الدوحة – الشرق

أكد فضيلة الشيخ د. علي محيي الدين القره داغي، الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أن الذين يتسببون في التفرق والفُرقة والنزاع هم أيضاً يتضررون في الدنيا والآخرة ولهم الخزي في الآخرة.

وقال في خطبة الجمعة إن الله لن يوفق المفتن في داخل الأمة، وإذا لم تقم الشعوب بإيقاف هؤلاء المفتنين تصيبهم الفتنة.

ودعا في خطبة الجمعة أمس بجامع السيدة عائشة رضي الله عنها بفريق كليب، للنظر إلى هذه الفتنة التي حدثت بدون أي سبب داخل هذه الأمة الهادئة الهادفة المتحدة المجتمعة المتآخية المتقاربة.

 

اختلاف الكون .. نوع من الثراء

وذكر الخطيب أن الاختلاف العظيم في الكون كله بسمائه وأرضه وأشجاره ونباتاته، كل ذلك جمالٌ وتسخير من الله سبحانه وتعالى لنا حتى نستفيد من هذا الثراء العظيم في اختلاف الألوان والأشكال والصور، وأراد الله سبحانه وتعالى أن يعطينا صورة وأنموذجاً لهذا الإنسان المخلوق من هذه الأرض المتنوعة.

وأضاف "لا يجوز أبداً لمن ينتمي إلى هذه الأمة أن يفترق افتراقاً شديداً، بحيث لا يمكن الجمع بينها، ويصل الأمر فيها إلى التقاتل والخلافات والمشاحنات.

الفتنة ..كفر

وقال إن العبودية الخالصة لله تعالى والتقوى هما المعياران والميزانان والضمانان لبقاء هذه الأمة، ولذلك حينما تفترق الأمة هذا الافتراق الشديد حينئذ يسمي الله سبحانه وتعالى هذه التفرقة كفراً – وإن لم تكن كفراً بمعنى الخروج من الإيمان –، ولكنه كفر دون كفر، كما قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تُطِيعُوا فَرِيقًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ).

وحذر فضيلته من الفتنة والتفرقة وسماها الله سبحانه وتعالى بالكفر، وقد أكد ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، حينما تحدث بأن الشيطان قد يأس أن يُعبد بعد اليوم، ولكنه رضي بالتحريش –أي التفريق بينكم – وزرع الخلافات بينكم.

 

الإصلاح السياسي ضروري

وأكد على حقيقة هامة هي أن إصلاح النظام السياسي شرط أساسي لتقدم الأمة، وبدون إصلاحه ستظل الأمة هكذا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

واضاف "لذلك أمتنا يُرثى لها. هل السبب في الإسلام؟ لا، أبداً فالإسلام معروف موقفه من الوحدة وموقفه من الفُرقة وموقفه من الفشل، وإذا نظرنا، فإننا نجد أن المشكلة في السياسيين وفي العلماء -علماء السلطان-الذين يطبِّلون ويزمِّرون لكل ناعق ولا يقولون مهما كانت التضحيات ولا يقولون الحق أمام هؤلاء الطغاة.

 

الوحدة فريضة شرعية

وقال فضيلة الداعية د القره داغي، إن من أهم أسباب الفُرقة الجهل بسنن الله سبحانه وتعالى، والوعي والعقل الجمعي، وقال في هذه الأثناء إن أوروبا قامت بإدخال برامج خاصة إلى الروضة والمدارس تحث على أهمية الوحدة والعقل الجمعي والمصالح العامة، فقام جيل واعٍ بهذه الأمور فوصلوا إلى ما وصلوا إليه الآن من برلمان واحد وعملة واحدة ولا حدود بينهم.

وأضاف "حينما وقعت بعض الدول الأوروبية في الأزمة الاقتصادية، قامت بمساعدة بعضها البعض وحملتها، ولم تجعلها تسقط بسبب هذه الأزمة. ولذلك فالوحدة فريضة شرعية وضرورة عقلية. لذلك واجب علينا أن نتحد، سواء على مستوى الأمة أو حتى على مستوى الشعب والدولة الواحدة، أما الاختلاف والمشاكل فهي سبب ضياع الجميع".