بسم الله الرحمن الرحيم

 

  الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين محمد ، وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه إلى يوم الدين …..وبعد:

  فقد أولى الإسلام عناية قصوى بتنظيم الالتزامات الآجلة ، ولذلك نجد أن أطول آية في القرآن الكريم على الاطلاق هي آية الدين ، وأن الأحكام الخاصة بالدين من حيث البيع والزيادة والربا في غاية من الدقة والحيطة وخطورة المآل ، حيث لم نر ايذاناً بحرب من الله ورسوله إلاّ على الربا : (يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِىَ مِنَ ٱلرِّبَوٰاْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَٰلِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ)  .

   ولهذه الأهمية خصص مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي بحث قضايا الدَّيْن في أكثر من دورة ، فقد بحث موضوع بيع الدين في دورة مؤتمره الخامسة عشرة ، ودورته السادسة عشرة ، كما خصص بحث موضوع فسخ الدين بالدين في دورة مؤتمره هذا ، وشرفني ـ مع بعض الزملاء ـ بدراسة هذا الموضوع دراسة فقهية تأصيلية لإصدار أحكام مناسبة بهذا الصدد.

  وقد قمت في هذا البحث بعد التعريفات المطلوبة للدين والفسخ بتحرير المراد بفسخ الدين في الدين ، وصور فسخ الدين في الدين باعتبار أسباب الفسخ ، وهي خمسة ، وبيان اختلاف الفقهاء في كل سبب وآثاره ، وصور فسخ الدَّيْن بالدَّيْن باعتبار ذات الدين ، والفسخ وحقيقتهما حيث بهذا الاعتبار تصل صوره إلى عدة صور ، كما تطرقنا إلى بعض تطبيقاته لدى الفقهاء القدامى والمعاصرين .

  وفي الختام أتضرع إلى الله تعالى أن يكسو عملي هذا ثوب الاخلاص ويجعله سبباً لخلاصي ، ويجمله بحلة القبول ، فهو سبحانه خير مسؤول وأكرم مأمول ، وانه مولاي وحسبي فنعم المولى ونعم الوكيل .

 

                                                                                          كتبه الفقير إلى ربه

علي بن محيي الدين القره داغي

الدوحة 1 شوال 1425هـ