الدوحة –  الراية : أكد فضيلة الشيخ الدكتور علي القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أن الإنسان محور جميع الخطابات القرآنية ومحط عناية الإسلام وموضع تكريم الله تعالى. مشيراً إلى أنه إذا تدبّرنا الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة والوثائق النبوية لوجدنا أن التكريم الذي منحه الله تعالى للإنسان لا نجد مثله في أي دين أو نظام آخر، وأن هذا التكريم يشمل جميع الحقوق المشروعة للإنسان التي تتحدّث عنها المواثيق الدولية والإعلانات العالمية عن حقوق الإنسان.

وقدّم فضيلته بحثاً بعنوان كرامة الإنسان وحقوقه في ضوء القرآن الكريم ووثائق النبوة ضمن أعمال مؤتمر الدوحة الثالث عشر لحوار الأديان، حيث ألقى فضيلته الضوء على تكريم الإسلام للإنسان بإيجاز مع مقارنته مع ما ورد في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان في هذا المجال، من خلال دراسة تأصيلية تعتمد على القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة والوثائق النبوية مثل وثيقة المدينة أو دستور المدينة، آخذاً في الاعتبار مقاصد الشريعة وعلاقتها بحقوق الإنسان

وقال القره داغي: إن كرامة الإنسان في الإسلام المقصود بها تكريم الله تعالى للإنسان خَلقاً وشكلاً، حيث خلقه الله تعالى على أحسن تقويم، وقدرة وإرادة واختيار وحرية، حيث منحه الله تعالى العقل، والإرادة والاختيار في حدود ما رسم له، حيث تجمع ذلك في قوله تعالى: (ولقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً)، ونلاحظ أن الله تعالى منح هذا التكريم لكل إنسان مهما كان دينه، حيث قال (لَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ)، ولم يقل ولقد كرّمنا المؤمنين فقط.

 

وأضاف: التعريف الجامع في نظرنا للحق هو: (اختصاص أقرّه الشرع نصاً أو استنباطاً)، ويلاحظ أن هذا التعريف لم يبين للحق صاحبه، وهذا مقصود حتى يشمل كل من ثبت له الحق وهو الله تعالى، وهو الحق وصاحب الحق ومالكه، وواهبه، ثم الإنسان، والحيوان، حتى البيئة والجماد، ولكن هذه الحقوق تعرف بالمضاف إليه، فيقال حق الله تعالى، أو حق الإنسان، أو حق الحيوان، أو حق البيئة.. الفرق بين مصطلحي «حقوق الإنسان» و»كرامة الإنسان» يظهر لنا من خلال الدراسة أن القرآن الكريم استعمل لفظ (التكريم) لهذه الحقوق بدل ما اصطلح عليه اليوم بـ (حقوق الإنسان)، حيث يقول سبحانه: (ولقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً)، وفي أول سورة نزلت يقول سبحانه (… اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ)، أي الأكرم للإنسان حيث يستشعر المتذوق لأسلوب القرآن الكريم أن مصطلح (كرامة الإنسان) أو إكرامه يشعر بأمرين أساسيين: أن هذه الحقوق جاءت منحة من الله تعالى وكرماً منه وفضلاً، الأمر الثاني: أن هذا الإنسان الذي أكرمه الله تعالى عظيم – من حيث هو – حيث خلقه الله تعالى بيده، ونفخ فيه من روحه ، وأسجد له ملائكته، وسخّر له الكون كله بأرضه وسمائه وما بينهما.