بحضور كوكبة من العلماء والدعاة احتضن مركز قطر الثقافي الإسلامي مساء السبت الماضي احتفالية نظمتها رابطة تلاميذ القرضاوي لتكريم العلامة  الدكتور عبدالعظم الديب رحمه الله، تصدرها العلامة الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين..

وتحدَّث في الاحتفالية فضيلة الشيخ القرضاوي ز فضيلة الشيخ علي القره داغي و  خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس، الذي حضر جانباً من الحفل، ود. خليفة بن جاسم الكواري مستشار وزير الأوقاف مدير إدارة الشؤون الإسلامية سابقا، وإسماعيل الكيلاني رئيس توجيه العلوم الشرعية السابق بوزارة التربية والتعليم، والداعية الشاعر عبدالسلام البسيوني، ود.أكرم كساب أمين رابطة تلاميذ القرضاوي.
 
وحضر الاحتفالية جمع من العلماء والدعاة من زملاء وتلاميذ ومحبي فقيد العلم والتراث د. عبدالعظيم الديب، في ذكرى مرور عامين على وفاته.
 
الشيخ الأستاذ

وفي كلمته بالمناسبة عبَّر الشيخ القرضاوي عن حزنه لفقدان د. الديب بقوله: كان شيخاً وأستاذاً ومعلِّماً ومربياً، ولم يكن مجرد عالم محقِّق للتراث. وشهد بأنه كان شخصية مكتملة، ترفَّع عما يجري وراءه الآخرون، ورفض أن يبيع علمه، وأن يفرِّط في كرامته من أجل الحصول على كسب مادي أو أدبي.
 
وأشار إلى أن الديب كان صاحب منهج متفرِّد في تحقيق كتب التراث، وتميَّز بتحقيق أمهات كتب التراث النادرة، وكان أسلوبه في التحقيق يخلو من الحشو والإطالة، ويهتم بفهم النص وتوضيح دلالاته.

ولفت إلى أن الديب كان يملك أدوات التأليف في الفقه والتاريخ، لكنه انشغل بالتحقيق أكثر من التأليف. كما لفت إلى مفرداته ومصطلحاته اللُغوية؛ منها جملته المشهورة “حافظ العصر الكمبيوتر”.

وأشاد بما كان عليه من صبر ودأب ومثابرة في تحقيق كتب الإمام الجويني، منوها بأنه ظل عاكفاً على تحقيق كتاب ” نهاية المطلب ” أكثر من عشرين عاماً.

وذكر القرضاوي أن الراحل الكريم كان محبباً لتلاميذه لأنه كان يقدِّم العلم بحب وعشق. وتمنى لو عاش وشهد ثورات الربيع العربي، ورأى بعينيه سقوط أنظمة الظلم والجبروت والطغيان.

وأشاد بتبني رابطة تلاميذ القرضاوي لاحتفالية الديب باعتباره عالماً ومحقِّقاً ومجدداً من مدرسة الوسطية. ودعا الرابطة لأن تخصِّص الملتقى القادم لتكريم الشيخ عبدالمعز عبدالستار، ووصفه بأنه ” أخوه وأستاذه ” ويستحق التكريم.
 
.
 
جبل شامخ
 
ووصف د. علي القره داغي شيخه وأستاذه عبدالعظيم الديب بأنه “جبل شامخ، أحد أبناء جيل مكافح، عاش في مِحراب العلم خادماً لتراث الأمة “. واعتبره نموذجاً فريداً في تحقيق كتب التراث الإسلامي وبخاصة مؤلفات “إمام الحرمين الجويني “، مشيرا إلى أن تفرُّده في التحقيق جاء من تعلُّمه على يد اثنين من أشهر أساتذة التحقيق هما: محمود شاكر وعبدالسلام هارون.

واقترح على رابطة تلاميذ القرضاوي الاهتمام بمنهج الشيخ الديب في التحقيق وكتابة التاريخ، واعترف بأنه استفاد كثيرا من علاقته بالشيخ، مؤكدا أنه لم يرَ محلِّلا لأحداث التاريخ مثله رحمه الله.

ووصف مجلس الشيخ الديب بأنه ” كان طاهراً من الغيبة والنميمة، ثرياً بالكلام في الموضوعات العلمية”. ووعد بتنظيم ندوة عن الشيخ الديب ضمن أنشطة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
 
استبشر بالنصر
 
وكشف إسماعيل الكيلاني عن جوانب تُعرف لأول مرة في حياة الدكتور الديب من خلال معاصرته له في عدة مواقف. وقال إن الديب كان سهلاً ليناً متواضعاً يجعل كل مَن يراه يحبه من أول لقاء، وكان يكره الخلاف ويمقت العنف، ويكف يده ولسانه عن الغيبة، ولا يذكر أحداً بسوء. ولا يهتم بالأمور المادية، وكان ينفق مما يوفره من راتبه على مَن يستحقون المساعدة.

وشهد بأنه كان مهموماً بقضايا الأمة الإسلامية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وكان يطالب أهل فلسطين بإعادتها لمسارها الصحيح. وروي عنه أنه كان مستبشرا بالنصر على الصهاينة مهما طال الزمن، بشرط أن ينتصر المسلمون على أنفسهم.
 

عالم رباني
 
وذكر د. خليفة بن جاسم الكواري أن الدكتور الديب كان عالماً ربانياً، وتحدَّث عن زهده وحيائه لدرجة أنه لم يكن يرفع عينيه في وجه مَن يحدثه. ووصفه بأنه كان طيب المعْشر يألفه الناس من أول لقاء.

وأشار إلى غيرته على الأمة الإسلامية وتاريخها، وحبه للتاريخ الإسلامي رغم أنه كان متخصِّصا في الفقه والأصول.
 

رجل بأمة
 
واعتبر الشيخ عبدالسلام البسيوني الاحتفالية عرفاناً بالجميل وتكريماً للعلم والعلماء، وإعلاءً لقدر أحد العلماء الذين يستحقون التكريم. وألقى قصيدة شعرية مطوَّلة تحدث فيها عن مآثر العلامة الراحل.

ومن جانبه وصف الدكتور أكرم كساب، الشيخ الديب بأنه كان رائداً من رواد الفكر الوسطي التجديدي بكتاباته وتحقيقاته وتوجيهاته التربوية والدعوية.

وأشار إلى أنه كان رجلاً بحجم أُمة، وكان صادقاً مع نفسه وربه ودينه وأمته وتلاميذه وأبنائه، وتحلى بالإخلاق الفاضلة والإنسانية العظيمة.

وذكر أنه كان متفرِّداً في كتاباته ومصطلحاته العلمية مشيراً إلى قوله يرحمه الله ” إن كان شرع الله صالحاً لكل زمان ومكان، فإن كل زمان ومكان لا يصلحان إلا بشرع الله”.
واقترح على الشيخ القرضاوي أن يكون الشيخ الديب وجهوده الدعوية أحد موضوعات جائزة القرضاوي في الفكر الإسلامي في عامها الثاني.
وأثنى على العلاقة الأخوية النادرة التي جمعت بين الشيخين القرضاوي والديب قائلا “لم أرَ أحداً يحب أحداً، كحب القرضاوي للديب، وحب الديب للقرضاوي، كانت علاقتهما أخوية تجسِّد الوفاء بكل معانيه