بما يضمن أمن المرأة والأبناء.
البند 2: مؤسسات المجتمع المدني.
الفقرة 1: العمل على إشاعة ثقافة أسرية سليمة تحقق سعادة الأسرة وتضمن لها الاستقرار والاستمرار.
الفقرة 2: العمل على تأهيل المقبلين على الزواج لتحمل مسؤولية الأسرة.
الفقرة 3: تفتح مراكز للاستماع والإرشاد الأسري ومؤسسات للصلح.
الفقرة 4 : يتم تفعيل إجراءات الصلح بين الأزواج باعتبارها خطوات وقائية لحماية الأسرة من التفكك.
الفصل السادس: الميراث
المادة 18: الميراث هو توزيع مال المتوفى على مستحقيه. يتصرف أفراد الأسرة في مال المتوفى وفق أحكام الشريعة الإسلامية ولا يجوز حرمان أي وارث من حق الميراث والتصرف فيه.
المادة 19: يتم التصرف في مال المتوفى بعد تجهيزه وسداد اديونه وإخراج وصيته.
المادة 20: مال من لا وارث له يؤول إلى الدولة.
المادة 21: تعيين المستحقين للميراث وتحديد أنصبتهم يرجع فيه إلى أحكام الشرع الحكيم.
المادة 22: مقتضيات الإرث من الشروط والأسباب والموانع وقواعد الحجب وغيرها يرجع في بيانها إلى أحكام الشريعة.
والله ولي التوفيق.