بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعامين محمد وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه إلى يوم الدين
وبعد
فقد لعب الوقف الإسلامي على مر العصور دوراً عظيماً في خدمة العلوم والحضارة الإسلامية ، والبناء والتعمير ، والتنمية البشرية والاجتماعية ، حتى يمكن القول بأن حضارتنا هي حضارة الوقف والمؤسسات الطوعية الخيرية ، بل قد استفاد من فكرة الوقف الغرب فأقام معظم مؤسساته العلمية على أساس الوقف أو (الترست).
ولكن هذا الدور غُيّب ، أو أريد له التغييب منذ فترة ليست وجيزة لعدة أسباب واعتبارات ليس هذا البحث مجال إثارتها ، والمهم أنه مع الصحوة المباركة عاد الاعتناء الكبير بالوقف ومؤسساته ، وتنميته وتطويره .
ومن الإنصاف وإرجاع الفضل لأهل السبق أن أقول : إن الكويت ـ حكومة وشعباً ومؤسسة ـ كان لها ولا زال الريادة والسبق في هذا المجال ، حيث عقدت عدة ندوات ومؤتمرات حول موضوعات الوقف المتعددة .
وفي هذه الندوة التي ستعقد في اكتوبر 2003 تبحث قضايا وقفية متخصصة ، حيث طلب مني أن أكتب حول موضوع : (ديون الوقف) من حيث ذمة الوقف المالية ، ومدى تعلق الديون بها ، وحكم الاستدانة للوقف ، أو عليه ، وضوابط الاستدانة ، وتكوين مخصصات من ريع الوقف للديون المعدومة والتصرف في ديون الوقف ونحو ذلك مما يتعلق بهذا الموضوع الدقيق .
وقد واجهتني صعوبات في كتابة هذا البحث وبالأخص في مجال المصادر الفقهية ، حيث لم أجد في المصادر القديمة إلاّ نصوصاً قليلة ، ولكن الغريب أنني لم أجد في المصادر الحديثة للوقف التي اطلعت عليها علاجاً لهذا الموضوع ، بل ولا بحثاً له ، وحتى المراجع الحديثة التي تخصصت في الدين والاستدانة والقواعد المحاسبية لأموال الوقف لم أجد بحثاً مناسباً لموضوع ديون الوقف ، وقصدي من هذا الكلام حتى يكون تبريراً للقصور إن وجد في بحثي هذا .
والله أسأل أن يوفقنا لما فيه الخير والسداد والرشاد ، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم ، ويعصمنا من الخطأ والزلل في العقيدة والقول والعمل إنه مولاي فنعم المولى ونعم النصير .