بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين محمد وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه إلى يوم الدين

وبعد

   فقد أصبحت هيئات الفتوى والرقابة الشرعية جزءاً أساسياً من المؤسسات المالية الإسلامية ، وشرطاً لوجودها ، وركناً ركيناً منها ، وبدونها لا يعترف بشرعيتها حتى على مستوى معظم البنوك المركزية التي لا تعطي التصريح إلاّ بعد استكمال هذا الشرط وتحقق هذا الركن .

  كما أن جميع النظم الأساسية ، والعقود التأسيسية للمؤسسات المالية الإسلامية تنص على أن قرارات هيئاتها الشرعية ملزمة بالإجماع ، أو بالأغلبية .

  لذلك كله فإن للهيئة الشرعية لأية مؤسسة مالية إسلامية دوراً كبيراً وتأثيراً بالغاً ( سلباً ، أو إيجاباً ) على مسيرة المؤسسة نفسها ، ليس من حيث الالتزام ( أو عدمه ) بأحكام الشريعة الإسلامية ومبادئها ومقاصدها فحسب ، بل من حيث تطوير منتجاتها وآلياتها ودقة عقودها ، وضوابط خطواتها ، والتدقيق على تطبيقها وتنفيذها أيضاً … .

  ومن هنا فأي اهتمام ـ مهما بلغ ـ بهذه الهيئة من حيث أعضاؤها واختيارهم والضوابط الحاكمة ، والشروط الضابطة لهم ، يكون في محله ، ويعود بالنفع والفوائد على المسيرة الاقتصادية الإسلامية ، والصيرفة الإسلامية ، والهندسة المالية لهذه المؤسسات .

  ولذلك تشكر هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية بتخصيص أوقات جيدة وموضوعات قيمة لبحث هذا الموضوع ، واستجلاء مزيد من عناصر البحث للوصول بهذه المؤسسة  ( الهيئة الشرعية ) إلى القمة من حيث الشكل والكيف والعمل والتدقيق ، فهي بحق مِلح المؤسسات المالية الإسلامية ، إذ بها تصلح وتتطور في إطارها الشرعي ، وتصل إلى أهدافها المنشودة وغاياتها المرجوة ، وإلى رضاء الله تعالى ، وتحقيق حسنتي الدنيا والآخرة ما دامت الهيئة الشرعية قوية مؤثرة مبدعة مبتكرة ملتزمة بأحكام الشريعة الإسلامية الغراء ومقاصدها العظيمة العامة والخاصة ، دون لف ولا دوران ، ولا تحايل ولا خروج عنها لأي سبب كان .

  ولذلك يكون بحثنا في هذه العجالة عن اختيار أعضاء الهيئات الشرعية ، وضوابط هذا الاختيار ، سائلين الله تعالى أن يكسو عملي هذا ثوب الإخلاص ، ويلبسه حلة القبول ، وأن يعصمنا من الخطأ والزلل في القول والعقيدة والعمل ، إنه حسبي ومولاي فنعم المولى ونعم النصير .