الدوحة – الشرق
الحلقة : الخامسة عشر

صدرت قرارات من المجامع الفقهية ، ومن عدة مؤتمرات تضم علماء الأمة ، تنص على قبول جميع المذاهب الفقهية الإسلامية ، وأنه لا يجوز تكفير من ينتمي إلى المذاهب الإسلامية إلا إذا صدر منه كفر بواح ، وحينئذ يقتصر تكفيره على صاحبه إذا ثبت الكفر ، ومع ذلك فليس من وظيفة الدعاة الحكم بالكفر ، وإنما رسالتهم هي نشر الرحمة بين العالمين ( فنحن دعاة لا قضاة).

وقد تمخضت هذه القرارات في رسالة عمَّان شهر رمضان المبارك 1425 هـ ــ نوفمبر تشرين الثاني 2005 م ، التي تعالج هذه المسألة بشكل إسلامي حضاري ، والتي ننقلها بنصها كوثيقة في آخر البحث لأهميتها مع بعض الملاحق المهمة الأخرى.

الطائفية :

الطائفية نسبة إلى الطائفة ، وأصلها من : طاف حوله ، وبه ، وعليه ، وفيه طوفاً وطوافاً ، وتطوف بمعنى : دار وحام ، وطوَّف به مبالغة في طاف ، وتطوف ويقال : طاف الخيال وغيره به ، أو عليه أي : ألمَّ ، والطواف شرعاً هو الدوران حول الكعبة ، والطوفان هو ما فاض من المياه و نحوها ويطغى على غيره ، والطائف هو الذي يطوف حول شيء ، ويطلق على العاسّ الذي يدور حول البيوت ونحوها ليحرسها ، وبخاصة في الليل ، وفي القرآن الكريم (إنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ ) أي إذا ألمَّ بهم لمم من الشيطان من وسوسة ، أو غضب أو غيرهما يصدهم عن واجب حق الله عليهم تذكروا عقاب الله وثوابه … ، وقرئ ” طيف ” قال الطبري :” واختلف أهل العلم بكلام العرب في فرق ما بين ” الطائف “و ” الطيف ” فقال بعض البصريين : هما سواء ، وهو ما كان كالخيال والشيء يلم بك ، وقال بعض الكوفيين : الطائف ما طاف بك من وسوسة الشيطان ، وأما الطيف فإنما هو من اللمم والمس ” .

والطائفة هي الجماعة ، والفرقة فقال تعالى (وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ) أي جماعتان ويطلق لفظ ” الطائفية في عصرنا الحاضر على المتعصب لجماعته الدينية ، بحيث لا يرى الحق إلا لهم.

فقد عرف معجم أكسفورد : الطائفي بأنه : الشخص الذي يتبع بشكل متعنت طائفة معينة ، أي أنه يرفض الطوائف الأخرى ، أو يغبنها حقوقها ، ويتعصب ضدها ، ولم يكن وجود طائفة دينية ، أو مذهبية مشكلة أو أزمة في ظل الحضارة الإسلامية وسلطتها ، لأنها تنشد العدل للجميع وتمنح الحرية الدينية والمذهبية لكل فرد.

وكانت تطلق على الطوائف الدينية مثل اليهود ، والمسيحيين ، أوالهندوس داخل العالم الإسلامي ، ولا سيما إذا انحازت إلى دول أخرى للاستقواء بها . كما أن الطائفية ظهرت أساساً في أوروبا في العصور الوسطى بين الكاثوليك والبروتستانت ، والأرثوذكس حيث استمرت عدة قرون دمرت أوروبا وزادتها تخلفاً وتفرقاً.

كما ظهرت بشكل جلي في الصفويين الذين ظهروا في بيئة معظمها من السنة ، ولكنهم اضطهدوهم وقتلوهم وخيَّروهم بين تبني المذهب الشيعي الإمامي ، أو القتل أو النفي ، ثم حدثت معارك بينهم وبين العثمانيين أدت إلى عرقلة تقدم الأخير في أوروبا.

ثم ظهرت في العقود الأخيرة ، وبالخاصة منذ الاحتلال الأمريكي للعراق ، حيث طغت الطائفية بشكل واضح أدت إلى تدمير العراق ، ثم ازدادت ضراوة في سوريا ، وأخيراً اليمن.

والطائفية على مر تاريخها الأوروبي والإسلامي شر مستطير ، وفتنة خطيرة تدمر البلاد والعباد ، وتقضي على جميع الوشائج الإسلامية والإنسانية ، وحتى القومية والقبلية والأسرية ..

ولذلك يجب على الجميع سنة وشيعة محاربة هذا الفكر الخطير المدمر ، وإلا فسيكون مصيرنا كمصير أوروبا في القرون الوسطى ( والله المستعان) .

وقد عقد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في عام 2007 م مؤتمراً لمعالجة هذه القضية الخطيرة جمع فيه معظم رموز السنة والشيعة من العلماء وبعض المسؤولين ، فطرحنا فيه وثائق بأن أعداء الإسلام والمسلمين يريدون إشعال نار فتنة كبرى وهي فتنة الطائفية لإشغال الأمة بها عدة قرون ولنأكل الأخضر واليابس لتحقيق عدة أهداف :

1 – تحقيق المشروع الصهيوني اليميني المتطرف

2 – الهيمنة على ثرواتنا وسيادتنا وإرادتنا

3 – تحقيق البعد الاستراتيجي للسيطرة وهي الفوضى الخلاقة يكون المستفيد الوحيد أعداءنا والخاسر الوحيد : المسلمين

4 – إبقاء أمتنا متخلفة بعيدة عن التقدم العلمي والتنمية الشاملة

وقد طرحنا ثمانية مبادئ نلتزم بها جميعاً من أهمها:

1- احترام المقدسات التي يؤمن بها الطرف الآخر

2 – عدم إظهار سب أمهات المؤمنين والصحابة ( رضي الله عنهم أجمعين) .

علماً بأن أهل السنة يضعون آل البيت الكرام ( صلى الله على النبي وآله وسلم ) فوق الرؤوس ويصلون ويسلمون عليه مع النبي الكريم في صلواتهم والناصبي الذي يبغضهم ليس من أهل السنة ولا من المسلمين الحقيقيين.

3 – عدم قيام أي طرف بتغيير مذهب الآخر من خلال دعوات منظمة وتخطيط كما يحدث اليوم حركة التشييع في إفريقيا والعالم الإسلامي ، وطلبنا منهم أن يوجهوا حركة التشييع إلى خارج العالم الإسلامي ، أو بين غير المسلمين ، كما فعل العثمانيون حيث وسعوا جغرافية العالم الإسلامي ففتحوا البلاد غير الإسلامية ، ولم يتجهوا إلى العالم الإسلامي إلا بعد استفحال خطر الصفويين الذين احتلوا بغداد ، وهددوهم من الظهر