تقوم الوطن هذا العام بنشر عدة دراسات لفضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور علي محيي الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ولعل من أهمها الوثيقة التي وضعها فضيلته بشأن قضايا الجهاد، والعنف والخلافة، والولاء والبراء وهي من أهم القضايا المعاصرة التي تشغل وتشعل الحوار سواء بين المسلمين أنفسهم أو بين المسلمين والآخر.. وهي مفتتح دراسة موسعة وضع فيها تأصيلا لأهم قضايا العالم الإسلامي في القضايا المذكورة.

وفي هذه الحلقة يتناول فضيلته الخلاصات الهامة التي توصل اليها:

1- أن الذي عليه المحققون من السلف والخلف هو أن الجهاد لغة من الجهد وهو بذل الوسع والطاقة، وفي الشرع: هو بذل ما في الوسع لخدمة الإسلام، ونشره فقال تعالى: (وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا) سورة الفرقان الآية 52 أي جاهد بالقرآن بنشره والدعوة اليه، وبالتالي فإن معناه واسع يشمل جهاد الدعوة، وجهاد النفس، والشيطان، كما يشمل الجهاد الاقتصادي، والاعلامي، والاجتماعي، والعلمي، وكذلك يشمل القتال في سبيل الله، ولكنه بهذا المعنى انما يستعمل لحالة الدفاع عن الدين، وعن الوطن والأمة، ولدرء الفتن والشر عنهم، وأنه لا يوجه للكافر لمجرد كونه كافراً وإنما إذا كان معتدياً.

2- إن الصحيح هو أن مجرد الكفر أو الشرك ليس موجباً للقتال والجهاد، وإنما الظلم والعدوان، أو الخوف من الفتنة والاعتداء، ولذلك نرى أن جميع الآيات القرآنية تقيد الجهاد القتالي بما ذكر، وليس بالكفر فقط – كما سبق.

3- ثم إن إعلان الجهاد القتالي – من حيث المبدأ – حتى ولو توافرت شروطه وضوابطه فليس منوطاً بالفرد أو الجماعة الواحدة وإنما هو شأن الأمة وسلطانها وأنه لا يجوز الافتئات عليها إلا في حالة الدفاع عن النفس، وطرد المحتلين، فهذا واجب في جميع الشرائع، والقوانين الدولية.

4- أن الجهاد القتالي في الإسلام له آدابه وقيمه الأخلاقية العظيمة التي تمنع منعاً باتاً من قتل النساء والأطفال، والمدنيين، ومن استعمال اسلحة الدمار الشامل ( يراجع لمزيد من التاصيل والتفصيل فقه الجهاد للقرضاوي).

5- أن الجهاد – بمعنى القتال – ليس غاية في ذاته، وإنما هو وسيلة، قال الامام القرفي في الذخيرة (2/129) «إن الأحكام على قسمين: مقاصد، ووسائل، فالمقاصد كالحج، والسفر إليه وسيلة، وإعزاز الدين ونصر الكلمة مقصد، والجهاد وسيلة» ثم قال: «والقاعدة أنه مهما تبين عدم إفضاء الوسيلة إلى المقصد بطل اعتبارها…» وقد قرّر الفقهاء ان ذلك منوط بتحقيق المصلحة كما قال ابن القيم وغيره. (زاد المعاد 3/436) ولذلك اذا لم يحقق الجهاد غرضه وهدفه في إعزاز الدين ونشره، فإن الغاية مقدمة على الوسيلة بالاجماع. يقول الشاطبي في الموافقات (3/120) «لأن الأعمال الشرعية ليست مقصودة لنفسها، وإنما قصد بها أمور أخرى هي معاينها، وهي المصالح التي شرعت لأجله»، وقد أكد هذا المعنى ابن تيمية في مجموع الفتاوى (28/129).

فلم يشرع الإسلام القتال من أجل القتال، وإنما لتحقيق الأهداف والغايات التي ذكرناها، وأن القوة فيه وسيلة للردع من خلال تحقيق القوة الكافية التي تمنع المعتدين من الاعتداء كما قال الله تعالى (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ) سورة الانفال الآية 60، ثم بين الغاية وهي ردع المعتدين وتخويفهم من هذه القوة حتى لا يحدث الاعتداء والقتال حيث قال: (ترهبون به عدو الله وعدوكم) ولم يقل رب العالمين (لتقاتلوا به الكفار) وإنما لإرهاب العدو وتخويفه وردعه كما قال المفسرون في تفسير هذه الآية وهذا ما أشار إليه مرة أخرى القرآن الكريم (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ) سورة البقرة الآية 193 أي حتى تدرؤا فتنة المعتدين للمسلمين المستضعفين في دينهم كما حدث في بداية ظهور الإسلام، حيث استعمل المشركون قوتهم لمنع الإسلام وايذاء المسلمين وافتنانهم في دينهم.

6- إن أفعال العباد – بما فيها الجهاد – لا تنفصل عن فقه المآلات وسدّ الذرائع، أو فتحها، يقول الشاطبي في الموافقات (5/177) « النظر في مآلات الأفعال معتبر، ومقصود شرعاً، سواء كانت الأفعال موافقة أو مخالفة، وذلك أن المجتهد لا يحكم على فعل من الأفعال الصادرة عن المكلفين بالإقدام، أو الإحجام إلا بعد نظره إلى ما يؤول اليه ذلك الفعل» أي من حيث المصالح، والمفاسد، ويدل على ذلك قوله تعالى (وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ) سورة الانعام الآية 108 وحديث عائشة الذي رواه مسلم، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:»لولا أن قومك حديثو عهد بشرك لهدمت الكعبة فألزقتها بالأرض….»، وقالت، أيضا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:» لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية لأنفقت كنز الكعبة في سبيل الله، ولجعلت بابها بالأرض، ولأدخلت فيها الحجر» رواه مالك ومسلم.

ومن جانب آخر فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقتل بعض كبار المنافقين الذين ساهموا في إشاعة الإفك والفساد خشية ما يسمى في عصرنا الحاضر: بالحملة الإعلامية، يقول ابن القيم في اعلام الموقعين (3/138):»وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يكف عن قتل المنافقين لئلا يكون ذريعة إلى تنفير الناس عنه، وقولهم: إن محمداً يقتل اصحابه، فإن هذا القول يوجب النفور عن الإسلام ممن دخل فيه ومن لم يدخل فيه، ومفسدة التنفير أكبر من مفسدة ترك قتلهم، ومصلحة التأليف أعظم من مصلحة القتل».

فهذه الكلمة الرائعة في خطورة التنفير تلزم المسلمين جميعاً – وبخاصة الشباب – النظر إلى مآلات أفعالهم، وما جرت عليهم من حملات التشهير والتخويف، والتشويه.


فقه التنزيل

7- إن الحكم الشرعي حتى ولو كان قطعياً مجمعاً عليه يحتاج إلى فقه التنزيل وهذا خاص بأهل الذكر من الفقهاء الربانيين فقال تعالى (… وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا) سورة النساء الآية 83، فهذا عمر رضي الله عنه لم ينزل حكم السرقة في قطع الأيدي على الذين سرقوا في عام المجاعة، لوجود الشبهة، يقول الامام الشافعي بعد ذكر شروط المفتي الذي يختلف عن العالم: «فإذا كان هكذا فله أن يتكلم ويفتي في الحلال والحرام، واذا لم يكن هكذا فله أن يتكلم في العلم، ولا يفتي» اعلام الموقعين (1/46).

8- ومع كل ما قيل سابقاً فإن الجهاد بمعنى القتال في سبيل الله لحماية الدين والوطن ودرء الأخطار لا يستطيع أحد أن ينكره بل لا يمكن أن تكون هناك دولة محترمة دون وجود قوة تحميها وتحمي مصالحها، بل إن القوة المتكافئة هي المانعة من وقوع الحروب، لأن العدو يحسب ألف حساب إذا علم بقوة المقابل واستعداده، ومن هنا راينا أن حربين عالميتين خطيرتين قد وقعتا في بداية القرن العشرين إلى وسطه أهلكتا الحرث والنسل، ولكن عندما ظهرت القوة النووية للدولتين الكبيرتين (أميركا والاتحاد السوفياتي السابق) لم تقع حرب ثالثة ولذلك يدعو الإسلام قبل ألف واربعمائة سنة المسلمين إلى أن تكون لديهم قوة الردع ليست للقتال، وإنما لمنع الاعتداء.

غاية وهدف

9- إن الغاية من خلق الإنسان والهدف من تزويده بميزان العقل والعلم والقدرة ونحوها وأن الهدف من إرسال الرسل، وإنزال الكتب وبخاصة القرآن الكريم هو لتحقيق أمرين هما:

أ‌- إصلاح الانسان من خلال تزويده بالعقيدة والأخلاق، والقيم حتى يكون متعاوناً مع الآخر نافعاً غير ضار، ليقوم بعملية الإصلاح للآخر من خلال الدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة، وتوصيل الهداية بالرحمة والرأفة إلى الجميع، فهذه هي وظائف الرسل والأنبياء والمصلحين فقال تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا. وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا. وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا. وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا) سورة الأحزاب 45-48، وقال تعالى في بيان رسالة نبينا العظيم (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) سورة الجمعة الآية 2 ويقول (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ) النساء 170 بل إن خيرية هذه الأمة تعود إلى أنها أخرجت لمنفعة الناس، ولتوصيل الهداية والخير إلى الآخرين من خلال نشر الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة فقال تعالى (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ) سورة آل عمران الآية 110 ولذلك أمر الله تعالى المؤمنين جميعاً بأن يقوموا بهذا الواجب فقال تعالى (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) سورة آل عمران الآية 104 فهذه هي الوظيفة العليا، والغاية القصوى من خلق الانسان وأنه سواه ونفخ فيه من روحه، وجعل له السمع والبصر والفؤاد والعقل.

ب‌- الغاية الثانية، او الرسالة المنوط بها هي تعمير الكون على أساس الصلاح والعدل والمساواة وتمكين جميع الخلق من الانتفاع منه فقال تعالى (وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ) سورة الرحمن الآية 10 وقال تعالى (هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا) سورة هود الآية 61.

10- أن مقاصد الشريعة بالاجماع هي حماية الضروريات الخمس (أو الست) وكذلك الحاجيات، والتحسينيات، وتنميتها، فهذه الشريعة مبناها على تحقيق المصالح يقول الإمام ابن القيم في: اعلام الموقعين 3/3 « فإن الشريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش، والمعاد، وهي عدل كلها، وحكمة كلها، فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجَور، وعن الرحمة إلى ضدّها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث فليست من الشريعة وإن أدخلت فيها بالتأويل».

11- وبناءً على ما سبق فإننا نقرر ما يلي:

أولاً: إن عمليات القتل والاغتيالات والتفجير التي تحدث في بعض البلاد عمليات محظورة شرعاً، وغير مقبولة عقلاً، ولا تتفق مع أحكام الإسلام ومبادئه، بالإضافة إلى أنّها تشوه صورة الإسلام، وتعطي مببرات للأعداء للهجوم على الإسلام ووصفه بالإرهاب والقسوة وبالتالي عدم انتشاره، وحينئذ اصبحت هذه الأعمال مع حرمتها تصبح حاجزاً أمام انتشار الإسلام، وفتنة لغير المسلمين.

تشويه خطير

ثانياً: إن إطلاق اسم الجهاد على هذه التفجيرات التي توجه نحو المدنيين مسلمين أو غير مسلمين ظلم كبير وتشويه خطير لهذا المصطلح الإسلامي الجميل الذي يراد به استفراغ الجهد لنشر الدعوة، وإصلاح الناس، في حين أن هذه العمليات تدخل فعلاً ضمن العنف المحظور والإرهاب المحرم، والاعتداء الجائر، والظلم البين بحق من يقتل من الابرياء من الأطفال والشيوخ والنساء فقال تعالى في بيان حرمة الاعتداء على النفس الانسانية مطلقاً دون حق (… أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا) ويقول تعالى (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)

ويقول الرسول الكريم في حديث صحيح متفق عليه «… فإن دماءَكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا» (صحيح البخاري – مع الفتح – 1/145، 146، 8318) ومسلم (1679)

ثالثاً: من المعلوم في الشريعة الإسلامية بداهة أن حقوق الناس مصانة محفوظة لا يجوز الاعتداء عليها، وأن الحسنات حتى الجهاد والاستشهاد في سبيل الله لن تكون كفارة وإزالة لحقوق الناس، فقد ورد في الحديث الصحيح أن أبا قتادة قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيت إن قُتلتُ في سبيل الله أتكفر عني خطاياي، فقال رسول الله: «نعم وأنت صابر محتسب غير مدبر إلا الدّين، فإن جبريل قال لي ذلك» رواه مسلم الحديث (2581) وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يُصب دماً حراماً» رواه البخاري في صحيحه – مع الفتح (12/165) وأحمد (2/94)، ولخطورة الدماء فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:» أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء» رواه البخاري، ومسلم والترمذي والنسائي – الحديث رقم 3920 وروى مسلم في صحيحه بسنده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفسي بيده لا تذهب الدنيا حتى يأتي على الناس يوم لا يدري القاتل فيما قَتَل، ولا المقتول فيما قُتِل» حيث يدل على استهانة الناس بالقتل مع أنه من الكبائر الموبقات.

خطورة القتل وعظم جُرمه

وقد وردت في خطورة القتل وعظم جُرمه حتى يصل إلى القريب من الكفر جملة من الأحاديث نذكر منها بعضها:

1- عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً» وقال ابن عمر: «إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حله» رواه البخاري

2- وعن عبدالله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم» رواه النسائي (7/82-83) والترمذي مرفوعاً وموقوفاً الحديث رقم 1395 ورواه ابن ماجه الحديث رقم (2619) ونقل محققه عن البويصري في الزوائد: اسناده صحيح ورجاله موثقون.

3- وعن ابي سعيد وأبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لو أن أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار» رواه الترمذي، الحديث رقم (1398) ولهذا الحديث شواهد كثيرة ذكرها المنذري في الترغيب والترهيب.

4- وعن معاوية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا الرجل يموت كافراً، أو الرجل يقتل مؤمناً متعمداً» رواه النسائي، (7/81) وابو داود الحديث رقم 4270 وابن حبان عن ابي الدرداء رقم (50) والحاكم وصحح الروايتين ووافقه الذهبي فيهما (4/351)

5- وعن ابي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم « إذا اصبح ابليس بث جنوده فيقول: من أخذل اليوم مسلماً ألبسته التاج قال: فيجيء هذا فيقول: لم ازل به حتى طلّق امرأته فيقول: يوشك أن يتزوج…. ويجيء هذا فيقول: لم أزل به حتى أشرك. فيقول: أنت أنت، ويجيء هذا فيقول: لم أزل به حتى قَتَلَ، فيقول: أنت أنت، ويلبسه التاج» رواه ابن حبان في صحيحه، ورقمه في الزوائد 63، ورواه الحاكم وصححه، ووافقه الذهبي (4/350)

رابعاً: أن هذا الإثم الكبير ايضا ثابت لمن قتل معاهداً، وهو الذي بينه وبين المسلمين عهد وميثاق (ومن المعلوم أن فتح السفارات، ودخول الانسان بتأشيرة هو معاهدة وعقد وعهد) حيث يقول الرسول الكريم: «من قتل معاهداً لم يَرَح رائحة الجنة، وأن ريحها يوجد من مسيرة أربعين عاماً» رواه البخاري، واللفظ له، (ومعنى: لم يَرَح…) أي لم يجد ريحها، ولم يشمها أي لا يدخل الجنة.

تحريم الإيذاء

خامساً: وقد وردت أحاديث كثيرة بتحريم الإيذاء لأي ذي روح انساناً أو حيواناً إلا بالحق الذي ذكره القرآن الكريم والسنة بوضوح، وبتحريم الفساد والإفساد، وإهلاك الحرث والنسل، وتدمير البيئة حيث وصف الله تعالى المفسدين المبعدين عن رحمة الله بذلك فقال تعالى (وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ) سورة البقرة الآية 205 فقد خلقنا الله تعالى للتعمير وليس للتدمير والتفجير، وقال القرطبي: « نهى سبحانه وتعالى عن كل فسادٍ قلّ أو كثر بعد صلاح قلّ أو كثر، فهو على العموم على الصحيح من الأقوال».

سادساً: ان النصوص في حرمة قتل الانسان نفسه، وفي عظم جرمه، وخطورة عافيته أكثر من أن تحصى في هذه الوثيقة ناهيك عن أن يؤدى الانتحار إلى نحر الأبرياء فتلك جريمة فوق جريمة، فعن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قالَ رسول صلى الله عليه وسلم: (مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ في نَارِ جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِدًا فِيها أَبَدًا، وَمَنْ تَحَسَّى سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَسُمُّهُ في يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ في نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فيها أَبَدًا، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَديدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ في يَدِهِ يَتوجَّأُ بِها في نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيها أَبَدًا) رواه البخاري، ومسلم، والترمذي بتقديم وتأخير، والنسائي، ولأبي داود: «وَمَنْ حَسا سُمًّا فَسُمُّهُ في يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ في نَارِ جَهَنَّمَ».

وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « الَّذِي يَخْنُقُ نَفْسَهُ يَخْنُقُهَا فِي النَّارِ، والَّذِي يَطْعَنُ نَفْسَهُ إِنَّمَا يَطْعَنُهَا فِي النَّار،ِ وَالَّذِي يَتَقَحَّمُ فِيهَا يَتَقَحَّمُ فِي النَّار» رواه البخاري.

وعن أبي قلابة رضي الله عنه أن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه أخبره بأنه بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « مَن حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ بِمِلَّةٍ غَيْرِ الإِسْلاَمِ، كاذِبًا مُتَعَمِّدًا، فَهُوَ كما قَالَ، وَمَن قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ، عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَيْسَ عَلَى رَجُلٍ نَذْرٌ فِيمَا لاَ يَمْلِكُ، وَلَعْنُ المُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ، وَمَن رَمَى مُؤمِناً بِكُفرٍ فَهوَ كَقَتْلِهِ، وَمَنْ ذَبَحَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ، عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رواه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي بإختصار، والترمذي بنحوه وصحّحه. (ويراجع كتاب الرترغيب والترهيب للحافظ المنذري في هذا الباب، وكتب السنة.

وقد صدرت قرارات من المجامع الفقهية وفتاوى من الهيئات والمؤتمرات الفقهية، تنص على أنه «لا علاقة البتة بين مفهوم الجهاد الإسلامي، والإرهاب».