القسم الأول
المبادئ العامة للتحكيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
فإن الإسلام أولى عناية منقطعة النظير بالفصل بين المنازعات على أساس العدل ، وجعل العدل أهم أسس تقوم عليها شريعته الغرّاء ، بل العدل هو أساس الكون وعليه قامت السموات والأرض وبه تتقدم الدول والأمم ، وبعدمه تنـزل المصائب والفتن وتدمر الحضارات وتتهاوى الأمم وتنـتهي الحكومات ، ولذلك جاءت الآيات والأحاديث النبوية تـترى لتأكيد هذا الأمر ، حتى حصر القرآن الكريم وظائف الرسل والكتب في تحقيق العدل بمعناه الشامل فقال تعالى : ( لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنـزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط )[1] .
ولم يكتف الإسلام في حلّ المنازعات بإصلاح الفرد وتقوية عقائده وأخلاقه وتقويم سلوكياته ، ولا بالمواعظ الدينية المؤثرة ، بل فرض لحلها القضاء وأنشأ له المحاكم والدواوين بدءاً من الرسول الكريم ـ صلىالله عليه وسلم ـ حيث كان حاكماً وقاضياً إلى الخلفاء الراشدين ـ رضي الله عنهم ـ ومن تبعهم بإحسان .
وبما أن الإسلام باعتباره ديناً وأخلاقاً ـ إضافة إلى كونه نظاماً ودولة ـ لا يجعل حل المنازعات عن طريق القضاء الحل الأول ، بل يجعل حلها عن طريق التراضي ، والصلح هو الحل الأمثل ، فقال تعالى : ( والصلح خير )[2] ، أي خير مطلق ، وأفضل من جميع الطرق ، وكان الرسول ـ صلىالله عليه وسلم ـ يشير إلى المتخاصمين أولاً بالصلح فإذا لم يرتضيا حكم عليهما بالحكم البيّن[3]. وقد ضمن الخليفة الراشد عمر ـ رضي الله عنه ـ أهمية الصلح في رسالته في القضاء إلى أبي موسى الأشعري ، وقد روى مسعر بن أزهر عن محارب قال : قال عمر : ( ردّوا الخصوم حتى يصطلحوا ، فإن فصل القضاء يورث بينهم الشنآن )[4] .
وإضافة إلى هذه الوسائل الأخلاقية ، والقضائية ، والاتفاقية فإن الإسلام شرع أمراً آخر يسهل عملية التقاضي ويختصرها وهي وسيلة التحكيم من خلال اللجوء إلى المحكم والحكم ، وهي وسيلة أولى لها الفقه الإسلامي عناية قصوى ، فنظمها تنظيماً جيداً ووضع لها ضوابط وقواعد ، كما كان لها دورها في حل النـزاعات بين المسلمين .
وقد غدا للتحكيم اليوم أهمية قصوى وبالأخص في نطاق التجارة الدولية حيث أصبح أهم وسيلة تلجأ إليها الشركات والمؤسسات المالية لحسم خلافاتها التي تتعلق بتفسير العقد ، أو تنفيذه ، وذلك بسبب التكاليف الباهظة للمحاكم وخاصة في الدول الغربية ، وبطء قراراتها وإجراءاتها ، إضافة إلى جهل أحد الطرفين بتفاصيل النظام القضائي لتلك الدولة التي تتـتْبعها الشركة ، أو عدم الثقة به ، ناهيك عن أن التحكيم يستند أساساً إلى إدارة الطرفين اللذين يختاران الأشخاص الذين يتولون مهمة التحكيم ممن يتصفون بالحياد والاستقلال ومعرفة نوعية التعامل التجاري الذي حدث النـزاع بسببه والقواعد الواجبة التطبيق ، مما يؤدي إلى ثقة الطرفين بأن نـزاعهما ستتم تسويته بشكل عادي وقانوني وبشكل طوعي وليس قسراً ، وهذا يجعل العلاقة بينهما مستمرة دون ضغينة أو قطيعة .
ولأجل هذه الأهمية وجدت مراكز للتحكيم الدولي في مختلف المجالات وبالأخص في مجال التحكيم التجاري ، وأصبحت لها مكانة مرموقة دولياً ، مما حدا بالمنظمات الدولية بوضع قواعد خاصة بالإجراءات التي تتبع في سير عملية التحكيم[5].
ولهذه الأهمية الدولية للتحكيم أنشأت الأمم المتحدة لجنة خاصة تسمى لجنة القانون التجاري الدولي، وقامت بوضع قواعد خاصة بالتحكيم تسمى بقواعد لجنة القانون التجاري الدولي،كما قامت بوضع قانون سمي بالقانون النموذجي للتحكيم حتى تهتدي به الدول الأعضاء لتطوير قوانيها الخاصة بالتحكيم.
وقد تطورت فكرة التحكيم في الغرب مع النهضة الصناعية والتجارية فأنشأت في لندن عام 1892م غرفة لندت للتحكيم ، ثم تحولت إلى محكمة لندن للتحكيم عام 1903م ، ثم تغير اسمها إلى محكمة التحكيم الدولي في لندن (L C I A ) منذ عام 1981م ، ولا تخلو الدول الغربية الأخرى عن مثلها ، ففي باريس توجد محكمة التحكيم للغرفة التجارية الدولية ، وفي نيويورك جمعية التحكيم الأمريكية ( A A A ) منذ عام 1984م ، وفي فينّا المركز التحكيمي للغرفة التجارية الاقتصادية ، إضافة إلى مراكز كثيرة في بلدان العالم تختص بالتحكيم الدولي التجاري وغيره .
وقد اهتمت البلاد الإسلامية والعربية بالتحكيم فأفردت له باباً خاصاً في قوانين المرافعات المدنية والتجارية ، أو من أصول المحاكمات المدنية ، بل خصته بعض الدول كالمملكة العربية السعودية بنظام مستقل من خلال المرسوم الملكي رقم (26)في 12/7/1403هـ ، كما أن معظمها انضمت إلى اتفاقية نيويورك عام 1958م وصادقت عليها .
ومن جانب آخر أنشئت مراكز دائمة دولية وإقليمية للتحكيم منها المركز الإقليمي للتحكيم بالقاهرة ، والمركز الإقليمي للتحكيم في كوالالمبور بماليزيا [6]، ومنها مركز التحكيم الإسلامي بجامعة الأزهر الذي بدأ يزاول نشاطه منذ عام 1995م ، والذي تنصّ المادة (23) من لائحته على أن ( تطبق هيئة التحكيم على النـزاعات المعروضة أمامها مبادئ الشريعة الإسلامية وتختار ما تراه مناسباً من الآراء وفقاً لاجتهادها إلاّ إذا ألزمها الطرفان بتطبيق مذهب فقهي معين دون غيره )[7].
وقد أولت الدول والمؤسسات المالية عناية كبيرة بهذا المجال حيث عقدت اتفاقيات جماعية وثنائية ، وتعقد سنوياً عدة مؤتمرات دولية وندوات علمية لأجل توضيح معالمها ومتابعة آخر القوانين واللوائح الدولية والإقليمية والتطورات القضائية والفقهية .
وبحثنا هذا لا يخوض في غمار التحكيم ذلك البحر المتلاطم الأمواج ، وإنما يتجه نحو التركيز على المبادئ العامة للتحكيم في الفقه الإسلامي وكيفية التحكيم في البنوك الإسلامي والمؤسسات المالية الإسلامية مستعيناً بالله تعالى أولاً ، ومستفيداً من كلّ ما أمكن الاستفادة منه من الكتب الفقهية والقانونية والاقتصادية ، ومن التطبيقات في هذا المضمار .
وأعتقد أن علينا جميعاً ـ باحثين وأصحاب مال ومؤسسات إسلامية ـ واجباً كبيراً لتوضيح معالم شريعتنا الغراء في مجال التحكيم ، والقيام بدراسات مستفيضة وندوات علمية ، بل ومؤتمرات دولية للوصول إلى إقناع المجتمع الدولي بعظمة الشريعة في هذا المجال أيضاً ، وأن فقهنا الإسلامي الخاص بالتحكيم مرن متطور يستجيب لكل قواعد العدالة ، حتى لا يتكرر مثلما حدث في بعض التحكيمات الدولية من استبعاد قانون إحدى دول الخليج بزعم أنه قانون متخلف لا يمكن استخدامه لتفسير ، أو حكم العلاقات التجارية الحديثة ، أو ما قيل في سبب رفض نظام آخر مأخوذ من الشريعة من ادعاء جاهل بأنه ( لا يحتوي أي حل للمشكلة المطروحة )[8].
والله أسأل أن يوفقنا جميعاً لخدمة شريعته الغراء ، إنه وليّ التوفيق .
كتبه الفقير إلى ربه
علي محي الدين القره داغي
غرة رجب 1422هـ
التحكيم عند اللغويين :
التحكيم : لغة مصدر حكّم يحكّم ـ بتشديد الكاف ـ أي جعله حكماً . والحُكْم ـ بضم الحاء وسكون الكاف ـ هو القضاء ، وجاء بمعنى العلم والفقه والقضاء بالعدل ، ومنه قوله تعالى: ( وآتيناه الحكم صبياً )[9] ، ومنه الحكمة بمعنى وضع الشيء في محله .
والحَكَم ـ بفتح الحاء والكاف ـ من أسماء الله تعالى ، قال تعالى : ( أفغير الله أبتغي حَكَماً )[10] ، ويطلق على من يختار للفصل بين المتنازعين وبهذا ورد أيضاً في القرآن الكريم ( وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حَكَماً من أهله وحَكَماً من أهلها )[11] . والمحكم هو الحكم ، واحد المحكمة هم الخوارج الذين قالوا : لا حكم إلاّ لله [12].
وقد تكرر لفظ ( حكم ) ومشتقاته في القرآن الكريم أكثر من مائتي مرة منها القضاء بين الناس وفصل منازعاتهم العامة والخاصة بالقسط كقوله تعالى : ( وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل )[13] ، وبمعنى البيان والحكم لخلافاتهم حول الإله والكون والمبدأ والمصير ، والقضايا الإنسانية كقوله تعالى : ( إنا أنـزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله )[14] .
وورد بلفظ (يحكموك) في قوله تعالى:(فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما)[15]،حيث نزلت هذه الآية في الزبير ورجل من الأنصار قد شهد بدراً ، تخاصما إلى رسول الله صلىالله عليه وسلم في شراج من الحرّة كانا يسقيان به كلاهما فقال رسول الله ـ صلىالله عليه وسلم ـ للزبير:(اسق ، ثم أرسل إلى جارك) فغضب الأنصاري فقال : يا رسول الله أن كان ابن عمتك ، فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال :(اسق ، ثم احبس حتى يبلغ الجدر )[16]،حيث يدل على ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يصلح بينهما بشيء فيه سعة للطرفين ، فلما لم يرض بالصلح حكم عليه بالحكم البيّن الذي فيه الحق الكامل للزبير[17].وبلفظ(يحكمونك) في قوله تعالى : ( وكيف يحكمونك وعنهم التوراة فيها حكم الله )[18].
وبلفظ ( حكماً ) ثلاث مرات وهي قوله تعالى : ( وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما )[19] ، والمراد بالحكم هنا من يرتضيه الزوج أو الزوجة للفصل بينهما بعدل ، أو من يختاره ولي الأمر أو من ينوب عنه من القضاة من أهل الزوجين للفصل في شقاق بينهما [20]. ومنها قوله تعالى : ( أفغير الله أبتغي حكماً وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلاً)[21] ، أي حكماً يرجع إليه في الحكم والقضاء ولا يختلف الأمر عن السنة حيث وردت هذه الكلمة ومشتقاتها كثيراً بهذه المعاني المذكورة [22].
التحكيم في اصطلاح الفقهاء :
عرَّفته مجلة الأحكام العدلية في مادتها 1790 فقالت : ( التحكيم عبارة عن اتخاذ الخصمين حاكماً برضاهما لفصل خصومتهما ودعواهما ) ، ويقال لمن ارتضى به الطرفان الحَكَم ـ بفتح الحاء والكاف ـ ، والمُحَكّم ـ بضم الميم وفتح الحاء ، والكاف المشددة ـ وبما أن حكم الحكمين ملزم ( لأنه إذا لم يكن ملزماً لم تتحقق الفائدة المنشودة ) فلا بدّ من إضافة الإلزام إلى التعريف ، فيكون التعريف الجامع المانع في نظري هو : أن التحكيم اتفاق طرفي الخصومة على تولية من يفصل بينهما بحكم ملزم )[23] .
والاتفاق يتم إما عن طريق العقد الموقع بينهما الذي ينصّ على شرط التحكيم ، أو يتم بأية وسيلة أخرى ، وخرج بلفظ الاتفاق القضاء حيث انه منصوب بأمر الدولة . ويشمل ( طرفا الخصومة ) الشخصين الطبيعيين ، أو الاعتباريين ، والمراد بالخصومة ما جرى فيه النـزاع بين الطرفين سواء كان المتنازع فيه مالاً أو غيره ، ولا بدّ من الخصومة والنـزاع ، لأنه بدونه لا يسمى تحكيماً. وقوله ( من يفصل بينهما ) شامل لفرد واحد أو لأكثر ، كما أنه شامل لهيئة ، أو مركز ، أو أية شخصية اعتبارية مثل مراكز التحكيم ، وخرج ( بحكم ملزم ) الفتيا التي يصدرها المفتي عندما يلجأ إليه المتخاصمان ) .
والتحكيم في اصطلاح القانونيين :
هو الاتفاق على إحالة ما ينشأ بين الأفراد من النـزاع بخصوص تنفيذ عقد معين ، أو على إحالة أي نـزاع نشأ بينهم بالفعل على واحد ، أو أكثر من الأفراد يسمون المحكمين ليفصلوا في النـزاع المذكور بدلاً من أن يفصل فيه القضاء المختص .
ويسمي أكثرهم الاتفاق مقدماً قبل قيام النـزاع على عرض المنازعات التي قد تنشأ في المستقبل خاصة بتنفيذ عقد معين على محكمين : شرط التحكيم ، وسماه نظام التحكيم السعودي والقانون المصري الجديد : وثيقة التحكيم ، في حين سماه القانون الكويتي ، ومجمع اللغة المصري : اتفاق التحكيم ، وسماه القانون اللبناني ( الفقرة الحكمية ) .
وأما الاتفاق على التحكيم في نـزاع معين بعد نشوئه فيسمونه مشارطة التحكيم ، وسماه القانون اللبناني ( العقد التحكيمي )[24].
وقد عرفت المادة 37 من اتفاقية لاهاي الأولى عام 1907م التحكيم الدولي بأنه تسوية المنازعات فيما بين الدول بواسطة القضاة الذين تختارهم وعلى أساس احترام القانون الدولي .
وإذا نظرنا إلى هذه التعريفات القانونية والدولية لوجدناها متقاربة لا تختلف في جوهرها عن تعريف الفقه الإسلامي ، ولا يضيره أنه لم يقسم التحكيم إلى ما قبل النـزاع وبعده وذلك لأن تعريفه له يشملهما ، وأن صدره لا يضيق بالتقسيمات الفنية بل يرحب بها .
المصطلحات المتشابهة بالتحكيم :
هناك عدة مصطلحات ( مثل القضاء ، والصلح والإفتاء ، والتوفيق ) لها شبه بالتحكيم من حيث البحث عن بيان حكم الله تعالى للمنازعات ومن حيث بعض الأحكام الأخرى ، وهي القضاء ، والصلح والإفتاء .
فالقضاء له شبه بالتحكيم من الأوجه التالية :
1.كلاهما يبحثان عن بيان حكم الله تعالى للقضية المتنازع فيها .
2.كلاهما يفصلان في الخصومات .
3.كلاهما يلزم بأحكامهما المتنازعان ، فحكم المحكم كحكم القاضي في الإلزام .
4.كلاهما لا يتصدى لمنازعات الناس دون رفع الأمر إليهما .
ولكن مع ذلك توجد فروق جوهرية من أهمهما :
1.أن ولاية القاضي أو الحاكم مستمدة من السلطة الشرعية ، في حين أن ولاية المحكم مستمدة من طرفي النـزاع ، وقد تكون مستمدة من القاضي في بعض الحالات .
ولا شك أن استناد التحكيم إلى رضاء من يلجأون إليه يضع في أيديهم رسم نطاق محدد لا يحق للمحكم أن يتجاوزه ، في حين أن القاضي ليس للمتنازعين سلطان عليه في رسم نطاق التقاضي إلاّ ما يخص بنود الاتفاقية .كما أن المتنازعين يملكان عزل المحكم في حين أن المتخاصمين ليس لهم أي علاقة بفصل القاضي ، بل القضاء في الإسلام وفي النظم المعاصرة مستقل عن السلطة التنفيذية.
2.أن ولاية القاضي أو الحاكم ولاية عامة حيث لا يخرج عن سلطة القضاء أحد ، ولا يستثنى من اختصاصه موضوع كما أنها هي الأصل والمبدأ العام في فصل المنازعات ، أما ولاية المحكم فهي ولاية فرعية خاصة بموضوع التحكيم المتفق عليه بين الطرفين[25].
3.أن عقد التحكيم عقد رضائي ، في حين أن القضاء ليس كذلك بالنسبة للمتخاصمين ، بل هو سلطة ونظام .
4.أن حكم المحكّم إذا لم يطبقه المتخاصمان ، وتنازعا فيه يلجأن إلى القضاء للإلزام إذن فمصيره إلى القضاء في هذه الحالة ، في حين أن حكم القاضي ملزم وواجب التنفيذ حيث تنفذه الأجهزة التنفيذية مباشرة .
5.إن حكم المحكم إذا رفع إلى القاضي يجوز له أن ينقضه إذا وجد فيه خللاً في مراحل التحكيم وقواعده ، في حين أن حكم القضاء في نفس مرتبته لا ينقض .