بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله
الطيّبين وصحبه الغر الميامين ومن تبعهم بإحسان الي يوم الدين.

وبعد

 فإن الإسلام قد
انطلق في تعامله مع غير المسلمين من مجموعة من المنطلقات العظيمة ، والمبادئ
الرائدة ، والقيم السامية ، من أهمها مبدأ كرامة الإنسان ، وأنه فد نفخ فيه من روح
الله ، حاله في ذلك حال المسلم ، وبالتالي فلا يجوز الاعتداء عليه ، بل تجب كرامته
واحترامه في حدود احترامه للآخر .

 ولم يكتف
الإسلام في هذا المجال بوضع المبادئ وإقرار الأسس والقواعد الكلية والتشريعات
العظيمة ، بل طبقها على أهل الكتاب في مجمتع المدينة وما حولها ، حيث أقر وثيقة
عظيمة ( دستوراً ) تعترف بجميع الحقوق المشروعة لهم ، وأقام مجتمع العدل والإحسان
مع الجميع .

 وفي عصرنا
الحاضر تغيرت معظم قواعد التعامل بين الأمم والأديان ، فأنشئت المنظمات الدولية
للحفاظ على السلم الدولي ، والتعامل الدولي ، وشرعت تشريعات أممية ، ودولية تتدخل
في بعض الأحيان في شؤون العلاقات في ضوء حقوق الإنسان ، وهذا يقتضي أن يكون الدعاة
المسلمون على دقة متناهية في الخطاب والتعامل .

 ومما يزيد هذا
الأمر عناية ورعاية أن الإسلام في أوروبا الغربية لا يزال غير ممكن ولا لَهُ قِدَمُهُ
الذي يرسخه في الأذهان ـ كما هو الحال بالنسبة للمسيحية ـ ولا يتمتع بالحماية
القانونية ـ كما هو الحال بالنسبة لليهود ـ بل إنه لم يتم الاعتراف به في بعض
الدول إلى الآن .

 وفي ظل هذا
الوضع يجد الاسلام نفسه في ساحة لديانات أخرى فيها رسوخ مهما تكن درجة تأثيرها في
توجيه الحياة ، ولمذاهب فلسفية لها الدور الفاعل في التشكيل الحضاري لمختلف
المجالات ، وبالنظر إلى التأريخ وملابساته في علاقة الإسلام بالأديان ، وللاختلاف
الجذري بينه وبين أغلب المذاهب الفلسفية ، فإن الإسلام لكي يكون وجوده في أوروبا
وجوداً مثمراً لما فيه خير المجتمع الأوروبي بجميع مكوناته أن يكون موقفه من
الأديان والمذاهب الفلسفية موقفاً حكيماً يقوم على علاقة بها تتأصل على مبادئ
الدين نفسه عقيدة وشريعة ، وتتوخى في الواقع الكرق والمناهج التي تضمن له أن يكون
مسهماً في تحقيق الخير للمجتمع الأوروبي بأكمله .

ونحن في هذا العجالة نحاول أن نوضح هذه المبادئ والأسس
الإسلامية العظيمة والتجارب الإسلامية التأريخية بقدر ما تسمح به طبيعة البحث ،
متضرعاً
إلى الله تعالى أن يكتب لنا التوفيق والسداد ، وأن يعصمنا من الخطإ والزلل في
العقيدة والقول والعمل وأن يتقبّل منا بفضله ومنّه إنه حسبناً ومولانا فنعم المولى
ونعم النصير .                                           

 

                                                                       
كتبه الفقير الى ربه

 على محيى الدين القره داغى