بسم الله الرحمن الرحيم

 


 الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين محمد وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه إلى يوم الدين


وبعد


  فإن الأديان السماوية الصحيحة كلها لم تنزل إلاّ رحمة للعالمين ، وعزة وكرامة للناس أجمعين ، وهداية للإنسانية وإصلاحاً لكل جوانب الحياة الفكرية والعقدية والسياسية والاجتماعية ، وتزكية للنفس البشرية ، وتهذيباً لها حتى تستطيع من خلال زاد الروح والإيمان والعقيدة أن تشق طريقها فلا تضل ولا تشقى ، ولا تكد ، تضحى ، وموعظة للقلب ليكون رقيقاً حنيناً فلا يرين بسبب الذنوب والعصيان ، ولا يقسو ويغلظ بسبب الظلم والطغيان .


 وقد أولى الإسلام عناية خاصة بالإنسان كله فكرمه ، وفضله على سائر المخلوقات فقال تعالى :  ( ولقد كرمن بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا )[1] وحمى حريته وكرامته فلم يسمح بأن يمارس ضد حريته أي إكراه حتى ولو كان يتعلق بالدين الحق فقال تعالى : ( لا إكراه في الدين )[2] ، وقال تعالى : ( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر )[3] .


 وقد وسع الإسلام دائرة الرحمة لتشمل الكون كله حيث أوجب أن تكون الرحمة شاملة للإنسان والحيوان ، والبيئة ، فقال تعالى : ( وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين )[4] وحرّم الظلم مطلقاً وتخويف الأبرياء وترويع الآمنين .


 ولأهمية الرحمة في الإسلام اشتقت منها صفتان واسمان لله تعالى ( الرحمن الرحيم ) إضافة إلى  ( الرؤوف) كما وصف الرسول أيضاً ( رؤوف رحيم ) ويبدأ المسلم كل أعماله ببسم الله الرحمن الرحيم ، حتى لا ينسى الرحمة ، فلا يكون قاسياً ولا شقياً ، وأن تحيته في الدنيا والآخرة ( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ) أي الأمن والأمان لكل من يسمع ، لأني مسلم مسالم .


 والإسلام هو الدين الخاتم المكمل المصدق لبقية الأديان السابقة يريد للإنسان أن يجمع سعادتي الدنيا والآخرة ، وبين أمن النفس ، وأمان البدن ، وبين سلام الفرد وسلام المجتمع ، ولذلك اختير لهذا الدين اسم ( الإسلام ) من السلم والسلام ، واسم ( الإيمان ) من الأمن والأمان .


  ونحن في هذه الدراسة نتحدث عن حقيقة الإسلام ومعالم رحمته وجماله الجواني وحضاراته في الفصل الأول ، كما نتحدث في الفصل الثاني عن الإرهاب والترويع في جميع الأديان السائدة ، وفي الإسلام ، والتطبيقات المعاصرة في ظل هذه الأديان حتى تكون الصورة واضحة لكل من يريد أن يدرس دين الإسلام ، فيعرف حقيقته ويتعرف على ماهيته ، ويفقه أحكامه ونصوصه .


 وإنني أرجو بهذه الدراسة المتواضعة قد قدمت شيئاً نافعاً للقراء الكرام سائلاً الله تعالى ان يجعل أعمالي خالصة لوجهه الكريم ، وأن يعصمني من الخطأ والزلل في العقيدة والقول والعمل ، إنه مولاي فنعم المولى ونعم النصير .



 


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



([1]) سورة الإسراء / الآية (70)



([2]) سورة البقرة / الآية (256)



([3]) سورة الكهف / الآية ( 29 )



([4]) سورة الأنبياء / الآية ( 107 )