أعرب فضيلة الشيخ د. علي محي الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين عن أمله في أن تلبي قمة الدوحة تطلعات الأمة العربية، وأن يتفق القادة والزعماء العرب على مجموعة من القرارات الإيجابية سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، مؤكدًا أن هذه الأمة قادرة على عبور العقبات التي توضع في طريقها لأنها تمتلك كل الإمكانات في كل المجالات، ماليًا وماديًا وبشريًا، فضلاً عن مئات الآلاف من عقولنا المبدعة التي تعمل في أوروبا وفي أمريكا.

 

وقال في خطبة الجمعة أمس بجامع السيدة عائشة رضي الله عنها بفريق كليب: أملنا أن تكون هذه القمة قمة للمراجعة على مستوى الأمة وعلى مستوى الدول، مشيرًا إلى أن الأمة العربية مازالت بحاجة إلى امتلاك جيش قوي يحقق حماية الأمة العربية والإسلامية، وأيضًا محكمة تحاكم مجرمي الحرب على غرار ما فعلت أوروبا، متمنيًا أن تولي القمة عناية كبرى بحل مشكلة سوريا التي ازدادت بشكل لا يمكن أن يقبل، بحيث أصبح كل يوم أسوأ مما قبله في التقتيل والدمار، كما تمنى أن تكون مشكلة العراق وفلسطين على طاولة القمة.

 

وكان فضيلته قد بدأ خطبته قائلاً: إذا نظرنا إلى تاريخ أمتنا الإسلامية، وخاصة إلى الأمة العربية، لوجدنا أنها مرّت بثلاث مراحل أساسية، لابد أن نستذكرها ونحضرها في أنفسنا، حتى نقارن ما بينها، لنصل إلى الإجابة عن هذا السؤال الذي يردد كثيرًا على ألسنة الصغار والكبار، أين الخلل في هذه الأمة حتى تصل إلى ما وصلت إليه ؟ مشيرًا إلى أن المرحلة الأولى هي ما قبل الإسلام، والتي تسمى بمرحلة الجاهلية، التي كانوا يعيشون فيها في جاهلية ظلماء، وكانوا في تفرّق خطير حتى في بعض الأحيان يصل إلى داخل الأسرة، كما كانت هناك أخطاء كبرى تتعلق بجانب العبودية فكانت هناك عبادة الأوثان، ووصلت هذه الحالة إلى مرحلة كان الجاهلي يصنع إلهه الباطل من التمر في الصيف، ويسجد له، ثم حينما يجوع يأكل هذا الصنم المصنوع من التمر، لافتًا إلى أن الجاهلية كانت أشد أيضًا في الجانب الاجتماعي، من وأد البنات في الغالب، واعتبار المرأة متاعًا.

 

وفي الجانب السياسي حيث كانت هناك إمبراطوريتان، وكانتا تحيطان بالعالم العربي من كل جانب، وكانت بعض القبائل تعطي الولاء للإمبراطورية الساسانية، وبعضها يعطي الولاء للإمبراطورية الرومانية.

 

وأضاف: جاء هذا الإسلام العظيم فأخرجهم من كل هذه الظلمات السياسية والدينية والاجتماعية والعقدية إلى نور الله سبحانه وتعالى، إلى الصراط المستقيم، وإلى القوة والعزة والكرامة وإلى الوحدة، وإلى أن يكونوا خلافة راشدة، فتحولوا إلى قادة، وإلى أساتذة للعالم، يُعلّمون الناس مفاهيم ودروسًا في السياسة والأخلاق والعزة والكرامة.

 

وأكد فضيلته على أن هذه الأمة ظلت فترة طويلة من الزمن خلال المرحلة الثانية، مرحلة الإسلام والحضارة الإسلامية، التي لا يستطيع منصف حتى من غير المسلمين إلا أن يعترف بهذه الحضارة القيّمة، ودورها في الريادة والقيادة على مستوى العلوم والفنون والحضارة والصناعة، والتي انتهت بالدخول في المرحلة الثالثة وهي مرحلة الضعف والجمود والتقليد، حيث طمع فينا الأعداء، فمزقونا شر ممزق، حتى الدول الصغيرة مثل هولندا طمعت فينا واحتلت بعض أراضينا، وكذلك فعلت بريطانيا وفرنسا وأسبانيا وغيرهم، حتى أصبح العالم العربي والعالم الإسلامي موزعًا بين هذه الدول، ومحتلاً بين هذه الدول، ونحن المسلمون عربًا وتركًا ساهمنا في تمكين هؤلاء الأعداء، فلم يكن باستطاعة هؤلاء احتلالنا لو لم يجدوا عونًا مما يسمى بالثورة العربية الكبرى أو “الطورانية” التي كانت تنخر في داخل الخلافة العثمانية، وفي الخارج الإنجليز، حتى مُزقت هذه الخلافة أو هذه السلطة وتمزقت الدول العربية إلى 22 دولة تحت الاحتلال.

 

ورأى فضيلته أنه قد جاءت بعد ذلك مرحلة التحرر، التي جنى ثمارها العلمانيون على الرغم من أن المجاهدين هم الذين جاهدوا، أي “الإسلاميون”، ومضت الأيام وجاءت فترة الانقلابات وازدادت الشعوب العربية والإسلامية بؤسًا وذلاً وفقرًا وبطالة ومرضًا في ظل ما يسمى بالمتحرّريين والانقلابيين العسكريين، ثم جاءت الثورة العربية لإنقاذ الأمة مرة أخرى من هذه المشاكل التي مازالت موجودة.

 

ولفت فضيلته إلى أن مؤتمر الجامعة العربية يأتي بعد مرور 68 عامًا، مشيرًا إلى أن الجامعة أنشئت لأجل جمع العرب، حتى تتحد كلمتهم وتكون نواة أيضًا للوحدة الإسلامية الأساسية التي قال الله سبحانه عنها في كتابه: ( إن هذه أمتكم أمة واحدة).