حذّر فضيلة د. علي محيي الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين من أن عواقب الاستعجال الندم إلا إذا كان في أمور الآخرة، فهذه ما يجب على المرء الإسراع فيها.

وقال إن كل مشاكل الأمة اليوم على كافة المستويات والأصعدة، على مستوى الفرد والأسرة والجماعة والمجتمع تعود إلى العجلة داعياً إلى التأني والتؤدة، وعدم التعجل والتسرع في اتخاذ القرارات المتعلقة بالتصرفات الدنيوية.

وقال فضيلته في خطبة الجمعة أمس بجامع السيدة عائشة رضي الله عنها بفريق كليب إن عظمة هذه الشريعة، وعظمة هذا القرآن، وعظمة الرسول صلى الله عليه وسلم تتجلى في التربية التي تحقق الأمن والاستقرار، وتجلب السعادة لكل فرد يدين بالإسلام ديناً، بل لكل البشرية؛ لأنها مبنية على التأني والتخطيط والأهداف والاستراتيجيات، وأي قرار يتخذ لا بد أن يمر في مراحل التفكير والتدبر والنظر في المآلات، حتى ينضج القرار، ويسعد به الفرد والمجتمع والأمة.

الأمة الشاهدة

وقال إن الله أراد لهذه الأمة أن تتربى على مجموعة من القيم والعقائد والمبادئ والأسس العظيمة، حتى تكون قادرة على خلافة الأرض، ومؤهلة للتمكين في الأرض ولتكون هي الأمة الوحيدة التي تشهد على الأمم السابقة جميعها.

ولفت إلى أن الأمة الإسلامية هي الأمة الوحيدة التي تلتزم بقيمة العدل بين الناس كلهم.

وأَضاف “أثبتت التجارب أن الأمم التي تدع الحضارة والتقدم لم تستطع أن تعدل بين أمم الأرض حين أصابها ما يعكر جو سعادتها، ويكدر رفاهيتها، كما هو المشاهد في العالم الغربي، فكل قيم الديمقراطية والعدل والشفافية – وغيرها من القيم التي تنادي أوروبا بها- ضربت جميعها بعرض الحائض من أجل الإرهاب ومحاربته، وتابع: إن عدد الذين آذوا أوروبا لا يتجاوز المائة الواحدة أو الألف الواحد، رغم ذلك عممت الأمم الأوروبية حكمها على الجميع، حين وصفت الأمة التي تعدادها مليار وسبعمائة مليون نسمة بأنها أمة إرهابية، وعلى حساب ذلك نجحت أحزاب يمينية متطرفة.

طبيعة الإنسان

وزاد بالقول: كل ذلك يدل على أن البشرية بحاجة إلى أمة ربانية، لا تأخذ تشريعها من الأرض، ولا من الإنسان؛ لأن طبيعة الإنسان النقص، خاصة إذا كانت هذه الطبيعة بعيدة عن جوهر العقل، ونور الوحي والشريعة. ولقد تضافرت النصوص على ربط التشريع بالوحي؛ لأن الذي خلق النفس يعلم تماماً ما يصلح لها وما يصلحها، وهو الذي رسم لها من خلال الوحي والتشريع طريق الحضارة والتقدم..

وأشار إلى أن تربية الرسول صلى الله عليه وسلم لأمته خلال ثلاث وعشرين سنة هدفت إلى كل ما يحقق الخير لها وللناس جميعاً من خلال مجموعة عظيمة من القيم التربوية، والأخلاق العظيمة النبيلة الربانية التي تحفظ السلوك وترقى بالإنسان، ولا تنزل إلى مستوى الأرض، ولا تنزل إلى مستوى الشهوات النفسية والرغائب، بل هي بعيدة كل البعد عن الهوى، باقية في دائرة الأنوار العلوية.

بناء الفرد والجماعة

وتحدث د. القرة داغي عن قضية التأني والتؤدة، وعدم التعجل والتسرع في اتخاذ القرارات المتعلقة بالتصرفات الدنيوية. . مشيراً إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد فصّل أهمية هذا التأني، وبين مجالات التأني في تربية عقلية الإنسان المسلم منذ نعومة أظفاره إلى أن يلقى الله تعالى، وفي تربية الأمة المسلمة في حال قوتها وحال ضعفها، قال صلى الله عليه وسلم: “التؤدة في كل شيء إلا في عمل الآخرة”، فكل ما يحدث من أمور الدنيا لا بد من التأني فيه، ولا بد من دراسته وتدبره والتفكر في منهجه وآثاره على الفرد والمجتمع والأمة.