أكد فضيلة د. على محيي الدين القره داغي على أهمية دور الامة الاسلامية في الشهادة العالمية على البشرية ورسم ملامح امتلاك هذه الشهادة
مؤكدا على سبع عشرة صفة للمؤمنين الشهداء. وقال فضيلته في خطبته بمسجد السيدة عائشة بفريج كليب بين الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم أنه لولا فئة معينة من البشر لما كان سبحانه وتعالى يعبأ بالبشرية كلها ولولا هؤلاء لما كان للبشرية كلها عند الله وزن جناح بعوضة
بل ان الله سبحانه يربط بين الكون واستمراره وبقائه بوجود هذه الفئة التي وصفها سبحانه وتعالى بسبع عشرة صفة وأن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لما آذاه المشركون بكل صنوف الإيذاء فصبره الله بأنك اذا وفقت ونجحت في تحقيق وانجاز هذه الفئة فقد فزت فوزا عظيما وقد هانت كل هذه الصعوبات وهذه المشاكل والإيذاءات.
وتساءل القرة داغي من هم هؤلاء المميزين المعينين؟ فمن هم هؤلاء الذين تحمل الرسول صلى الله عليه وسلم كل الإيذاء والمشاق من أجل تحقيق وجودهم؟ موضحا ان هؤلاء بينهم الله سبحانه وتعالى في سورة الفرقان فهم عباد الرحمن وسورة الفرقان هي سورة مكية ولما تقرأها
من البداية الى النهاية فقد احتوت على كل سبل الإيذاء وأشكالها للرسول صلى الله عليه وسلم منها التشكيل في بشريته والاستهزاء بفقره ثم يطلب الله سبحانه وتعالى من رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم بأن يتوكل على الله وان يصبر على أذاهم وأن يتحمل كل ذلك للوصول الى تحقيق عباد الرحمن ولذلك وبعد بيان كل صنوف الإيذاء والاستهزاء برسوله صلى الله عليه وسلم ختم هذه السورة بالصبر وبالنجاح في تحقيق هذه المجموعة البشرية المعينة من المؤمنين الصادقين المخلصين المتميزين يقول تعالى “وما كان الله ليعبأ بكم لولا دعاؤكم أي لولا عبادتكم”.
وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما” موضحا ان البشرية كلها محتاجون الى هؤلاء، الى هذا الصنف المتميز من البشر يحتاجون الى عباد الرحمن يحتاجون الى منهجية عباد الرحمن يحتاجون الى سلوكية عباد الرحمن في مجال العقائد
ومجال الانفس وراحة البال في مجال المال والاعتدال في مجال الاخلاق والممارسات الجنسية وغيرها من الأمور التي يصعب على البشرية أن تهدي فيها الى أقوم السبل دون الرجوع الى هذه الفئة المتميزة من البشر .. ودعا القرة داغي للنظر الى البشرية اليوم وما تعيشه من انحراف
شامل نتيجة لانعدام وجود هذه الفئة المتميزة من البشر وذلك لتراجع دورالشهادة للامة الاسلامية تجاه بقية البشرية نظرا لتخلف المسلمين مقارنة
بغيرهم من بقية الشعوب موضحا انه لا يمكن بأي حال من الاحوال أن تصدر الرحمة من الضعيف الى من هو أقوى منه فالسنن تقول عكس ذلك فالأمة الضعيفة والامة المحتاجة لا يمكن أن ترحم غيرها .
وقال: من هنا تأتي أهمية وجود عباد الرحمن للبشرية كلها وهنا فالله يتحدث بعد كل ما ذكره في سورة الفرقان عن النماذج والقدوة ولم يتحدث عن النظريات والصورة والمثل وهنا تبرز أهمية تمثل القيم الاسلامية من خلال أشخاص ونماذج بشرية وإلا فالقيم الاسلامية كنظريات كلها موجودة وعلى رأسها القرآن الكريم غض طري وكأنه اليوم نزل والسنة النبوية المطهرة موجودة بيننا إذا أين الخلل؟ الخلل هو فيمن يتقمص
هذه الصفات ويتمثل هذه القيم من المسلمين. واكد ان هذه هي القضية الاساسية التي نحن الآن في حاجة لاعادة النظر فيها الى أن تصبح هذه الامة جادة في تمثل هذه الصفات والا فإذا كنا نحن لا نختلف عن الشرق والغرب في شيء فلا يمكن أن يميزنا الله سبحانه وتعالى بشيء .
واوضح ان القضية هي قضية العمل فقد ألف أحد كبار علماء الهند الشيخ الندوي رحمه الله تعالى كتابا يحتاج كل منا أن يقرأه وهو بعنوان” ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين ” وبين انها عبارة جميلة” وهي الصفة بعباد الرحمن ” فأول ما وصف الله به هؤلاء هو “عباد” أي خضوع هؤلاء البشر إلى الله سبحانه وتعالى وبداية الطريق الصحيح تبدأ بالعبودية أي الاستسلام لله والاخلاص لله أيضا ولم يقل الله المصلون أو
المزكون وهذه صفات قد تؤدى باخلاص أو بدونه في حين العبودية هي خلوصية الانسان لله سبحانه وتعالى وتسليم الانسان نفسه لله سبحانه وتعالى وهو معنى الاسلام بالمناسبة.
ولفت في هذه الآيات الى وصف العباد للرحمن ولم يقل سبحانه “وعباد الله” رغم أن اسم “الله” هو اسم الله الاعظم ولم يقل كذلك مع ان الموقف
هو موقف القوة “وعباد الجبار” أو القهار أو العزيز إنما قال” وعباد الرحمن” وهذه العبارة تدل على أمرين اثنين: الأمر الاول هو أن الجماعة والامة والمجتمع والدولة لا تبنى على القوة ولا تبنى على القهر وانما لو أنفقت ما « تبنى على الرحمة في الأرض جميعا ما ألفت بين
» قلوبهم ولكن الله ألف بينهم وكيف تؤلف؟ فقد بين القرآن فاعف عنهم واستغفر « ذلك هذه » لهم وشاورهم في الامر الرحمة وتستغفر لهم وكذلك تشاورهم وتحترمهم وتعطيهم كرامتهم هكذا تستطيع التأليف بينهم.. فالرحمة ثلاثة أشياء وهي أن تحبهم ويحبونك وتغفر لهم إذا أخطأوا والثالثة أن تتشاور معهم لتعطيهم قيمة وتشعرهم بالمسؤولية.