دعا فضيلة الداعية الدكتور علي محيي الدين القره داغي -الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين- إلى تربية الأجيال الجديدة على ثقافة الحوار حتى تكون سلوكاً حياتياً. وأضاف أن ثقافة الحوار مهمة يجب أن نغرسها في قلوب أولادنا من الصغر، وأن ندربهم عليها، لأنها تبني الرجل وتنمي العقل.

وقال فضيلته -في خطبة الجمعة أمس بجامع السيدة عائشة رضي الله عنها بفريج كليب- "إن الأمة لم تشهد مثل هذا الصراع الخطير الذي يهدد وجودها، في أي وقت من الأوقات. وأضاف: ما يحدث الآن في منطقتنا لا معنى له ولا فائدة منه إلا خدمة الأعداء، لافتاً إلى أن تفرق الأمة خطير، وتجاوز المألوف والمعهود في جميع الأمم، موضحاً أن هذا التفرق يعود إلى سببين أساسيين، الأول: خارجي يتمثل في أعداء الإسلام من جميع الفرق والأديان والنحل، وهؤلاء لا يريدون لهذا الدين أن يسود العالم، لأي سبب من الأسباب، فضلاً عن الأطماع في ثرواتنا الهائلة ولا نستفيد منها.

وفيما يتعلق بالسبب الثاني لتفرق الأمة، أوضح القره داغي أنه داخل هذه الأمة بقادتها وعلمائها وشعوبها وحركاتها وجماعاتها ومفكريها وكل مكوناتها، وهذا ما قاله القرآن الكريم، حينما حدثت غزوة أُحد، التي استشهد فيها 70 صحابياً من كبار الصحابة، قال الله تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَٰذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ}.

وأكد فضيلته ضرورة أن يفكر المسلمون في هذه القضية قبل أن يفكروا في أمور أخرى، لافتاً إلى أن أعداءنا دخلوا علينا من باب تفرقنا، ويضربون بعضنا ببعض، لأننا أمة مستضعفة، ومشغولون بأنفسنا.

لا استجابة لدعوات الحوار

أعرب القره داغي عن أسفه على عدم وجود استجابة لدعوات الحوار في جل قضايانا، وأكد أن مشكلة ثقافتنا الحالية أنها ليست إسلامية، وأننا لا نقبل بثقافة الحوار، لذلك رضينا بالذل والخضوع لكل شيء، ما دامت ليست لدينا أسس ومبادئ. وأضاف: علينا مراجعة تربيتنا وثقافتنا ومعرفتنا وحرصنا على إيجاد الآليات التي تؤدي بنا إلى القوة والنهوض. وأوضح أن الغرب لا يتوقف عن مؤامراته، وما يحيكه ويخطط له لبقاء أمتنا في الجهل، ولن يتوقف أبداً طالما عندنا -كما قال مالك بن نبي- قابلية للاستعمار، وقابلية التفرق، وقابلية التمزق فقط في سبيل (ظاهرياً) أن تنتصر كلمتي على كلمة غيري، وأن تكون لي قوة عليه، «أسد عليّ وفي الحروب نعامة».

 

الغوطة تُباد.. من أجل بقاء «بشار»

قال القره داغي: إن الجميع يشاهد ما يحدث في سوريا، وفي الغوطة الشرقية تحديدا؛ التي ذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم في أحاديث ثابتة بأنه سيكون فيها تاريخ إسلامي عظيم، لافتاً إلى أن جميع من فيها مهددون بالموت ويُقتلون اليوم، بسبب عدم وصول الماء والغذاء والدواء إليهم، وبسبب القصف الشديد بأقوى وأعتى أنواع الأسلحة، ولا أحد يتكلم في سبيل بقاء الرئيس على كرسيه.

وشدد القرده داغي على أهمية نهوض الأمة بقوله: لا بد لأمتنا أن تنهض وتقوم بإزالة أسباب الطمع والجشع والحقد، وأن تقوم بإصلاح النفوس، وأن تتم تهيئة الأجيال اللاحقة على صفاء القلوب، وعلى فقه المآلات، وعلى النظر إلى الأبعاد الاستراتيجية، وعلى صناعة قيادة قادرة على قراءة المستقبل من خلال فقه المآلات، وعلى قيادة تنظر إلى مصلحة الأمة قبل أن تنظر إلى مصلحة نفسها.;