سافر الدكتور علي محيي الدين القره داغي – الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين – إلى دولة الكويت للمشاركة في مؤتمر دولي ينعقد على مدار يومي 6 ، 7 مايو والذي يضم ممثلين عن الأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي والهيئة العالمية الخيرية وكذلك ممثلي الجمعيات والمنظمات والمؤسسات غير الربحية والخيرية وذلك لبحث تأصيل الشراكة وأهميتها بين المؤسسات الإنسانية والخيرية وبينها وبين القطاع العام والخاص لمواجهة التحديات العالمية مثل الجوع والفقر واللجوء وغيرهم من التحديات الأخرى ، كما سيتطرق المؤتمر لبيان دور الكويت في المجال الإنساني إضافة إلى باقي الدول الأخرى .
ومن الجدير بالذكر أن القره داغي سوف يتقدم للمؤتمر ببحثين علميين أولهما عن ” الشراكة في العمل الإنساني من منظور الشريعة الإسلامية – دراسة شرعية تأصيلية ” ، والثاني عن ” استثمار الوقف وطرقه القديمة والحديثة ” .
ويدور البحث الأول والذي ستتم مناقشته في الجلسة الأولى من المؤتمر حول التأصيل الشرعي للشراكة بين المؤسسات الخيرية بعضها البعض وبينها وبين القطاعين العام والخاص ، حيث أشار البحث إلى أن معظم آيات القرآن الكريم تدور حول الخير والخيرات ، والبر والحسنات والإحسان ، والصدقات ، والرحمة والرحمات ، وأراد الله تعالى أن يشمل هذا الخير جميع البشر ، وأن تعم الرحمة جميع العالمين من الإنس والجن ، والحيوان ، والجماد ، والسماوات والأرضين . واعتبر البحث أن رسالة المسلمين هي توصيل الرحمة بمعناها الشامل إلى العالم أجمع ، وتعميم هذا الخير بكل الوسائل ليعيش الإنسان في خير وبركات وأمن وأمان .
كما تناول البحث غفلة المسلمين فترة من الزمن عن هذا الدور العظيم ، فاستثمر أصحاب الدعوات الباطلة هذا الفراغ فبدؤا بنشر ضلالاتهم عن طريق الخيرات والأموال ، وحاولوا تغيير العقائد والأديان عن طريق الفقر ، والجهل والمرض ، فأعطوا المال للفقراء حتى يتضرروا أو يخرجوا من الإسلام الصحيح ، وعلموا الأطفال في المدارس ليكونوا دعاة إلى الباطل في بلاد الإسلام ، وعالجوا المرضى واستغلوا ضعفهم وحاجتهم .
ثم تنبه إلى ذلك المسلمون بإنشاء مؤسسات وجمعيات خيرية لحماية المسلمين ، وإغاثة الملهوفين . غير ان هذه المؤسسات والجمعيات الخيرية تحتاج إلى مزيد من التنظير ، والتأصيل والتوجيه ، والتخطيط ، والريادة ، والقيادة ، والقدوة ، لتنطلق من مرحلة الإغاثة إلى مرحلة البناء ، وليكون لها دورها في التنمية والنهضة المنشودة ، وليعود لها دورها في تحقيق الحضارة ، كما كان للوقف دوره العظيم في حضارتنا الإسلامية حتى نستطيع القول بأن الحضارة الإسلامية هي هبة الوقف ـ بعد الله تعالى ـ فكل ما سجله تأريخنا الإسلامي من كتاتيب ومحاضر ، ومدارس ، وجامعات ، ومستشفيات ، وجسور وقناطر ، وخانات ونحوها ، كان للوقف دور عظيم فيها .
ويركز البحث على تأصيل الشراكة والتعاون البناء بين جميع المؤسسات الخيرية والإنسانية في العالم أجمع ، وبناء جسور التواصل بين جميع مَن يريد التعاون على الخير من أصحاب الأديان والثقافات ، والشعوب ، وذلك لأن المعاناة أصبحت عالمية ، وبالتالي تحتاج إلى تعاون عالمي ، ولأن حجم المآسي كبير جداً ، يتطلب جهود الجميع ، ولأن حجم المصائب ضخم جداً يتطلب التعاون على توزيع الأدوار حتى يصل الخير إلى جميع من يستحقه .
ويذكر أن القره داغي سوف يتناول في مداخلته الثانية بالمؤتمر دور الوقف في التنمية المستدامة ومعالجة قضايا الفقر بصورة أكثر استقراراً .