عن دور العلماء المتمثل في الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين في نصرة الثورات الشعبية، قال د.علي محيي الدين القرة داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين: إن دور العلماء في نصرة المظلومين، وفي نصرة الثورات الشعبية، هو جزء من الدور التوريثي، الذي أخذوه من الرسول [؛ حيث يقول [: «العلماء ورثة الأنبياء»، والعلماء ورثة الأنبياء ليس في العلم فقط، فالعلم سبب، ولكن نتيجة هذا التوريث، أن يكونوا مثل الرسول [ في الصدع بالحق، وفي الوقوف مع المظلومين، وفي ردع الظالمين، ونحن جزء من هذا الدور الذي يجب أن يقوم به العلماء؛ حيث ظل العلماء يقومون بهذا الدور على مختلف العصور، بدءاً من العلماء في عصر الحجاج، ولننظر كيف وقف التابعي الجليل سعيد بن جبير ضد ظلم الحجاج وجبروته.. وغيره الكثير من العلماء، وكذلك وقوف الإمام أبي حنيفة – يرحمه الله – ضد الظلم والظالمين.
والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، يمثل هذا الدور الحقيقي – وسيظل- بإذن الله تعالى على مستوى الأمة. فاتحاد علماء المسلمين، ينضوي تحت لوائه أكثر من 45 ألف عالم من علماء الأمة، من شتى أنحاء العالم الإسلامي، ويرأسه فضيلة «الشيخ يوسف القرضاوي». وهذا الاتحاد – بفضل الله تعالى- يسير على هذا الخط، وقد حمل هذا الشعار، وأسأل الله تعالى أن يوفقه على مواصلة لحمله وفقاً لقول الله سبحانه وتعالى: {پَّذٌينّ يٍبّلٌَغٍونّ رٌسّالاتٌ پلَّهٌ $ّيّخًشّوًنّهٍ $ّلا يّخًشّوًنّ أّحّدْا إلاَّ پلَّهّ $ّكّفّى بٌاللَّهٌ حّسٌيبْا >39<}(الأحزاب). فهذا هو شعار الاتحاد، وهذا هو الواجب المنوط بالاتحاد. ولذلك فقد وقفنا منذ اليوم الأول مع الثورة الشعبية التونسية، وأصدرنا بياناً في اليوم الثاني للثورة، فنحن أيدنا الثورة منذ لحظة قيامها، إلى أن كتب الله لها النجاح في النهاية، وهكذا فعلنا مع الثورة المصرية والثورة الليبية واليمنية والسورية. وكان ذلك من خلال البيانات التي قام بإصدارها فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي، أو من خلال مكتب الأمانة العامة للاتحاد. وعن العلماء الساكتين، أو الذين يمالئون السلطة، قال إن سكوتهم عن قولة الحق ربما يكون ذلك نتيجة الظلم والقهر والجبروت، ونحن نلتمس لهم بعض العذر، وإن كانوا ليسوا على المستوى المرجو والمطلوب، وربما ينطبق عليهم قول الرسول [: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيراً أو ليصمت» فهم آثروا الصمت والسلامة. أما عتابنا الشديد لهؤلاء الذين صدحوا وتحدثوا بالباطل، ووقفوا مع الظلم والطغيان، وهذا الأمر لا يجوز لعامة الناس أن يفعلوه، أما أن يقع فيه العلماء؛ فهذا الأمر جد خطير، ولا يليق أن يقدم على فعله العلماء وهم القدوة الحسنة، بل إنني أستطيع القول، استناداً على ما قاله كثير من علماء السلف الصالح، بأن العلماء لا يجوز لهم أن يأخذوا بالرخص في مثل هذه المواقف، ولكن ينبغي عليهم الأخذ بالعزيمة، استناداً إلى ما قاله الإمام أحمد. وقال إن العلماء الثقات يرون أن الأمة أو الشعب هم أهل الحل والعقد، ومع الأسف الشديد يتم العمل بالجزء الأول هو «العقد» فقد عقدنا لولاة الأمور، ولكن لم نستعمل أبداً «الحل»، وهو حق الفسخ للعقد، فالشعب له الحق في العقد وله الحق في الفسخ، فإذا ثار الشعب بأغلبيته، فله كل الحق وإن كان ذلك بدون سبب. وبالتالي تبقى مشروعية الحاكم، في أيدي الشعب، والشعب له الحق في تثبيته أو عزله، إذا ثار أغلب الشعب. لأن العقد بين الحاكم والمحكومين في الإسلام ليس زواجاً كاثوليكياً يستعصي على الفسخ، بل هو عقد أو بيعة شرعية بين الأمة وبين الحاكم، وهذه البيعة، أو هذا العقد إن لم تتوافر الشروط التي تم التعاقد عليها، انفسخ العقد، مثله مثل أي عقد من العقود، وقد قمت بتأصيل ذلك في بحث فقهي متكامل.
عن مجلة المجتمع