إذا كنا ذكرنا نوعين من أفعال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) هما : الفعل المعلوم صفته ، والفعل المجهول صفته ، ورجحنا في الأول القول بالمساواة والتأسي ، أي أن ما كان واجباً عليه ، أو مندوباً ، أو مباحاً له فنحن مثله مادام لا يوجد دليل خاص على الخصوصية ، فقد يرد هنا السؤال عن كيفية معرفة صفة هذه الأفعال ونوعية حكمها ؟

 للجواب عن ذلك فقد ذكر الأصوليون الطرق التي يعرف بها صفات فعله من وجوب أو ندب ، أو إباحة ، أما بقية الأحكام التكليفية من حرمة وكراهة ، فلا تقع منه ، أما عدم صدور الفعل المحرم منه فهذا محل إجماع ، وكذلك المكروه عند المحققين ، يقول الزركشي :” المحرم يمتنع صدوره منه إجماعاً ، وكذلك المكروه عندنا ، بل لا يتصور منه وقوعه ، لأنه إنما يفعله لقصد التشريع فهو أفضل في حقه من الترك وإن كان فعله مكروهاً لنا ” [1] أي أنه على فرض وقوع المكروه منه فإنه يفعله لبيان الجواز تنفيذاً لأمر الله تعالى في تبليغ رسالته ، فحينئذ لا يكون بالنسبة له مكروهاً ، وإن كان مكروهاً بالنسبة لنا .

 ثم إن الطرق التي يعرف بها صفة فعله ( صلى الله عليه وسلم ) إما طرق مشتركة بين الأحكام الثلاثة ، أو خاصة بأحدها دون الآخر .

 فالطرق المشتركة لمعرفة الإيجاب والندب ، والإباحة أربعة ، وهي :

  1. أن ينص النبي ( صلى الله عليه وسلم ) على كون فعله واجباً ، أو مندوباً ، أو مباحاً ، بأن يقول : فعلت ذلك الفعل الواجب ، أو أنه واجب عليه وعلى أمته ، أو نحو ذلك ، ولا يخفى أنه حينئذ يخرج عن الفعل المجرد عن القول ، بل يكون فعلا ً مصاحباً بالقول .

  2. أن يسويه بفعل عرفت صفته من وجوب ، أو ندب ، أو إباحة ، فيقول ــ مثلا ًً ــ هذا الفعل مثل الفعل الفلاني ــ الذي عرف حكمه ــ وهذا أيضاً فعل مصاحب للقول ، ولم نعلم صفته بالفعل بل من القول .

  3. أن يقع فعله امتثالا ًً لآية دالة على الوجوب ، أو الندب ، أو الإباحة .

  4. أن يقع فعل بياناً لآية مجملة دلت على أحد هذه الثلاثة [2] .

ولا يخفى أن هذين النوعين أيضاً سبقهما القول ، كما أن النوعين الأولين جاء القول بعد الفعل فيهما ، مما يقوي أن الفعل من حيث هو لا دلالة له على نوعية الأحكام إلا بدليل آخر من قول ، أو نحوه من التكرار ــ كما سيأتي ــ .

 وأما الطرق الخاصة بكل واحد منها فهي كالآتي :


فالطرق الخاصة بالوجوب هي :

  1. أن يقع فعله ( صلى الله عليه وسلم ) على صفة تقرر في الشرع أنها أمارة الوجوب ، كالصلاة بأذان وإقامة .

  2. أن توجد دلالة على أنه كان مخيراً بينه وبين فعل آخر قد ثبت وجوبه ، لأن التخيير لا يقع بين الواجب ، وبين ما ليس بواجب .

  3. أن يقع لعبادة علم وجوبها عليه .

  4. أن يكون جزاء لشرط كفعل ما وجب بالنذر .

  5. أن يكون لو يكن واجباً لم يجز كفعل ركوعين في ركعة واحدة في صلاة الكسوف ، وذلك لأن الزيادة في الصلاة مبطلة في غير الخسوف فمشروعيتها دليل على وجوبها [3] .

  6. أن يداوم على الفعل مع عدم وجود ما يدل على غير الوجوب ، لأنه لو كان غير واجب لأخل بتركه ، مثل دوامه على القيام في خطبتي الجمعة ، والجلوس بينهما عند الجمهور [4] .

  7. أن يفصل بين المتخاصمين ، فيفرض على أحدهما جزاءً ، أو يأخذ من أحدهما مالا ً ، فيعلم أن ذلك واجب ، وإلا لما أخذه أو حكم به [5] .

  8. ذكر ابن حزم أن الفعل يدل على الوجوب :” إذا كان نهياً عن شيء ، أو أمراً بشيء فهو على الوجوب كإزالته ( صلى الله عليه وسلم ) ابن عباس عن يساره ، ورده إلى يمينه ، فهذا وإن كان فعلا ً فهو أمر ابن عباس للوقوف عن يمينه ، ونهى له عن الوقوف عن يساره ” [6] .

ومما ينبغي الإشارة إليه أن هذه الطرق الثماني ليست محل وفاق بين العلماء ، فمنهم من لم يعتد إلا باثنتين مثل الخفاف حيث قال :” فعل النبي ( صلى الله عليه وسلم ) غير واجب علينا إلا في خصلتين : أن يكون فعله بياناً ، أو يقارنه دلالة ” [7] ، ومنهم من ناقش في بعضها ، حيث لم يرتض الزركشي  أيضاً بالطريقة الخامسة ، وذكر : أن هذا المعنى نقلوه عن ابن سريج في إيجاب الختان ، باعتبار أنه لو لم يكن واجباً لما جاز ، لأنه قطع لعضو من إنسان ، قال الزركشي :” وهو منتفض بصور كثيرة منها سجود السهو ، والتلاوة في الصلاة فإنه ممنوع منه ” ومع ذلك فعلهما الرسول [8]  

( صلى الله عليه وسلم ) فعلى ضوء هذه القاعدة يكونان واجبين مع أنهما ليسا بواجب عند الشافعية خلافاً لجماعة من الفقهاء [9] وكذلك رفع اليدين على التوالي في تكبيرات العيدين [10] مع أنه ليس بواجب ، بل حتى التكبيرات ليست واجبة عند الشافعية ومن وافقهم [11] ، وقد سبق قول بن حزم في نفيه الوجوب عن فعل النبي ( صلى الله عليه وسلم ) إلا إذا كان بياناً لأمر ، أو تنفيذاً لحكم ، مما يدفعنا إلى القول بأن هذه الطرق مجرد قرائن ظنية يمكن الاسترشاد بها ، وأن ثبوت الوجوب بالفعل المجرد دون القول محل خلاف كبير بين الفقهاء ، وليس عليه دليل مقنع .


 وأما الطرق الخاصة بمعرفة المندوب من أفعال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فهي :

  1. أن يعلم من قصده ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قصد القربة بذلك الفعل ، ويكون ذلك القصد مجرداً عن أمارة دالة على الوجوب ، فيعلم حينئذ أنه راجح الوجود فيثبت الندب .

  2. أن يُنَصّ على أنه كان مخيراً بين ما فعل وبين فعل مندوب ، فيثبت كونه مندوباً لأن التخيير لا يقع بين ندب وما ليس بندب .

  3. أن يقع قضاء لعبادة كانت مندوبة مثل قضائه ( صلى الله عليه وسلم ) ركعتي الراتبة بعد الظهر حيث قضاهما بعد العصر [12] .

  4. أن يداوم على الفعل ، ثم يخل به من غير نسخ ، فتكون إدامته ( صلى الله عليه وسلم ) دليلا ً على كونه طاعة ، وإخلاله به من غير نسخ دليلا ً على عدم الوجوب [13]

وأما الطرق الخاصة التي تعرف بها الإباحة فهي : 

  1. أن يقع الفعل منه ، ودل الدليل على عدم كونه مندوباً ، أو واجباً ، فحينئذ يعرف أنه مباح ، لما يثبت أن فعله لا يكون حراماً ، أو مكروهاً على الراجح .

  2. أن يفعله بعد فهي منه فيعلم زوال النهي ، أو أن النهي ليس للتحريم ، مثل شربه قائماً عفواً مع نهيه عن شربه قائماً [14] ، فيحتمل ذلك على الإباحة ، فيكون الشرب قائماً مباحاً لكن الأولى هو الشرب جالساً ، قال الحافظ ابن حجر :” اختلف الناس في هذا ، فذهب الجمهور إلى الجواز ، وكرهه قوم ” ، ثم قال :” والذي يظهر لي أن أحاديث شربه قائماً تدل على الجواز ، وأحاديث النهي تحمل على الاستحباب والحث على ما هو أولى وأكمل ” وقال النووي :” الصواب أن النهي فيها ــ أي في الأحاديث الدالة على النهي عن الشرب قائماً ــ محمول على التنزيه ، وشربه قائماً لبيان الجواز وأما من زعم نسخاً ، أو غيره فقد غلط ، فإن النسخ لا يصار إليه مع إمكان الجمع لو ثبت التأريخ ، وفعله( صلى الله عليه وسلم ) لبيان الجواز لا يكون في حقه مكروهاً أصلا ً ، فإنه كان يفعل الشيء للبيان مرة ، أو مرات ، ويواظب على الأفضل ” [15] .

  3. أن يأمر بشيء ثم يفعل فعلا ً مخالفاً لما أمره ، فيحمل فعـله على الجواز والإباحة [16] ، فقد روى البخاري ومسلم بسندهما عن عائشة قالت : اشتكى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فدخل عليه ناس من أصحابه يعودونه ، فصلى رســـول الله ( صلى الله عليه وسلم ) جالساً ، فصلوا بصلاته قياماً ، فأشار إليهم : أن اجلسوا ، فجلسوا ، فلما انصرف قال :” إنما جعل الإمام ليؤتم به ، فإذا ركع فاركعوا ، وإذا رفع فارفعوا ، وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً ” ورويا مثله عن أنس وبين سبب شكواه وهو سقوطه عن فرس ، وخدوش شقه الأيمن [17] ، ثم رويا بسندهما عن عائشة ( رضي الله عنها ) أن رسول الله( صلى الله عليه وسلم ) لما ثقل مرضه عليه ، وانتظره الناس للصلاة ولم يستطع من شدة مرضه أن يخرج لهم أمر أبا بكر ( رضي الله عنه ) أن يصلي بالناس ، فصلى أبو بكر تلك الأيام ، ثم إن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وجد من نفسه خفة ، فخرج بين رجلين لصلاة الظهر ، وأبو بكر يصلي بالناس ، فلما رآه أبو بكر ذهب ليتأخر ، فأجلساه إلى جنب أبي بكر ، قال : فجعل أبو بكر يصلي وهو يأتم بصلاة النبي ( صلى الله عليه وسلم ) والناس بصلاة أبي بكر ، والنبي قاعد ” وفي رواية لمسلم :” وأبو بكر يصلي وهو قائم … ” ولذلك جزم البخاري فقال :” وصلى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) في مرضه الذي توفي فيه بالناس وهو جالس ” [18] .

     وقد اضطربت الأقوال في الجمع بين هذين الحديثين ، فحمل الكثيرون الحديث الأخير على نسخ الأمر بصلاة المأموم قاعداً إذا صلى الإمام قاعداً ، لكونه أقرّ الصحابة على القيام خلفه وهو قاعد ، هكذا قرره الشافعي وغيره [19] ، بل ترجم مسلم الباب له وقال : باب استخلاف الإمام ، ونسخ القعود خلف القاعد في حق من قدر على القيام [20]  وأنكر البعض النسخ ، وجمع بينهما ، حيث نزّلهما على حالتين ، فنزل الحديث الأول على ما إذا ابتدأ الإمام الراتب الصلاة قاعداً لمرض يرجى برؤه فحينئذ يصلون خلفه قعوداً ، وأما الحديث الثاني فحمله على ما إذا ابتدأ الإمام قائماً فحينئذ يلزم المأمومين أن يصلوا خلفه قياماً ماداموا قادرين ، وقد أخذ بهذا الجمع ابن خزيمة ، وابن المنذر ، وابن حبان .

    والذي يظهر رجحانه أن فعل النبي ( صلى الله عليه وسلم ) الأخير يدل على الجواز  والإباحة فعلى هذا يكون أمره بالجلوس حينما يكون الإمام جالساً للندب ، وبذلك يجمع بين الحديثين دون اللجوء إلى النسخ الذي لا يلجأ إليه إلا عند التعارض الذي يتعذر معه الجمع ، قال الحافظ ابن حجر :” إن بعضهم جمع بين القصتين بأن الأمر بالجلوس كان للندب ، وتقريره قيامهم خلفه كان لبيان الجواز ، فعلى هذا من أمّ قاعداً لعذر تخير من صلى خلفه بين القعود والقيام ، والقعود أولى لثبوت الأمر بالإئتمام والاتباع ، وكثرة الأحاديث الواردة في ذلك ” ثم قال معلقاً على القول بالنسخ ” لكن إذا نسخ الوجوب يبقى الجواز ، والجواز لا ينافي الاستحباب فيحمل أمره الأخير ــ أي الوارد في أحاديث أخرى ذكرها ــ بأن يصلوا قعوداً على الاستحباب ، لأن الوجوب قد رفع بتقريره لهم وترك أمرهم بالإعادة ” [21]

  4. أن يفعل النبي ( صلى الله عليه وسلم ) شيئاً على شكل معين مرة واحدة ، أو مرات قليلة ، لكنه يواظب عليه بشكل آخر ، فيكون الذي عمله مرة أو مرات يكون مباحاً ، والآخر يكون الأفضل ، وذلك مثل وضوئه وغسل أعضائه فيه مرة واحدة ، أو مرتين ، وقد وقع منه الوضوء بهذا الشكل مرة ، أو مرات قليلة ، ولكنه واظب على الوضوء وغسل أعضائه فيه ثلاث مرات [22] .

اعلى الصفحة

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  1.  البحر المحيط ( ج 2 ورقة 121 ) .([1])

  2.  البحر المحيط ( ج 2 ورقة 221 ) والمحصول للرازي ( ق 3 ج 1/ 383 ) .([2])

  3. ([3]) المصدرين السابقين ، وثبت في الصحيحين والسنن الأربع صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم في كل ركعة ركوعان ، وروى أحمد ومسلم أيضــــاً أنه صلى في كل ركعة ثلاث ركوعات . أنظر : صحيح البخـــاري ــ مع الفتح ــ الكسوف ( 2/538 ) ومسلم / الكسوف ( 2/621 ) وأحمــــد ( 3/318 ) وسنن أبي داود ــ مع العــــــون ــ ( 4/43 ) وراجع للحكــم المغني لابن قدامة ( 2/422 ) والوسيط ( 2/796 ) . 

  4.  الإحكام لابن حزم ( 1/556 ) وتلخيص الحبير ( 2/58 ) . ([4])

  5.  البحر المحيط ( ج 2 ورقة 121 ــ 122 ) والإحكام لابن حزم ( 1/555 ) .([5])

  6.  الإحكام ( 1/555 ) .([6])

  7.  البحر المحيط ( 2/122 ) .([7])

  8. ([8]) يراجع في سجود السهو : صحيح البخاري ــ مع الفتح ــ كتاب الصلاة ( 3/92 ــ 108 ) ومسلم ، المساجد ( 1/398 ــ 404 ) وسجدة التلاوة في الصلاة في صحيح البخاري ــ مع الفتح ــ ( 2/559 ) ومسلم ( 1/406 ) .

  9.  انظر : الوسيط ( 2/663 ) وفتح القدير ( 1/58 ) وبدائع الصنائع ( 1/460 ) .([9])

  10.  انظر : تلخيص الحبير ( 2/84 ) .([10])

  11.  البحر المحيط ( ج 2 ورقة 122 ) والوسيط ( 2/784 ) وفتح العزيز ( 5/13 ) .([11])

  12.  رواه البخاري في صحيحه ــ مع الفتح ــ كتاب السهو ( 3/105 ) .([12])

  13.  المحصول ( ق 3 ج 1/382 ) والبحر المحيط ( ج 2 ورقة 122 ) والمنهاج مع شرحيه للبوخشي والإسنوي ( 2/202 ) .  ([13])

  14. ([14]) فقد روى مسلم في صحيحه ، كتاب الأشربة ، باب كراهية الشرب قائماً ( 3/1600 ) عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن يشرب الرجل قائماً ، قال قتادة : فقلنا : فالأكل ؟ قال :” ذاك أشرّ ، أو أخبث ” ثم روى بسنده عن ابن عباس قال :” سقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم من زمزم ، فشرب وهو قائم ” وحمله مسلم على زمزم خاصة ، ولذلك ترجم له باب في الشرب من زمزم قائماً ، في حين روى البخاري وغيره بسندهم عن النزّال قال :” أتى علي ( رضي الله عنه ) على باب الرحبة بماء فشرب قائماً فقال :” إن ناساً يكره أحدهم أن يشرب وهو قائم ، وإني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فعل كما رأيتموني فعلت ” وفي رواية أخرى للبخاري ” أن علياً قعد في رحبة الكوفة … ثم أتى بماء فشرب ، وغسل وجهه ويديه … ثم قام فشرب فضله وهو قائم … الحديث ” صحيح البخاري ــ مع الفتح ــ الأشربة ، باب الشرب قائماً ( 10/81 ) .

  15.  فتح الباري ( 10 /82 ) . ([15])

  16.  البحر المحيط ( 2/122 ) .([16])

  17.  صحيح البخاري ـ مع الفتح ـ كتاب الأذان ( 2/172 ـ 173 ) ومسلم ، الصلاة ( 1/308 ـ 309 ) .([17])

  18. صحيح البخاري ـ مع الفتح ـ كتاب الأذان ( 2/172 ـ 173 ) ومسلم ، الصلاة ( 1/311) . ([18])

  19.  فتح الباري ( 2/174 ) .([19])

  20.  المصدر السابق ( 2/174 ــ 177 ) ويراجع : تلخيص الحبير ( 2/33 ) .([20])

  21.  المصدر السابق ( 2/174 ــ 177 ) ويراجع : تلخيص الحبير ( 2/33 )  .([21])

  22.  سبق تخريج الحديث . ويراجع : البحر المحيط ، مخطوطة تيمور ج 2 ورقة 122 . ([22])

اعلى الصفحة