ويشترط في المنفعة التي تكون محلاًّ للإجارة الشروط التالية:


1- أن تكون معلومة علماً تندفع به الجهالة المؤدية إلى النزاع، وذلك ببيان محل المنفعة، وبيان مدتها، إلا إذا كانت الإجارة مرتبطة بإنهاء عمل، وببيان العمل في استئجار الصناع والعمال، وهناك تفاصيل تخص إجارة الأعيان والمنافع لا يسع البحث لذكرها([1]) هنا.


 


    إجارة المجهول للحاجة (أو الإجارة بالنسبة المئوية):


    ذكر ابن رشد أن طائفة من السلف، وأهل الظاهر ذهبوا إلى جواز إجارة المجهولات مثل أن يعطي دابته لمن يسقي عليها بنصف ما يعود عليه قياساً على المضاربة([2])، وهذا مذهب أحمد وابن سيرين، وإليه مال البخاري([3]).


2- أن تكون المنفعة متقومة أي أن تكون لها قيمة مقصودة حسب العرف، فلا تصح إجارة التافه الحقير الذي لا يقابل بالمال، وذكر بعض الفقهاء من أمثلتها استئجار تفاحة للشم([4]).


3- أن تكون مباحة الاستيفاء، فلا تكون معصية ممنوعة ولا طاعة واجبة، وهذا الشرط فيه تفصيل وخلاف([5]).


4- أن تكون مقدورة الاستيفاء حقيقة وشرعاً، فلا تصح إجارة المغصوب من غير الغاصب([6]).


5- أن لا تستهلك العين المؤجرة بالإجارة مثل الطعام([7]).


 


    بطلان عقد الإجارة وفسادة:


    من المعلوم فقهاً أن  الحنفية فرقوا بين الباطل والفاسد، فقالوا: الباطل ما كان الخلل في أصله (أي ركنه) والفاسد ما كان الخلل في وصفه (أي شرطه)، لكن الجمهور لم يفرقوا بينهما فإذا  اختلّت الأركان أو الشروط، أو كلاهما فإن الإجارة تصبح باطلة أو فاسدة([8]).


 


    الخيارات في عقد الإجارة:


بما أن عقد الإجارات من المعاوضات المالية الملزمة للطرفين فيَرِدُ عليها عدد من الخيارات مثل خيار المجلس عند الشافعية والحنابلة خلافاً للحنفية والمالكية([9]).


    ومنها خيار الشرط لزمن اختلف فيه الفقهاء بين محدد بثلاثة أيام، أوشهرين أو أكثر بحيث يكون للشارط حق الخيار في المدة المتفق عليها ويكون العقد غير ملزم بالنسبة له خلال تلك المدة، ثم إذا لم يفسخ العقد يصبح العقد باتاً ملزماً([10]).


    ومنها خيار العيب، حيث يكون للعاقد الحق في  الفسخ إذا وجد في المأجور عيباً تنتقص به المنفعة المقصودة في  الإجارة([11]).


    ومنه خيار الرؤية، وهو يثبت لمن لم يرد الشيء المعقود عليه عند من يقول به (وهم جمهور الفقهاء) وعند بعضهم إذا وصفه بأوصافه ثم وجد عليها فلا خيار له([12]).


 


    إيجار المستأجر العين المستأجرة لآخر بعد القبض وقبله:


 


    هناك تفصيل وخلاف، ولكن الجمهور على جواز ذلك سواء أكانت الأجرة في العقد الثاني أكثر من الأجرة في العقد الأول أم أقل ما دامت العين المؤجرة قد قبضت([13])، وأن محل الإجارة لم يكن مستأجراً، أما إذا كان مستأجراً فلا يجوز إلا بعد فسخ عقد الإجارة، ثم التأجير للآخر، أو للشخص المستأجر نفسه.


    واستثناء من الشرط الأول أجاز المالكية، ووجه للشافعية، ووجه للحنابلة، جواز التصرف في العين المستاجرة قبل القبض بإيجارها لآخر مطلقاً، وقيد الحنفية ذلك بالعقار دون المنقول([14]).


 


الضمان في الإجارة:


    يكاد الفقهاء يتفقون على أن يد المستأجر على العين المستأجرة في إجارة الأعيان يد أمانة، لا يد ضمان، فلا يضمن إلا بالتعدي أو التقصير، أو مخالفة الشروط، أوالعرف([15]).


    وأما الإجارة على الأعمال فالأجير المشترك ضامن عند جماعة من الفقهاء، والأجير الخاص غير ضامن عند الجمهور إلا في حالات التعدي أو التقصير أو المخالفة([16]).


 اعلى الصفحة


 





[1]- يراجع للمزيد: بدائع الصنائع: 5/2569؛ والذخيرة: 5/415؛ والروضة: 5/188. والمغني: 5/462.



[2]- بداية المجتهد: 2/371.



[3]- المغني لابن قدامة: 5/446؛ وصحيح البخاري- مع الفتح: 4/451.



[4]- يراجع: الفتاوى الهندية: 4/411؛ والذخيرة: 5/400؛ والروضة: 5/177؛ والمغني لابن قدامة: 5/433.



[5]- يراجع: بدائع الصنائع: 5/2561؛ ومواهب الجليل: 7/548؛ والذخيرة: 5/396؛ وروضة الطالبين: 5/184؛ والمغني: 5/549.



[6]- المصادر السابقةنفسها.



[7]- الفتاوى الهندية: 4/411؛ ومواهب الجليل: 7/448؛ والروضة: 5/184؛ والمغني: 5/552.



[8]- يراجع لمزيد من التفصيل: مبدأ الرضا في العقود للدكتور على القره داغي: 1/155- 177 ومصادره المعتمدة.



[9]- يراجع: فتح القدير: 5/81؛ وشرح ا لخرشي: 4/109؛ والمجموع: 9/184؛ والمغني: 3/563.



[10]- يراجع: فتح القدير: 5/110؛ وشرح الخرشي: 4/19؛ والمجموع: 9/225؛ والمغني: 4/520.



[11]- يراجع: الفتاوى الهندية: 3/72-73؛ وتكملة المجموع: 12/175؛ والمبسوط: 13/105؛ وبداية المجتهد: 2/175؛ ويراجع للتفصيل: الخيار وأثره في العقود للدكتور عبدالستار أبوغدة، ط. دلة البركة، ص192؛ وتراجع المجلة في موادها (497-506).



[12]- يراجع: فتح القدير: 5/137؛ وحاشية الدسوقي: 3/27؛ والمجموع: 9/330؛ والمغني: 3/494؛ ود. عبدالستار أبو غدة. المرجع السابق، ص493.



[13]- الفتاوى الهندية: 4/425؛ والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي: 4/7؛ والمهذب: 1/403؛ والمغني: 5/478.



[14]- حاشية ابن عابدين: 5/56؛ وحاشية الدسوقي:4/807؛ والمصادر السابقة.



[15]- بدائع الصنائع: 6/2644؛ والذخيرة: 5/502؛ والروضة: 5/226؛ والمغني لابن قدامة: 5/525.



[16]- يراجع للتفصيل والخلاف: بدائع الصنائع: 6/2644؛ والدسوقي على الشرح الكبير: 4/81؛ والروضة: 5/228؛ والمغني: 5/527؛ والفتاوى الهندية: 4/410؛ والذخيرة: 5/502.