في ندوة للإعجاز التشريعي  فى التنمية لفرع الاتحاد  العالمي لعلماء  المسلمين بتونس:

القره داغي: العالم اليوم يعيش في مجال الاقتصاد في اضطراب كبير

تجربتان للتنمية لم يتكررا في تاريخ الإنسانية :الأولى لعمر بن الخطاب والثانية لعمر بن عبد العزيز

علماء القانون الذين استفادوا من حضارتنا الإسلامية في الأندلس هم الذين نقلوا إلى القانون الفرنسي أفكار

شريعتنا الإسلامية

خلال أكثر من سبعة وثلاثين قرنا ولم تصل القوانين التي وصل القرآن الكريم من خلال آية واحدة هي قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ)

عبد الفتاح مورو :القرآن الكريم حق لكل الإنسانية أن تفخر به بأن تشرب وتنهل من مائه الصافي

عبد اللطيف بوعزيزي:همّ جامعة الزيتونة اليوم حل المشاكل في المجتمع  وبحث ما يحقق العلاقة  السوية بين الانسان وربه

 

دعا فضيلة الشيخ د. علي محيي الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إلى النظر إلى تجارب إسلامية في مجال التنمية وقال إن العالم اليوم يعيش في مجال الاقتصاد في اضطراب كبير، فيما دلل على نجاح التجارب الإسلامية خاصة تجربتي اثنين من الخلفاء: الأولى لسيدنا عمربن الخطاب رضى الله عنه حيث وصل الغنى في معظم البلاد في عهد سيدنا عمر الى مرحلة أن الناس كانوا يرجعون حوالى الثلث أو الخمس إلى المدينة المنورة . أما التجربة الثانية التي كانت في عهد عمر بن عبد العزيز فقد وضع سياسة غريبة جدا لمدة ثلاث سنوات فقد خرج من السنة الاولى من مرحلة الفقر المدقع الى مرحلة الكفاف، وفى السنة الثانية من الكفاية إلى حد الكفاية، ثم بعد ذلك تمام الكفاية أي ما يسمى بحد الرفاهية للجميع حتى لا يبقى فقير.

عنصرا الهداية والتشريع

جاء ذلك في فعاليات ندوة نظمتها الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة بتونس  وكانت بعنوان: الندوة العلمية  للإعجاز التشريعي  فى التنمية.. وتحدث فضيلته عن مشروع التنمية الشاملة  التي قدمه إلى دولة تونس، الا انه لم ير النور بسبب الروتين آنذاك، وقال: ان الله سبحانه وتعالى لم يرد أن يجعل المعجزة الكبرى لسيدنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم فلم يرد أن يجعل المعجزة الكبرى من المعجزات المادية التي تنتهى , وإنما جعل الاعجاز العظيم في القرآن الكريم التي لا تنتهى عجائبه، وإذا كانت العرب قد أبُهروا وعجزوا فعلا من الجانب البياني والنظمي والبلاغي، فبما ان هذا الكتاب ليس للعرب فقط، وبما أن هذا الكتاب ليس لأجل بيان وليس لأجل إعجاز بلاغي ايضا ولكن من اجل الهداية قال تعالى   ( الم (1) ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ) البقرة  والشفاء لعالمين، فلذلك تظل هذه الهداية من خلال عنصرين اساسيين عنصر الهداية بصورة عامة، وعنصر التشريع بصورة خاصة وأثبتت الايام فعلا ان ما تضمنته آيات القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة في الجانب الإعجازي والجانب الهدائى  الشامل للعقيدة والاخلاق والقيم فعلا معجزة تتجدد افكارها وتتجدد كذلك آلياتها وتطبيقاتها الغريبة في عالمنا اليوم ..

شكليات القوانين

وتابع :  درست فكرة بسيطة تتمثل في سلطان الارادة وأن سلطان الارادة يعتبر العمود الفقري للقانون المدني الحديث الفرنسي وبقية القوانين، ووجدت أن هذه الفكرة لم تصل اليها القوانين خلال أكثر من سبعة وثلاثين قرنا درست وظهرت القوانين، ولم تصل اليها القوانين وكلها شكليات وغير ذلك بينما وصل القرآن الكريم من خلال آية واحدة قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ) النساء ثم تابعت فوجدت فعلا ان علماء القانون الذين استفادوا من حضارتنا الاسلامية في الاندلس هم الذين نقلوا هذه الفكرة الى القانون الفرنسي، وهذه فكرة واحدة في الجانب التشريعي، وهكذا في جميع الجوانب، ولا سيما اليوم ونحن نتكلم عن قضايا التشريع والاخلاق والهداية ولا سيما في مجال الاقتصاد ، فنرى ان العالم اليوم يعيش في مجال الاقتصاد في اضطراب كبير وفى عدم استقرار، ويبدوا هكذا أن يريد الله سبحانه وتعالى ان تكون الافكار البشرية والتشريعات البشرية مثل أصحابها تتأثر بالأهواء, وأكد فضيلته ان القيم يجب أن تكون ثابتة ولا تكون ثابته إلا اذا كانت مرتبطة بشريعة خالدة شريعة ثابتة، تحمى المجتمع من الانصهار ومن الانحلال، فلذلك الله سبحانه وتعالى جعلنا مسئولين ، فنحن مسئولون اليوم عما يحدث في الغرب لان الله سبحانه وتعالى قال بأن هذه الامة هي الوحيدة القادرة على أن تكون أمة صاحبة شهادة عادلة قال تعالى (وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ۗ ) البقرة وسطا أي عدلا واعتدالا لتكونوا شهداء على الناس وفى نفس الوقت الشاهد متى يكون عدلا حينما يطبق على نفسه أي يطبق على نفسه العدل والاعتدال وتشهد على الاخرين، الامة الغربية الان بكل مكوناتها الشرقية ايضا لم تكن كذلك كنا نظن انها امة تقوم على القيم الثابتة ولكنها لم تظل ثابتة ولن تظل ثابتة لأنها ليس لها مرجعية ثابتة لذلك فنحن امام مسؤولية كبيرة.

المنهجية المقاصدية

وفى ختام كلمته أوصى فضيلته بأننا نحتاج الى العودة بعقلية سليمة ومنهجية سليمة وليس بعشوائية  بمنهجية مقاصدية  ورؤية  شاملة، فمشكلتنا اليوم اننا  غزتنا الافكار الجزئية والحرفية الظاهرية والتحريفات في النصوص الشرعية, ولذلك نريد العقلية المقاصدية الشاملة من خلال رؤيتنا الشاملة، لنعالج هذا الكون لأننا نحن أساسا مسؤولون فيه أما الله سبحانه وتعالى .   

دين يبني عقل الإنسان

وكانت الندوة قد افتتحت بكلمة للأستاذ عبد الفتاح مورو نائب رئيس مجلس النواب بتونس حيا فيها الباحثين و الحضور والقائمين عليها وقد بارك فضيلته هذا المسعى العلمي وذكر فضيلته أن الأمل في استعادة فخرنا وعزتنا بما يمكن أن نحققه نحن أو يمكن أن تحققوه انتم او يمكن أن يحققه أبناؤكم بعدكم لكن بأمل مستديم بأن العزة ستكون لله ولرسوله وللمؤمنين وأن الإسلام هو دين يريد أن يساهم في بناء عقل الإنسان وأنه لم يعد ملكا لأمة قبعدت عليه مدة من الزمن فحرفه وإنما هو حق لكل الانسانية ومن حقها ان تفخر بأن تشرب وتنهل من مائه الصافي و تقدم فضيلته بالشكر لفضيلة الأمين العام الدكتور على القره داغى للجهد الذى بذله فى كتابه التنمية الشاملة  وحيا ايضا جهد رابطة العالم الإسلامي في هذا العمل الدؤوب الذى به لجمع الناس حول قضايا الاعجاز العلمي القرآني ما من نبي الا وأوتى ما على مثله آمن البشر وكان الذى اوتيت وحيا اوحاه الله الى فأرجو ان اكون اكثرهم تابعا يوم القيامة  وهم يحققون هذا الكتاب الكريم الذى جعله الله نبراسا لصدق نبوته ما يتحقق به كونه من الله تعالى لكونهم يشيعون في الناس سبل المعرفة والتعرف على كونه كتاب معجزا بنصه لفظه عند العرب ولكنه معجز للإنسانية جميعا بما تخلل صفحاته من معان يكتشفها الانسان يوما بعد يوم ليحقق من خلالها عزته ورفاهيته. 

تعاون مع جامعة الزيتونة

بدوره  تحدث فضيلة الدكتور عبد اللطيف بوعزيزي قال: إن جامعة الزيتونة انما هي مؤسسة أكاديمية تتعاون مع كل من له اهتمام بالعلم وبأهله لذلك كان تعاوننا مع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين باعتبار ان الهم واحد والهدف واحد وهو تحقيق العلم والنهوض بأهله وايضا تعاملنا مع الهيئة العالمية للإعجاز العلمي  في الكتاب والسنة، اما الامر الاخر الذى نروم تحقيقه من خلال هذه الندوة ان الهم الأساسي للجامعة ليس تقديم علوم شرعية تتهم بأنها قديمة ولا تتجاوز المحراب انما همّ الجامعة اليوم حل المشاكل في المجتمع  لنبحث فيما يحقق العلاقة  السوية بين الانسان وربه في مباحث العقائد وعلم الكلام وفى مباحث العبادات لكن يهمنا ايضا ما يحقق سعادة في ظل علاقة سوية مع ربه لذلك كان الاهتمام بموضوع التنمية  فكل شأن يهم المجتمع المسلم إنما هو داخل في اهتمامات جامعة الزيتونة.