-
بعد المشاركة على القضاء على الشيوعية أصبح ( نحن ) الضحية
-
الواقع الغربي والصراع ( الاستعمار ، والتنصير ، والاستشراق )
-
الانتاج الفكري والصراع
-
لماذا يكرهوننا
-
دور الأفلام
-
ورنا ( نحن ) في تشويه سمعتنا
-
نماذج من أصحاب الفكر الصراعي الغربي
تقرير مؤسسة راند
فوكاياما
صموئيل هانتنجتون
البابا بندكيت الـ 16
-
الاسلام والغرب ، أيهما يحارب الآخر
-
الاشكالية
-
أنواع المخاوف البارزة في العلاقة بينهما
-
موقف الاسلام من صراع الحضارات
-
الأصل هو نسة التدافع الايجابي والدفع بالتي هي أحسن
-
هل هذا يعني أن الصراع غير موجود ؟
نحن والغرب ، صراع أم حوار ؟ تصادم أو تعايــش ؟
بعد مشاركة المسلمين ( نحن ) مع الغرب ( الآخر ) في القضاء على الفكر الشيوعي أصبحنا ( نحن ) الضحية :
لم يصدق الكثيرون أن الصراع الرأسمالي مع المعسكر الشيوعي (أو صراع الغرب الرأسمالي مع الشرق الشيوعي) تنتهي بهذه السرعة ، وأن الحرب الباردة التي دامت بعد الحرب العالمية الثانية حوالي خمسين سنة أن تدفن آثارها بسرعة ، وأن ينتهي الاتحاد السوفيتي في عام 1992 ويدخل هو ومعسكره في أحضان الغرب الرأسمالي وتتغير سوقه الاقتصادية من الاشتراكية ، بل والشيوعية المتطرفة إلى اقتصاد السوق والاقتصاد الرأسمالي وتتحكم فيها العولمة ومنظمة الجات ، ثم المنظمة الدولية للتجارة الحرة .
وظن الكثيرين أنه بانتهاء هذا الصراع المرير الذي راح ضحيته مئات الملايين من البشر والترليونات من الدولارات تنتهي حقبة الصراع ، ويبدأ العالم عصراً جديداً من التفاهم والحوار ، وتحقيق السلم والسلام العالميين لتنعم البشرية بشيء من الهدوء وراحة البال ليفرغ العالم الغني لمساعدة العالم الفقير الذي يزيد على ثلثي السكان وليصرف جزء من نفقات الحرب الباهظة على إسعاد الفقراء وإغنانهم ، أو ليعيشوا عيشة كريمة تليق بالإنسان ، وعلى المرضى والأطفال المعذبين في العالم بسبب الفقر وسوء الغذاء وقلة الدواء .
وقد تحطمت هذه التوقعات على صخرة الواقع ، أدت بمعظم الساسة والمفكرين الغربيين يصنعون صراعاً آخر أكثر مرارة ، وهو الصراع مع الإسلام وحضارته ، ووضعه في دائرة العدوّ الأول مكان الاتحاد السوفيتي السابق ، مع أن الإسلام كان له دور عظيم جداً في إبطال الأفكار الإلحادية للشيوعية والقضاء على المادية الجدلية التي تقوم عليها الفلسفة الشيوعية ، كما أن المسلمين كان لهم دور كبير من خلال الجهاد في أفغانستان ، وحتى بعض الغربيين (مثل بريجيستكي مستشار الأمن القومي في عهد كارتر) اعترفوا بأنه لولا الجهاد الأفغاني ضد الاتحاد السوفيتي لما سقط بهذه السرعة .
ويبدو أن المفكرين الغربيين أمام الوضع الحالي لهم اتجاهان، اتجاه يميل إلى أن العلاقة يجب أن تكون علاقة حوار ، وتعايش ، وحسن جوار ، في حين يسير الاتجاه الآخر (وهو الغالب) ، وبالأخص في العقد الأخير إلى تبني صدام الحضارات ، واعتبار الإسلام أكبر خطر يهدد الحضارة الغربية وأمن دولها ، والمنظومة القيمية الغربية ، منطلقين من (الأنا المتضخمة الأقوى) متأثرين بما خلفته الحروب والصراعات الصليبية ، وما أثارته الكنائس ضد الإسلام والمسلمين منذ سقوط الدولة الرومانية في الشام ومصر ، ثم سقوط الإمبراطورية الرومانية الشرقية بالكامل في عهد السلطان محمد الفاتح من سقوط قسطنطين في أيدي الإسلام والمسلمين ، ثم التبريرات الاستشراقية التي ساندت المستعمرين لغزو ديار المسلمين .
لم يكن معظم الساسة والمفكرين الغربيين يفصحون عن نواياهم خلال الحروب الباردة ، حيث كان العدو الأول في نظرهم هو الفكر الأحمر الذي وراءه دولة قوية نووية تهيمن على نصف أوربا ولها نفوذها القوي في معظم بلاد العالم .
بل إن هؤلاء كانوا يريدون أن يقف معهم العالم الإسلامي ضد الاتحاد السوفيتي ، ويسخرون القوة الدينية الإسلامية ضده ، وللحق نقول : إنهم قد استطاعوا في كثير من الأحوال الزج بالدول الإسلامية في هذا الصراع الرأسمالي الشيوعي لصالحهم ، فقد وجدوا من خلال الحوار المسيحي الإسلامي والعلاقات الدينية التي ربطت بين الجهات الدينية الإسلامية الرسمية والجهات الكنسية توجيه ضربات قاصمة لظهر الفكر الشيوعي الإلحادي .
وفي اعتقادي أن الأيدلوجية الشيوعية ما كان باستطاعة الفكر المسيحي المهلهل أن ينال منها بشيء يذكر ، ولكن الذي استطاع أن ينال منها بقوة ، وينقض غزلها تماماً ، ويسقط بنيانها من أساسها هو : العقيدة الإسلامية ، والفكر الشمولي الإسلامي الجامع بين النقل والعقل .
وهذا لا يعني أن ما قام به هؤلاء المفكرون الإسلاميون كان في خدمة الإستراتيجية الغربية ، لأنهم لم يفعلوا إلاّ خدمة لدينهم أمام فكر إلحادي فاضح يعتبر الدين ـ حتى الإسلام ـ أفيون الشعوب ، ولا يعترف بأي قيمة أخلاقية في مجال الأسرة والمال ، فكان هذا الدفاع من الواجبات الإسلامية قبل أي شيء آخر .
ولكن القصد هو أن الساسة الغربيين استفادوا من كل ضربة موجهة فكرياً إلى الفكر الأحمر ، كما استفادوا سياسياً من كل صراع بين المسلمين والفكر الشيوعي ، وبالأخص في أفغانستان حيث جيشوا كل الطاقات الممكنة لإسقاط الاتحاد السوفيتي ، أو إضعافه في أفغانستان التي كانت شراكاً ومصيدة له (أيَّ مصيدة) فسخروا أموال جميع الدول في فلك الغرب ، وضخموا خوفها من وصول السوفيت إلى بلادها لإسقاط أنظمتها التي كانت تعتمد على الغرب في إبقائها .
وقد تحقق الهدف المنشود للغرب ، وهو إسقاط الاتحاد السوفيتي بأموال المسلمين ودمائهم ، ولكن جميع نتائج الانتصار عادت إلى الغرب فقط ، حتى المجاهدون في أفغانستان ـ بسبب خلافاتهم ـ حارب بعضهم بعضاً إلى أن انتهوا بحركة طالبان التي آلت هي الأخرى إلى الزوال والاضمحلال ـ كما شاهدنا ـ فلم يستفيد هؤلاء وأولاء شيئاً يذكر ، لا أقاموا دولة الإسلام ، ولا حافظوا عليها ، ولا أصبحوا قدوة لغيرهم في التضحية والإيثار وتقديم مصالح الأمة على مصالح أنفسهم .
وأما المجاهدون العرب (أي الأفغان العرب) فقد كان جزاؤهم جزاء سنمار حيث منعوا حتى من العودة إلى ديارهم ، وحوربوا من نفس الحكام الذين شجعوهم بالمال والدعم المعنوي واللوجستي لهم ، حتى يبقوا مشكلة لإثارة مشكلة أخرى تستغل أيضاً لصالح القوى .
ومن خلال ذلك نفهم توجيه القرآن الكريم للمسلمين أن لا يفرحوا بهزيمة قوة على أخرى أو انتصارها إذا هم لم يستفيدوا من صراع القوتين حيث يقول تعالى : ( ألم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنيين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذٍ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون)[1] فالمؤمنون يجب أن يفرحوا بنصر الله لهم وقد كان نصر الله لهم حينما أسقطوا الإمبراطوريتين المنهمكتين بالصراع فيما بينهما.
وما فعله الغرب (وبالأخص أمريكا) مع المسلمين خلال الحرب الباردة تفسيره حقاً المفكر الأمريكي ـ صموئيل .ب. هانتجتون ـ في مقالته : صراع الحضارات ، حيث يذكر عدة حضارات ، وهي الحضارات الإسلامية ، والصينية ، واليابانية ، والهندية ، والأرثوذوكسية السلافية ، والأمريكية اللاتينية ، والأفريقية ، ثم يقترح بشدة أن تتحد الحضارة الغربية مع جميع الحضارات لكسر شوكة الإسلام ، والصين ، ثم تستوعب بقية الحضارات لتكون الهيمنة في الأخير للحضارة الغربية فقط[2] .
الواقع الغربي والإنتاج الفكري يدلان على ضرورة الصراع :
أولاً : الواقع والتأريخ بإيجاز شديد ( الاستعمار ، والتنصير ، والاستشارق) :
إذا نظرنا إلى الواقع الغربي والصراع الغربي مع العالم الإسلامي وما أنتجه الفكر الغربي في غالبه يدلان بوضوح على أن الغرب هو الذي يريد الصراع لتحقيق مآربه ، وتجسيد هيمنته الاستعمارية على عالمنا الإسلامي بل وعالمنا الشرقي لاستغلاله واحتلاله والسيطرة الكاملة عليه ، حيث بدأ الغرب بذلك منذ غزو الاسكندر الأكبر(35 ـ 324ق.م) للشرق الأوسط حيث بقي المحتلون الإغريق والرومان حوالي عشرة قرون إلى أن أزاحتهم الفتوحات الإسلامية ، ثم جاءت الحملات الصليبية الواحدة تلو الأخرى على الشرق الأوسط بدءاً من سنة 489هـ إلى وقتنا الحاضر ، حيث دامت على الشام قرنين من الزمن ، واحتلوا خلالها القدس الشريف عام 492هـ إلى أن حررها صلاح الدين الأيوبي عام 591هـ ، ثم لما يئسوا من الشرق الإسلامي الأوسط ركز الصليبيون الغربيون جهودهم للالتفاف على العالم الإسلامي لاقتلاع الإسلام وحضارته من غرب أوربا من خلال غزوهم للأندلس (897هـ ـ 1492هـ) وإبادة المسلمين فيها ، حيث لم يتركوا فيها مسلماً واحداً إلاّ أما أحد الخيارين القتل والحرق ، أو التنصير ، إلاّ الذين فروا بدينهم إلى المغرب ، ثم اعادة الكرة على قلب العالم الإسلامي (مصر والشام) من خلال حملة بونابرت (1769 ـ 1821م) وما ترتب عليها من آثار ، ثم الاستعمار البريطاني ، والفرنسي والهولندي ، والإيطالي والاسترالي لعالمنا الإسلامي من خلال القرنين الأخيرين ، حيث انتهت الحملات الحديثة بسقوط السلطة العثمانية التي كانت رمزاً لوحدة العالم الإسلامي ، وتمزق العالم الإسلامي إلى دويلات .
والخلاصة أن تأريخ الغرب مع الإسلام قائم على الصراع بسبب الجهل لحقيقة الإسلام ، وبسبب بالخوف منه ، وبسبب الصراع على الأرض والاقتصاد ، وبسبب تأجيج الكنيسة لنار الفتنة خوفاً على تأثر النصارى بالإسلام وتعاليمه فيدخلون في الإسلام ، لذلك أطلقوا على الرسول صلى الله عليه وسلم أنه : (المسيخ الدجال) وأثاروا النصارى ضد المسلمين عام 1189م من خلال تصوير تمثال للمسيح وهو ذبيح بسكين محمد[3] وكان شعار البابا أوربان الثاني في تأجيج نار الثأر من المسلمين ( إن الحرب المقدسة المعتمدة …ليست لاكتساب مدينة واحدة فقط ، بل هي أقاليم آسيا بجملتها)[4] حتى انتحل القس نصاً في الإنجيل للدلالة على حصر الملتزمين بالمسيحية في من يشارك في الحروب الصليبية ، حيث يقول (ومن لا يحمل صليبه ويأتي ورائي فلا يقدر أن يكون تلميذاً)[5] .
بل أفتى القس بأن الإبادة الجماعية للكفرة (أي غير النصارى من المسلمين و…) مشروعة ، بل تعتبر نحراً للقرابين إرضاءً للربّ ، حيث قالوا ( إن المسيحي الذي يبيد أعداء دينه …. إنما يفعل هذا ، وإنما ينحر للقرابين إرضاءً للربّ)[6] ولذلك استباح الصليبيون القدس الشريف حينما احتلوه عام 492هـ وقتلوا في حدود سبعين ألفاً من العباد والزهاد والنساء والأطفال حتى جاست خيولهم في دمائهم بين أطلال الخراب ، يذكر ابن كثير وغيره من المؤرخين أن الصليبين استباحوا القدس الشريف لمدة أسبوع للقتل والنهب والاغتصاب فقتلوا أكثر من ستين ألفاً ، منهم جماعة كثيرة من أئمة المسلمين وعلمائهم وعبادهم وزهادهم ممن فارقوا الأوطان وشدوا الرحال إليه ، كما نهبوا كل ما في المسجد ، ثم جعلوه اصطبلاً لخيولهم[7] في حين أن صلاح الدين عندما انتصر عليهم عاملهم بإحسان فداوى مرضاهم وأسعف جرحاهم ، وساعد فقراءهم على فك الأسر ، فأبلى بلاءً حسناً في القتال وفي السلم .
وأما ما فعله الصليبيون في الأندلس من تقتيل وتحريق وقيامهم بحفلات عامة لحرق المسلمين الذي لا ينتصرون فيندى له جبين الإنسانية .
وأما ما فعله الانجليز في فلسطين ، ثم تبعتهم أمريكا في تأييد العدو الصهيوني في جميع مواقفه وأفعاله وإرهابه وقتله وتدميره وتشريده للفلسطينيين ، ومذابحه النكراء في صابرا وشاتيلا وجرائمه اليومية المتكررة كل ذلك يعتبر من هذا الصراع المتأجج الذي يثيره الغرب نحو المسلمين المستضعفين .
وأما ما شاهدناه وسمعناه مما فعله الصرب النصارى بالمسلمين في البوسنة والهرسك فقد فاق كل التصورات من قتل وإبادة جماعية ، واغتصاب جماعي ، بل فاق تصورات أهل الغرب أنفسهم ولذلك أقيمت لقادة الصرب محاكم خاصة بجرائم الحرب .
وأما ما تفعله أمريكا اليوم بالمسلمين في أفغانستان وبالأخص المعتقلين في جوانتنامو ، وما تفعله في العراق من تدمير واستعمال للأسلحة المدمرة ، وقتل المسلمين الجرحى داخل المساجد ، وما فعله جنودها بسجناء أبو غريب من مشاهد يندى لها الجبين ، كل ذلك يعتبر من أشد أنواع الصراع اللاأخلاقي .
أو لا تكفي هذه التصرفات الرعناء ، والحروب المدمرة لإثارة الصراع والحقد والكراهية لدى المسلمين ، يقول المؤرخ الأمريكي كافين رايلي : (إن حمامات الدم علمت المسلمين أن يكرهوا الغرب ، كما لم يكرهوه من قبل …باختصار نجد أن الحضارة الإسلامية التي دمرها الصليبيون في بيت المقدس كانت أرقى واحتج للسلم من غزاتها) ثم يمضي مبيناً سماحة الإسلام والمسلمين من خلال ما حكاه أحد الصليبين الذين سجلوا مشاعرهم الإيجابية نحو المسلمين فيما بعد قائلاً : : (إن الرجال الذين قتلنا آباءهم وأبناءهم وإخوانهم وبناتهم وإخوانهم وقضوا نحبهم يتعذبون ، والذين استولينا على أراضيهم ، والذين سقناهم عرايا من بيوتهم …أعطونا ـ بعد ما انهزمنا ـ من طعامهم وأبقوا على حياتنا عندما كانا نتضور جوعاً ، وغمرونا بعطفهم ونحن تحت رحمتهم)[8] .
الدعم المستمر لكل من يتمرد على الإسلام :
يرى المسلمون كذلك أن أي شخص يتمرد على الإسلام فقد وجد له الغرب سنداً ومعيناً وداعماً بالمال والدفاع ، وهذا ما نشاهده على مستوى الأحزاب والحكومات والأفراد والمفكرين ، وقد رأينا كيف احتفل الغرب بسلمان رشدي ، وكيف أكرموه وأجزلوا له العطاء ، ومنحوه الجوائز والأوسمة ، وهكذا فعلوا مع غيره ، بل هذا ليس تكتيكاً ، وإنما استراتيجية ذكرها تقرير معهد راند للعام 2003 المسمى (الإسلام الديمقراطي المدني) .
الحملات التنصيرية :
لم يكف الغرب ـ أوربا وأمريكا ـ عن المحاولات الجادة لتنصير العالم الإسلامي بكل الوسائل المتاحة مستغلين الثالثوث اللعين (الجهل ، والمرض ، والفقر) لشراء الذمم وتحويل المسلمين إلى مسجيين مع ان أمامهم مئات الملايين من الوثنيين كان بإمكانهم توجيه حملاتهم نحوهم ، فقد بذل الغرب كل ما في وسعهم لتنصير المسلمين بدءاً من الحملات الصليبية ، إلى البعثات التنصيرية التي نشروها في العالم الإسلامي وصرفوا عليها مليارات من الدولارات ،و عقدوا لذلك مئات المؤتمرات ، والتي كان منها مؤتمر التنصير لزويمر في الخليج والقاهرة ، ومؤتمر تنصير المسلمين في ولاية كوارادو الذي يرفع شعار : ادفع ديناراً لتنصير مسلم[9] .
الاستشراق :
عرفت الموسوعة الميسرة للأديان المعاصرة الاستشراق بأنه : ( ذلك التيار الفكري الذي تمثل في إجراء الدراسات المختلفة عن الشرق الإسلامي ، التي تشمل حضارته ، وأديانه ، وآدابه ، ولغاته ، وثقافته )[10] .
وقد نشأت فكرة الاستشراق منذ وقت مبكر ، ولكنه أخذ طابع الكنائس في فينا عام 1312م قرار بإنشاء كراس للدراسات العربية والإسلامية ونحوها في جماعات باريس ، وبولونيا وغيرهما رغبة منه في الافادة من الحضارة الإسلامية ، ومن منع تأثيرها على النصارى ، لكن توجيه الكنيسة لتعلم اللغة العربية هو لترجمة القرآن والسنة والعلوم الإسلامية إلى اللغات الأوروبية بصورة مشوهة لتصبح سداً منيعاً لنشر الإسلام ، وهذا ما فعله معظم المستشرقين الأوائل حتى قبل القرار المذكور ، فقد قام بيتر ميجل بترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الاسبانية عام 1143م ترجمة مشوهة عدوانية ، حتى جعلها جزءاً دعائياً للحروب الصليبية[11] حيث دعا أوروبا لحرب هذا الدين المتوحش ، وبالاضافة إلى هذه النزعة الصليبية للاستشراق كان لدى معظم المستشرقين جهل كبير بدقائق اللغة العربية ، والعلوم الأساسية التي تعتبر أدوات لفهم الشريعة ، وعدم الموضوعية ، والافتراء والاستعلاء .
وأياً ما كان فكان للاستشراق دور كبير وخطير في صياغة التوصرات الغربية عن الشرق عامة ، وعن العالم الإسلامي بصورة خاصة معبراً عن الخلفية الفكرية للصراع الحضاري بينهما[12] وليس كلامنا هذا يقصد به التعميم ، حيث كان هناك بعض مستشرقين يتحلون بنوع من الانصاف والموضوعية .
ثانياً : الإنتاج الفكري :